يعانون من الترهيب والتخويف.. شهود قضايا الثورة.. (اسكت عشان ما تموت)
يبدو أن هناك جهات لا تريد أن تصل قضايا شهداء ثورة ديسمبر للمحكمة، الامر الذي دفعهم لترهيب وتخويف عدد من الشهود في هذه القضايا حسب ما نقلته لجان المقاومة بالعاصمة، وهذه الخطوة تؤكد أن هؤلاء الشهود مؤثرون ويمكن أن يغيروا في سير القضايا عند الادلاء بافاداتهم. وقالت لجان المقاومة في العاصمة الخرطوم إن ملف العدالة في السودان بعد الثورة يواجه العديد من التحديات، من بينها تخوف شهود رئيسين من تقديم شهادتهم في قضايا شهداء الثورة، ما يُعد عائقاً كبيراً أمام تحقيق العدالة وخطأً لا يغتفر، مشددة على أن الواجب حمايتهم والعمل على دعمهم نفسياً، باعتبار أن الشاهد هو بطل القصة وبدون شهادته لا تكتمل حيثيات القضية، وأكدت أن هذا الأمر من الأسباب الرئيسة التي جعلت معظم قضايا الشهداء مركونة في أدراج وكلاء النيابة.
وأوضحت لجان المقاومة في بيان مشترك أن النيابات مزحومة بالقضايا وقضايا الشهداء لا تجد عندها الأولوية، حتى بعد إنشاء نيابة مختصة كلفت بانتهاكات طويلة الأمد منذ تاريخ انقلاب النظام السابق، وهو ما يثقل مهمتها. وأضاف البيان: (هناك أيضاً حصانات لا ترفع الا عبر قيادات الأجهزة الأمنية وهو ما يعقد المسألة، كما أن مفهوم القبيلة العسكرية التي يجب أن تُحاسِب ولا تُحاسَب مازال سائداً عندها، كذلك هناك شهود رئيسين يعانون من الترهيب والتخويف ولا تتحرك النيابة لحمايتهم).
ودعت لجان المقاومة جميع الثوار للاصطفاف صفاً واحداً خلف تحقيق العدالة، معتبرة أنه بدونها لا حرية ولا سلام، وتابعت قائلة: (الطريق إلى العدالة لا يتطلب عملاً شاقاً بقدر ما يتطلب توحداً خلف الهدف ودراسة المعيقات والعمل على حلحلتها واحدة تلو الأخرى). وطالبت المقاومة الجهات العدلية باتخاذ التدابير اللازمة لحماية الشهود في النيابات والأقسام، وتوفير البيئة المناسبة للشاهد ليقدم شهادته آمناً مطمئناً ويسهم في تحقيق العدالة. ووقع على البيان المشترك كل من تنسيقية لجان مقاومة أحياء الخرطوم شرق، تنسيقية لجان مقاومة كرري، تنسيقية لجان مقاومة جنوب الحزام، تنسيقية لجان مقاومة الخرطوم غرب، تنسيقية لجان مقاومة ام درمان القديمة، تنسيقية لجان مقاومة جبل أولياء، تجمع لجان أحياء الحاج يوسف، تجمع أحياء أمبدة السبيل ولجان مقاومة أبو آدم.
وسبق أن أكد رئيس لجنة التحقيق في فض الاعتصام نبيل اديب توفير الحماية الكاملة للشهود، واصدار لجان مقاومة الخرطوم هذا البيان يطرح كثيراً من التساؤلات، اولها ما هي الجهة التي لديها مصلحة لتعمل على إرهاب وتخويف الشهود؟ وكيف استطاعت الوصول اليهم في ظل الحديث المتكرر من الاجهزة العدلية عن توفر حماية كاملة للشهود؟، وهذه الخطوة ربما تدفع بعدد من الشهود لعدم الادلاء باقوالهم، وآخرين ربما يدلون بأقوال غير حقيقية خوفاً وحفاظاً على حياتهم.
ويؤكد رئيس القطاع القانوني بحزب المؤتمر السوداني كمال محمد الأمين أن ترهيب وتخويف الشهود الرئيسين في قضايا شهداء الثورة يؤثر في سير العدالة في القضية، وقال في حديثه : (على الدولة أن تضع برنامجاً لحماية الشهود وجميع تفاصيلهم حتى يتمكنوا من الادلاء بشهادتهم دون تأثير)، وشدد على ضرورة أن يتم التحري مع الشهود في أماكن غير محددة او معلومة مسبقاً، وقال: (يجب أن تحفظ بيانات الشهود خارج محضر التحري معهم حتى لا يتمكن اي شخص من اخذ المعلومات من المحضر والوصول لهم)، وأكد أن حماية الشهود تبدأ من التحري، ويجب ألا تتوفر اية معلومة حتى لا يصلوا لهم.
ونبه كمال الى أن كثيراً من الشهود يمتنعون عن الادلاء بشهاداتهم لانهم خائفون ولا تتوفر لهم الحماية، وقال ان الامتناع عن الادلاء بشهادتهم يمكن أن يؤثر بقدر كبير في سير قضايا شهداء ثورة ديسمبر، وجزم كمال بأن كل من يرى أنه قد يتضرر من شهادة هؤلاء الشهود يمكن أن يصل اليهم اذا لم يتوفر برنامج لحمايتهم، وقال: (بمجرد معرفة تفاصيلهم يمكن أن يصلوا اليهم ويؤذوهم، واي شخص من الشهود يريد أن يدلي باقواله دون ان يتعرف عليه احد)، وتابع قائلاً: (اي شاهد يجب أن يكون مطمئناً)، واشار الى أن المتحرين في قضايا الشهداء يجب أن يكون لديهم قدر كبير من السرية على المحضر.
الخبير القانوني هشام صلاح محمد قال إن تعرض شهود رئيسين في قضايا شهداء الثورة للترهيب والتخويف اذا كان صحيحاً فإنهم يكونون قد ضيعوا بينة حقيقية يمكن أن يستند اليها، وقد تؤثر بشكل كبير في سير العدالة في القضية، وقال في حديثه: (إذا كانت هذه التهديدات صحيحة، فيجب على لجان المقاومة أن تذكر الأسماء وتأتي بالشهود الذين تعرضوا لهذه المضايقات كي توفر الدولة لهم الحماية)، وأضاف قائلاً: (يجب أن يُحاسب كل من قام بترهيب وتهديد الشهود)، وأكد أن ترهيب الشهود يؤثر في سير العدالة، ويمكن أن يغير في مجرى القضية.
ونبه هشام إلى أن الدولة ملزمة قانوناً بأن توفر برنامجاً لحماية الشهود، حتى يتمكنوا من الادلاء بشهادات حقيقية دون التعرض لأي تأثير من أي طرف، وقال إن على الدولة ان توفر برنامجاً لحماية الشهود، ويجب أن تأتي بكل من هددهم وتحاسبه.
المصدر: الانتباهة أون لاين