الطاهر ساتي : اقتناص الفرص..!!
سودافاكس ـ :: وهذه من الروائع التي أحببت أن أقرأها معاً، فهي ليست (مجرد قصة).. عند لحظة تنفيذ عملية سطو بأحد البنوك، صرخ اللص موجهاً العملاء والعاملين بالبنك: (لا تتحركوا المال ملكُ للدولة، وحياتكم ملكٌ لكم)، فاستلقى الجميع على الأرض بكل هدوء، وهذا ما يسمى (تغيير مفاهيم العقل).. أي، تغيير الطريقة المثالية للتفكير بطريقة أخرى غير مثالية، ولهذا ظن الجميع أن أموال البنك ليست أموالهم، فاستلقوا على بطونهم بلسان حال قائل: (ياخ أنا مالي)..!!
:: ولكن سيدة لم تفهم توجيه اللص، إذ استلقت على الطاولة بشكل مثير، فصرخ فيها اللص: (كوني متحضرة، هذه سرقة وليست اغتصاب)، وهذا ما يسمى بالاحتراف، أي التركيز فقط على ما تدربت عليه، وما نويت تنفيذه، دون الاستجابة إلى أية مؤثرات أخرى.. وبعد تنفيذ السطو، اقترح أحدهم: (نعد الأموال التي سرقناها)، فزجره الزعيم: (لا، سوف نعرف حجمها من نشرة أخبار المساء)، وهذا ما ما سمي بالخبرة والتجربة، وهي أكثر أهمية من المؤهلات الورقية..!!
:: وهناك، بالبنك حيث موقع الحدث، بعد أن غادر اللصوص، كاد نائب المدير أن يتصل بالشرطة، ولكن أمره المدير العام بعدم الاتصال قائلاً: (انتظر قليلاً، دعنا نأخذ عشرة ملايين دولار ونحتفظ بها لأنفسنا، ثم نضيفها الى السبعين مليون دولار التي اختلسناها سابقاً)، وهذا ما يسمى (اقتناص الفرص)، أي تحويل الأوضاع غير المواتية لصالحك، بالعربي الفصيح: السباحة مع التيار..!!
:: المهم، في اليوم التالي، ذكرت أخبار المساء تعرض البنك لعملية سطو مسلح وأن المبلغ المنهوب يقدر (100 مليون دولار).. فرح اللصوص بالمبلغ المذكور في نشرة الأخبار، وشرعوا في عد المبلغ المنهوب الذي بطرفهم.. لم يتجاوز المبلغ (20 مليون دولار)، أو هكذا كانت المفاجأة، فعدوه للمرة الثانية، ثم الثالثة، وفي كل مرة يجدوا أن حجم المبلغ لا يتجاوز (20 مليون دولار فقط لا غير)..!!
:: غضبوا.. لقد غامروا بحياتهم من أجل (20 مليون دولار)، ولكن مدير البنك حصل على (80 مليون دولار)، بلا مغامرة، فالأفضل أن يكون المرء متعلماً بدلاً من أن يكون لصاً، أو هكذا حدثتهم أنفسهم، وهذا ما يمكن تفسيره بأن (المعرفة تساوي قيمتها ذهباً).. وهناك، كان مدير البنك سعيداً للغاية، ليس فقط لنجاحه في اختلاس (10 مليون دولار)، بل أيضاً لنجاحه في تغطية اختلاسات سابقة مقدرة بـ(70 مليون دولار)، وهذا ما يسمى (اقتناص الفرص)..!!
:: انتهت الحكاية، ولكن مغزاها تتوغل في حياتنا العامة بلا نهاية.. فاللص ليس هو فقط من ينهب أموال الناس ليلاً بقوة السلاح، بل كثيراً ما يكون هو المكلف بإدارة أموال الناس وحماية البلد طوال ساعات النهار.. وعليه، فإن اللص المحترف – المصقول بالعلم والخبرة والقانون والمنصب – أخطر على الناس والبلد من (اللص الهاوي)..!!
:: من إرشيف الكاتب ـ 2 يوليو 2013م
اليوم التالي