الجامعات السودانية : مصير مجهول و سنوات ضائعة …طلاب: (السمبك بس) والزواج فرصة للتعويض
التعليم العالي الحكومي.. مستقبل ضائع
طلاب إحدى الجامعات السودانية : سماح: انعدمت الرغبة لديّ وصديقاتي في الجامعات الأخرى تقدّمن في الدراسة
إلهام: تمنيت التخرج لأحمل العبء عن أبي الذي دفع لي من دم قلبه ولكن!!!
طالبة: دفعتي في الجامعات الخاصة تخرجوا منذ عام
طالب: ما زلت عالقاً “ومصيري مجهول”!!
التعليم العالي: هنالك طلاب نجحوا هذا العام وفضّلوا الدراسة بالخارج
24فبراير2022م
إذا كانت هنالك مأساة حقيقية، فهي المأساة التي يعيشها طلاب التعليم العالي بالجامعات الحكومية السودانية منذ ديسمبر من العام 2018 دون أن تكون هنالك أي مساعٍ حكومية لتصحيح الوضع..
والمأساة تتجسّد واضحاً وجلياً في حال الطلاب النفسي نتيجة لتوقف الدراسة بالجامعات السودانية الحكومية لأسباب كثيرة، منها إضراب اساتذة الجامعات، ومنها أسباب سياسية نتيجةً للأحداث السياسية المتقلبة عقب نجاح ثورة ديسمبر..
“الصيحة” بحثت في هذه القضية والتقت بعدد من الطلاب الذين اضاعوا سنوات عمرهم هباءً وتاهوا في متاهات الخروج منها من سابع المستحيلات وضاع مستقبلهم…
إهدار وقت
قال والد طالب جامعي لـ”الصيحة”، إنّ الجامعات الحكومية مجرد إهدار للوقت، وذلك بسبب الاغلاق المستمر، وماتت الرغبات في نفوس أعداد كبيرة من الطلاب، حيث كانت السنوات الماضية هي الأصعب على الإطلاق في ظل الوضع الراهن، وما تشهده البلاد من أزمات سياسية واقتصادية، وتبعات جائحة كورونا، وما سبقتها من أحداث ثورة ديسمبر المجيدة، وما خلفته تلك الظروف من تراكم ملحوظ في الجامعات الحكومية…
حسب متابعات “الصيحة”، فقد تخلى بعض الطلاب كلياً عن الدراسة، وعن طموحاتهم وأحلامهم، حيث أصبح الخوف أيضا يدب في نفوس الطلاب الذين تم قبولهم لهذا العام، وأصبح عدد كبير من الأسر تفر هاربة من دليل القبول الحكومي إلى الخاص والتي أصبحت رسومها خيالية، فهم مخيرون بين التعليم الخاص والذي سيكلفهم التضحية بكل شيء، أو بين التعليم الحكومي القابع خلف المستقبل المجهول، نتيجة للاغلاق المستمر للجامعات الحكومية.
حمدوك وكورونا والانقلاب
ذكر عددٌ من الطلاب التقتهم “الصيحة” انهم يطلقون أسماءً للدفعات المعطلة والذين مازالوا في المستوى الأول، كأولى حمدوك (طلاب تم قبولهم في عهد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك)، واولى كورونا (طلاب التحقوا بالجامعة في العام 2020)، وهناك أيضاً (أولى انقلاب)، وذكروا ان هؤلاء الطلاب ما زلوا عالقين في السنة الأولى، على الرغم من ان أقرانهم في الجامعات الخاصة تقدموا في المستويات الدراسية.
هامش
الطالب عمر المختار يحكي مأساته بسبب الاغلاق، قائلاً تعطلت دراستي وسبب لي أضرارا نفسية كبيرة، واضاف قائلا هذا التعطيل بلا شك خصمٌ من أعمارنا ومن حياتنا أيضا ومستقبلنا الذي أصبح هامشا، واضاف انا ما زلت عالقاً في المستوى الرابع، في حين ان اقراني تخرجوا وتوظفوا، وانا في عامي الرابع ولديّ سنة دراسية أخرى مجهولة المصير، وعلق قائلاً: افكر بجدية بان اضع حدا للمرحلة الجامعية بالتجاوز، والبحث عن مشروع آخر (زواج – عمل – سفر))..!
مصيري مجهول
فيما أعربت مها الطاهر بجامعة بحري، عن يأسها قائلةً (التحقت بالجامعة منذ العام 2016 وما زلت عالقة، وأنا انظر إلى مستقبلي يضيع أمام عيني وانا مكتوفة الأيدي)، وأضافت نحن طلاب الجامعات الحكومية ليس لدينا القرار أو حتى القُدرة في تقرير مصيرنا، خسرت أكثر من عامين خصماً من عمري ومن وقتي، على إدارة الجامعة أن تجد لنا الحل.
