كارثة بيئية تهدد الخرطوم
مثل كل عام، تفاجأت ولاية الخرطوم بالمطرة الأولى والثانية، وبقية الأمطار، تتحول الطرقات إلى أنهار من النفايات المختلطة بمياه الأمطار بسبب عجز الدولة عن تقديم أبسط الخدمات لمواطنيها من جمع النفايات وتنظيف المجاري.
فقد حدث ما كان في الحسبان وحذَّر منه الكثيرون، فقد أغرقت مياه الأمطار الخفيفة التي هطلت فجر يوم أمس الأول مناطق عدة بمحلية جبل أولياء جنوب الخرطوم واختلطت السيول بأكوام النفايات المكدسة على جوانب الطرقات، فأنتجت خليطاً خطيراً على السلامة العامة للمواطنين مهدداً بانتشار الأوبئة والأمراض إضافة إلى أضرار بيئية كبيرة.
كارثة بيئية جديدة تهدد الخرطوم بعد أن فاقمت الأمطار الخفيفة التي هطلت فجر الأمس أزمة النفايات في شوارع العاصمة، مهددة بانتشار العديد من الأمراض.
فقد حصل ما كنا نخشاه، وما كنا نحذِّر من وقوعه قبل أشهر مع تفاقم أزمة النفايات بأشكالها المختلفة في شوارع العاصمة وعدم قدرة الحكومة على إيجاد حل لرفعها من الشوارع قبل هطول الأمطار.
ليس الحديث هنا عن عاصفة، بل تساقط أمطار لساعات قليلة ضمن موسمها الطبيعي.. هذه الساعات كانت كافية لتحوّل سوق اللفة إلى مستنقعات وأنهار جارية، تسحب معها أكواماً من النفايات تحوَّلت إلى كارثة كبيرة بعد أن اجتاحت هذه النفايات كافة شوارع السوق.. ساعات قليلة من المطر الخفيف كانت كفيلة بإغراق معظم شوارع محلية جبل أولياء بالمياه ولا سيما شوارع سوق اللفة،وتحويلها إلى برك ومستنقعات..
فقد كشفت هذه الساعات عن مشهد مخجل، مقرف، مقزز، مخز، مذل ومعيب، إذ فاضت الشوارع بالمياه والنفايات، واجتاحت جحافل جرارة من أكياس النفايات شوارع السوق من أقصاه إلى أقصاه، معتلية صهوة المياه الوسخة التي جمعتها المجاري المسدودة بتراكم النفايات والأتربة والأوساخ، والتي فشلت الشركات التي تعاقدت معها المحليات لإزالتها من المجاري (قبل الخريف) فتسببت بانسداد الأوصال والطوفان الكبير وحوَّلت بعض مواقف السيارات والساحات إلى مستنقعات وأنهار جرفت معها النفايات إلى الطرقات.
سيول القاذورات التي اجتاحت شوارع في سوق اللفة وهي محملة بأكياس النفايات، شكلت صدمة للمواطنين الذين اشتكوا كثيراً من الإهمال الرسمي الذي أوصل البلد إلى هذه المأساة.. هذه المرة، لم يكن فصل الخريف كما اعتادوه سنوياً، بل أتى ممزوجاً بأكياس نفايات تناثرت في معظم الطرقات.. لكن ما شهدوه أمس ليس سوى (بروفة) صغيرة لما ينتظرهم ما يمهّد لكارثة صحية.
وقال مواطن: (إن هذا المشهد غير مقبول، وعلى الحكومة إذا كان لديها ذرة من الكرامة – خصوصاً وزراء الخدمات والمعتمدين- أن يستقيلوا ويذهبوا إلى منازلهم، إذ من غير المفترض أن يتعرض المواطنون لما تعرضوا له بسبب هذا الإهمال)، وتساءل في حديثه لـ(التيار): (كيف لا تجتمع الحكومة وتعلن حالة طوارئ في ظل ما نسمعه عبر وسائل الإعلام من مخاطر اختلاط مياه الأمطار بالنفايات المكدسة؟)، مضيفاً: (يجب على هذه الحكومة أن تعلن عجزها الرسمي عن حل مشاكل الشعب وتسلم السلطة لأشخاص لهم القدرة على وضع الخطط وإقرار القوانين التي تحمي المواطنين وتحافظ على صورة السودان وصحة شعبه.
يبدو أن الحكومة لم تقر بعد خطة لجمع النفايات المكدسة في الطرقات عبر تفعيل عمل المحليات، كان ينبغي على حكومة الولاية أن تضع كل طاقاتها لحل هذه الأزمة بدلاً من الاجتماعات والخطط العقيمة التي لم تصل إلى أي شيء.
تحقيق وتصوير: عباس عزت