حيدر المكاشفي : الوقود..زيادات الغمتي
سودافاكس ـ مثل الحرامي الذي يتسلل خلسة وأهل الدار نيام لينهبهم، طبقت سراً وبليل حكومة الانقلاب زيادات كبيرة على أسعار الوقود (جازولين وبنزين)، ليتفاجأ أصحاب العربات وسائقو المركبات صباح اليوم التالي بهذه الزيادات في طلمبات الوقود، ليعلمهم بها للعجب عامل المسدس وليس وزير المالية أو الطاقة أو أي ناطق رسمي آخر، حيث لم تعلن الحكومة الزيادات عبر بيان رسمي كما هو معتاد خلال فترة ما قبل الانقلاب، ووفقا لقرار الزيادة الذي تم على طريقة الغمتي والشينة منكورة، ارتفع سعر لتر البنزين من (310) إلى (408) جنيها.
فيما ارتفع سعر لتر الجازولين من (295) إلى (390) جنيها، وهذه الأسعار تخص ولاية الخرطوم مع تنبيه للولايات الأخرى ل(مراعاة فروق الأسعار)، وهي بالطبع ستكون أكثر من ذلك بكثير، وعندما علم الناس بهذه الزيادات السرية، سارعوا للاصطفاف بسياراتهم أمام محطات الوقود، خوفا من أن تنفذ في الغد زيادة أخرى طالما طالما أن الزيادات صارت تفرض سرا والجمهور آخر من يعلم مثل الزوج المخدوع، ألم يحاول الانقلابيون خداع الناس بأنهم ما انقلبوا الا ل(تصحيح المسار) فيما انتهى أمرهم الى زيادة الأسعار.. ان الطريقة السرية التي تمت بها هذه الزيادات.
انما تكشف عن خصيصة يمكن ات تقرأ خسيسة انقلابية موروثة من انقلاب الانقاذ، فرغم هذه الزيادات الكبيرة على أسعار الوقود، مازالت حكومة الأمر الواقع تفرض رسومها الثلاث على الوقود،17% و3% للجمارك و2% لوزارة الطاقة والنفط، والشاهد هنا في هذه الزيادات غير المعلنة رسميا، أن (الغمت والغمتي) شيء مكروه في كل الأحوال لتناقضه مع الصراحة والوضوح والشفافية، وأيما أمر لا يراد له أن يعرف أو يكشف فانه (يغمت غمتا ولا من شاف ولا من دري).
وعلى ذكر الغمت والغمتي والغامتين والمغموت إليهم، تقتضينا الأمانة أن نعترف بأن الأستاذ عبد الرحيم حمدي الاقتصادي المعروف وعراب سياسات التحرير والخصخصة رحمه الله، كان هو أول من استخدم هذا المصطلح من السياسيين والاقتصاديين، كان ذلك عند وصفه لعملية بيع سودانير لشركة عارف بأنه (شغل غمتي)، والحقيقة ليست سودانير وحدها التي مورس عليها شغل الغمتي خلال العهد البائد، بل غيرها غير قليل، وكثيرا ما كان الناس يفاجأون بزيادات في اسعار السلع والخدمات غير معلنة.
ومن زيادات الغمتي تلك الكثيرة تستحضر الذاكرة تلك الزيادة الغمتي السرية التي فرضتها احدى حكومات العهد البائد على أسعار الكهرباء حتى من وراء المجلس الوطني الانقاذي بل ومن وراء لجنة الطاقة، وعلى هذا الدرب، درب (الغمت) يسير انقلابيو اكتوبر على هدي سيرة انقلابيو يونيو..ومن شابه أباه فما ظلم، على قول الشاعر كعب ابن زهير (أقول شبيهاتٍ بما قال عالما بهن ومن يشبه أباه فما ظلم)..