حيدر المكاشفي : في أي سجن كان غندور وفي أي مخبأ كان المتعافي
سودافاكس ـ بدا واضحاً أن الانقلابيين من عسكريين ومشايعييهم من جماعة اتفاق جوبا وبعض الزلنطحية، قد شرعوا فعلياً في تنفيذ خطة ما أسماه أبوهاجة مستشار البرهان (واقع سياسي جديد)، ليس فقط بالبراءة المزعومة لغندور والأحد عشر الآخرين، وانما كذلك بخروج المختفين من مخابئهم والظهور علنا، ومن هؤلاء القيادي بالنظام البائد عبد الحليم إسماعيل محمد الجزولي، المعروف اختصارا ب(المتعافي)، وكان المتعافي الذي يعد هاربا من العدالة.
قد أخفى نفسه هرباً من تهم جنائية مرفوعة ضده، وكانت النيابة العامة قد نشرت إعلاناً بالصحف في العام 2020، طالبت فيه المتعافي بتسليم نفسه لشرطة نيابة الأموال العامة خلال أسبوع، كما ناشدت النيابة الجمهور كالمعتاد منها في تعاملها مع الهاربين من العدالة المساعدة في القبض عليه وتسليمه للشرطة.
ومنذ ذلك التاريخ ظل المتعافي متوارياً عن الأنظار ومخفياً نفسه في مكان ما والمؤكد أنه (آمن) ومأمن، ولم تبذل السلطات أي مجهود يذكر لكشف مخبئه والقاء القبض عليه، الأمر الذي أثار الكثير من الشنشنات والأقاويل حول شبهة تواطؤ.
ولكن فجأة اذا بالمتعافي يظهر للعلن يوم الخميس الماضي في اعقاب اطلاق غندور، وأظهر فيديو متداول المتعافي في أبهى صورة وهو يتزيا بالزي القومي (الجلباب والعمامة)، ويقف الى جانب المفرج عنه غندور، كما دار خلال الأسابيع الماضية تداولا كثيفا حول عودة بعض رموز النظام البائد الى البلاد من تركيا التي هربوا اليها بعد أيام قليلة من اطاحة نظامهم المباد، فعادوا بعد ان مهد لهم الانقلاب طريق العودة، وعلى طريقة خروج غندور وظهور المتعافي بات من الراجح اطلاق سراح المعزول البشير والمجموعة التي دبرت انقلاب يونيو 1989.
رغم وجود سابقة قضائية أدانت مدبري انقلاب مايو 1969.. ان أكثر ما يلفت النظر في لقطات الفيديو التي ظهر فيها الرجلان، غندور والمتعافي، الأول الذي كفل له أسرع حكم قضائي العودة الى منزله، والثاني بعد ظهوره للعلن، أن كليهما تبدو الراحة والدعة واضحة على سيماهم.
وكأن الأول لم يكن محبوسا بسجن لمدة ليلتين دعك من ان يكون محبوسا لقرابة العامين، وكذا الحال بالنسبة للآخر المتعافي الذي بدا عليه أنه كان يمارس حياته العادية ولم يكن مختبئا في مخبأ يقيد حركته، فهل يا ترى كان غندور يقيم في مكان آمن أو ربما مستشفى خاص يملكه أحد الجماعة، طالما ان المخلوع وعبد الرحيم وغيرهما يقيمون في أحد المستشفيات الراقية، أم تراه كان بالفعل داخل سجن.
واذا كان بالفعل داخل سجن فما عساه يكون هذا السجن واين يوجد مثل هذا السجن الذي يختلف كلية عن كل سجون السودان المعروفة ببؤسها وسؤ خدماتها وتردي بيئتها، والتي لو دخلها أحد لأسبوع واحد لما خرج بالشكل الناعم الذي كان عليه غندور، ولكن ما العجب فمع خطة الانقلاب التي بدأها باكرا للانقاض على الثورة والارتداد عن أهدافها في التغيير الكلي، يبدو أي شئ جائز ووارد، فليالي الانقلاب حبالى مثقلات يلدن كل عجيب.
صحيفة الجريدة