ابحث عن هؤلاء يا ريس..!!
جاءنا من سبقوك على حُكم هذه البلاد المنكوبة منذ استقلالها بهم، بمبادراتٍ لا تُعد ولا تُحصى لو أثمرت شيئاً قليلاً لعبرنا وانتصرنا من زمانٍ طويل،
وصل أحد نُظّار الادارة الأهلية، والمعروف في زمانه بالحكمة ورجاحة العقل لصُلح في جريمة قتل مُعقّدة كان القاتل والمقتول فيها أبناء عمومة، اعترف فيها القاتل بجريمته وسلّم نفسه للسُلطات، واستطاع الناظِر بعد عقدِه لعُدة مجالس للصُلح استعان فيها بعُقلاء وحُكماء المنطقة، أن يصل معهم وبهم إلى صُلحٍ اشترطوا فيه أن يرحل الجاني مؤقتاً من المنطقة بعد اكماله لمُدة العقاب الحكومي ودفع الدية كاملة.
دخل خال القاتل المعروف عند الناس بالتنظير والكلام الكثير يوماً لمجلس الناظر وقد ظنّوا في بادئ الأمر بأنّه قد جاءهم بخبرٍ عن الدية، ولكنّه جاء يحمل مُبادرة قال عنها أنّه يستطيع اقناع أهل القتيل بالعفو بدون دية، ويجعلهم يوافقون كذلك على عودة القاتِل للعيش بينهم بسلام، وظلّ يتحدّث ويتحدّث عنها وانتهى بلا شئ مُفيد، وبعد أن أكمل حديثه سأل الناظر عن رأيه بصراحة في مُبادرته فرد عليه الناظر قائلاً إن صحي داير رأيي ألحق أهلك ديل خليهم يلمّوا الدية سريع سريع في شان أهل الميت ديل إن سمعوا نوع كلامك ده، ود أختك غايتو الحكومة بتكتلوا وإنت ذاتك ياكا الملحِقِنّك ليهو.
مُبادرتك يا حمدوك أسعدتنا جداً من حيث المضمون (النظري) لا سيّما والبلاد تعيش في ظروفٍ عصيبة، تحتاج حقاً لمبادرات جادة من الأبناء (الخُلّص) شريطة أن تكون متبوعة بعملٍ جاد، يعود نفعها على البلاد وأهلها، ولا تقتصِر فوائدها على صاحبها ومن حوله، وقد جاءنا من سبقوك على حُكم هذه البلاد المنكوبة منذ استقلالها بهم، بمبادراتٍ لا تُعد ولا تُحصى لو أثمرت شيئاً قليلاً لعبرنا وانتصرنا من زمانٍ طويل، وقد اجتهدوا على إخراجها نظرياً بطريقة تجعلها مقبولة لعزفها على وتر حاجة المواطن المأزوم، أرادوا أن يكسبوا بها تأييده ودفعه لدعمها، وما نال منها شيئا.
ما من مُبادرة ناجحة في أي مجالٍ من المجالات إلّا واحتاج من أطلقوها إلى أدوات لن تتحقق بدونها النجاحات، ومن أهمها أن تجد القبول ممن صعدوا بأعمالهم واجتهاداتِهم في الاصلاح والبناء، ومن حازوا بأفعالهم على ثقة الناس، ومن اختارهم حمدوك للقيام بهذا الدور للأسف لم يرتقوا للعمل العام بانجازاتهم وأفعالهم الايجابية في الحياة العامة، ومعظمهُم دخل عبر بوابات الانتماء لكياناتهم وأحزابهم، ولا يُرجى من أمثال هؤلاء شيئا، وقد تعرّضنا في هذه الزاوية للبعض منهم، وسألنا كيف لمن خفّت أوزانهم في وسط أهليهم أن يدعموها، والمُفترض فيهم أن يُضيفوا للمبادرة باعتبارها لفائدة عامة الناس لا أن يخصِموا منها.
اعترافك يا ريس بأنّ اختيار الأسماء لم يكُن موفقا، يُعتبر خطوة هامة لتصحيح الخطأ، وللنظر بعين المصلحة العامة لا بعين الأحزاب الضيّقة لمن يصلحون لمثل هذه المُبادرات، وما أكثرهم بيننا، واجعلوا معياركم للاختيار لمثل هذه المُهمات الوطنية هو الانتماء الحقيقي للوطن بالفعل لا بالكلام.
والله وحده المُستعان
بلا أقنعة – زاهر بخيت الفكي
الجريدة