محجوب مدني محجوب: الوزراء المكلفون إلى متى؟!
سودافاكس / قامت حكومة الخامس والعشرين من أكتوبر التي قادها الفريق عبد الفتاح البرهان بمجلس سيادي دون مجلس وزراء إلى الآن.
أوكلت هذه الحكومة مهامها بذات مسميات الدولة من وزراء وولاة وغيرهم إلا أنها أضافت إليها كلمة (مكلفون) باعتبار أن مهامهم مؤقتة، وذلك إلى حين إقامة مجلس وزراء ومجالس تشريعية، فهذه هي الجهات المختصة بتعيينهم ومن ثم تسليم البلد لحكومة منتخبة.
هذا هو الظاهر من مسمى (مسؤولون مكلفون) في حكومة الخامس والعشرين من أكتوبر بقيادة الفريق البرهان.
إلا ان الوسط السياسي لا ينظر لهؤلاء المكلفين نظرة واحدة.
فمن تعجبه حكومة الخامس والعشرين لا يذكر كلمة مكلفين على الإطلاق، ولا يتطرق إليها ويظل يذكر في إيجابيات هؤلاء المسؤولين، ويؤكد على أهليتهم وأحقيتهم لمناصبهم، وكأنهم ينتسبون إلى حكومة شرعية، ويحثهم على البت في جميع قضايا البلد صغيرها وكبيرها ولا يرجو ولا يسعى لبديل لهم، وبالتالي لا يلتفت لكلمة مكلفين هذه؛ لأنها تعطي الإحساس بعدم الشرعية، وتعطي بأن هؤلاء المسؤولين مؤقتين، وقطعا المؤقت ليس كالثابت، والمسير للأعمال ليس كالمسؤول عنها مسؤولية كاملة.
إن أكبر خدعة تمارس الآن في الوسط السياسي هي التلاعب بالألفاظ.
فلم تعد الألفاظ تعبر عن معانيها إطلاقا بل أصبحت مجرد غلاف أما مدلولاتها ومضامينها لا تختلف فقط عن مسمياتها بل تشير إلى عكسها تماما.
فيطلق على المسؤول مكلف وإذا نظر إلى عمله والقرارات المصيرية التي يبت ويفتي فيها ليست لها أية علاقة بعمله لكونه مؤقت.
كما أن لا أحد يبحث عن حقيقة معنى التكليف، فكل يتعامل معه حسب موقفه.
فمن كان يطمح أن يكون نصيبه مع التغيير من تكوين مجلس للوزراء، ومن تكملة أجسام الفترة الانتقالية، باعتبار أنه لا حظ له من الحكومة الحالية،وبالتالي يشدد على المعنى الحقيقي لكلمة (مسؤول مكلف).
وفي كل مرة يسعى لتوضيح أن مسؤوليته لن تتعدى تسيير الأعمال، وأعماله لا تحقق أهداف استراتيجية للبلد ويظل يعزف على هذا الوتر ليس لأنه يؤسس للمسؤولية، ولكن بسبب أنه لا نصيب له من الحكومة الحالية.
وعكسه تماما من يهمش ويبعد كلمة (مسؤول مكلف)، فيجعل منه مسؤول ثابت وشرعي ويظل يبرهن على هدفه هذا بمناسبة وبدون مناسبة وبإنجاز وبدون إنجاز لا لشيء إلا لأنه يدعم الحكومة الحالية.
صراع مبهم وفارغ ليس له أدنى مردود على الوطن والمواطن.
مسؤول مكلف عند من لا نصيب له ولا اهتمام في الحكومة الحالية.
وذات المسؤول ثابت بل ولا يوجد بديل له ومن حقه التصرف الكامل في كل قرارات البلد لا لشيء إلا لأن صاحب هذا الرأي تهمه الحكومة الحالية ويدعمها.
وهكذا قس على جميع المسميات التي تحرك الوسط السياسي فإن مدلولاتها حسب أصحابها.
فالثورة ثورة عند من يتبناها.
والثورة نفسها عمالة وارتزاق عند من يرفضها.
وعليه فلا يوجد معنى إطلاقا دون معرفة صاحبه، فالكلمة لها معنى ونفس الكلمة نقيضها عند آخر.
لينعكس هذا الصراع على حال البلد سياسيا واقتصاديا.
بل إذا ما زاد وتفاقم قد يؤثر حتى على وجودها على خارطة العالم.
حسب ما ذكرت الانتباهة