تضييعٌ للوقت
هبة القاسم تدرس في جامعه أم درمان الإسلامية، قالت لـ”الصيحة”، التحقت بالجامعة منذ العام 2017، وعدم الاستقرار في العام الدراسي تضييعٌ للوقت، لديّ احلام وأهداف أود تحقيقها وتعطّلت، ومضت قائلة: اول اغلاق للجامعة كان 2019، واستمر لـ8 أشهر، عدنا بعدها الى الدراسة في الجامعة لعام واحد فقط، ثم حصل إغلاق للمرة الثانية بسبب جائحة كورونا في العام 2020، حيث ضاع عامان من عمري ومستقبلي، دفعتي في الجامعات الخاصة تخرجوا منذ عام.
مصيرٌ ضائعٌ
أما الطالب محمد عبد الله بركة، يدرس إعلام بجامعة بحري، أوضح لـ”الصيحة”، تم قبولي في الجامعة منذ أكثر من 5 أعوام وانا إلى الآن في عامي الرابع ولم اتخرج بعد، ولولا حبي لتخصصي لتركت الدراسة، فمصيرنا الآن مهدد بالضياع.
تحقيق أحلام
التقينا بالطالبة إلهام حسن تدرس بجامعة الخرطوم قالت، كنت أتمنى أن اتخرج واحمل العبء عن أبي الذي دفع لي من دم قلبه من أجل أن أحقق حلمي في المحاسبة.
رغبة ضائعة
سماح تدرس بجامعة النيلين تقول إنني التحقت بالجامعة منذ العام 2020 وما زلت فى المستوى الأول والسمستر الأول، انعدمت الرغبة عندي بسبب الاغلاق، صديقاتي في الجامعات الأخرى تقدمت في الدراسة.
طلاب: (السمبك بس) والزواج فرصة للتعويض
التقينا بعدد من الطلاب من جامعات حكومية مختلفة، ظلوا ومازالوا ينتظرون مستقبلهم المجهول، اوضحوا لـ”الصيحة”، (إذا لم تستقر الدراسة، وظل الإضراب قائماً، والاغلاق استمر (تاني السمبك بس).
كما التقينا أيضا بفتيات من جامعات مختلفة عبر منصات التواصل الاجتماعي (فيسبوك) عبر القروبات الرسمية للجامعات، كانت آرائهن واحدة وهي الزواج من خلال بوستات تحت شعار، (بدورك يمة تفرحي بيا).
رأي اجتماعي
التقينا بالباحثة الاجتماعية أميمة، التي أخبرتنا عن أضرار اغلاق الجامعات والذي ادى إلى زرع اليأس والتمرد والخيبة في نفوس الطلاب، كما أوضحت أميمة ان للاغلاق مضار عديدة متمثلة في الفراغ الكبير الذي يشعر به الطلاب، والسؤال هنا، كيف يملأ الطالب فراغه؟ ربما تكون هناك أبعاد ومشاكل حقيقية، من ضمنها انحراف الأخلاق، والانجراف نحو الفوضى واستعمال أشياء تضر بالصحة كالتدخين بكثرة واستخدام الحبوب المخدرة أو مرافقة أصدقاء السُّوء.
الفرق
رصدت “الصيحة”، طلابا بجامعات حكومية مختلفة تعطلوا عن الدراسة وعن مستقبلهم، حيث ضاعت أعمارهم لأكثر من عامين، التحقوا بالجامعات منذ عام 2019 ومازالوا في المستوى الأول، وهناك طلاب لم يدرسوا شيئاً لأكثر من عام، حيث ما زالت دفعات 2019،2020،2021 في السنة الاولى وهذا يؤكد مدى التراكم الكلي للدفعات، فى حين أن الجامعات الخاصة تتقدم في المستويات الدراسية والتعليمية وتخرج الدفعات بشكل متتالٍ، بالرغم الظروف والأزمات التي شهدتها البلاد، وهذا يعكس مدى الفرق الكبير بين التعليم الخاص والحكومي
لمعرفة حل لهذه الأزمة المستفحلة جداً والتي اضاعت مستقبل الآلاف من طلاب الجامعات الحكومية. التقت “الصيحة” بمسؤول بارز في ادارة التعليم العالي، حيث قال بسبب اوضاع التعليم العالي الحكومي فضّل طلاب كثر نجحوا هذا العام في امتحانات الشهادة عدم التقديم للجامعات الحكومية ولجأوا للتقديم للجامعات الخاصة، وذكر ان بعضهم مباشرة فضّل الدراسة الجامعية في دول اخرى كمصر وتركيا ..
وأوضح ان التعليم العالي لا يملك أي حل للمشكلة، مقراً انها مشكلة صعبة جداً وتؤدي الى اعدام طلاب التعليم العالي الحكومي.
تحقيق : افراح الطيب – صحيفة الصيحة