صدفة غريبة !! حرب أوقفت أكمال بناءها ثم بعد قرابة نصف قرن تندلع حرب أخري لتوقف هدمها

صدفة غريبة !!
كتبها: عمر عثمان

العمارة دي في الشارع الورانا طوالي بدء العمل فيها في ١٩٧٥م – ١٩٧٦م في يوم الجمعة ٢ يوليو ١٩٧٦م دخلت قوات الجبهة الوطنية (أسماها نميري قوات المرتزقة) إلى الخرطوم وبدأت الإشتبكات في مطار الخرطوم و القيادة العامة أذكر جيداً أصوات الأسلحة الثقيلة ومنظر الدبلوماسيين وموظفي المطار وهم يفرون من الإشتبكات حيث كانوا في إنتظار هبوط طائرة الرئيس نميري.
أمضينا سحابة ذلك اليوم وربما ثلاثة أو أربعة أيام تالية تحت وطأة نيران الأسلحة الثقيلة و الخفيفة، نهار أحد الأيام سمعنا طرق شديد جداً على باب الشارع خرج والدي له الرحمة والمغفرة وتبعته خلسة سبحان الله وكان التاريخ يعيد نفسه أفراد يرتدون الزي العسكري هم أقرب إلى كونهم صبية يحملون أسلحة طويلة لاحقاً عرفت أنها البندقية الكلاشنكوف كان يبدو عليهم الاعياء الشديد طلبوا من والدي أن يسمح لهم بالدخول والإختباء في المنزل فرد عليهم بأن بالمنزل نساء وأطفال وهذا من شأنه أن يعرض حياتهم للخطر حال وصول قوات من الجيش وحدوث اشتباك، استعاضوا عن ذلك بطلب ماء للشرب لبيت طلبهم أسرفوا في شربه بصورة غريبة ثم غادروا.
بعدها بعدة أيام وبينما كان الجيش يقوم بعمليات نظافة ومطاردة في أنحاء ولاية الخرطوم يبدو أنهم قد وصلتهم معلومة بأن هناك جنود من القوات المهاجمة مختبئين في تلك العمارة تحت التشييد.
حضرت قوات كبيرة من الجيش مصحوبة بدبابة وفرضوا حصار وطوق على العمارة من جهلنا وصغر سننا خرجنا نتفرج ودارت إشتباكات عنيفة إنتهت بمقتل أولئك الجنود، سبحان الله أبن جيراننا وصديقي و دفعتي في المدرسة الذي لم يخرج معنا إصابته طلقة طائشة داخل منزلهم أودت بحياته ?
منذ ذلك اليوم الدامي توقف البناء في هذه العمارة وظلت على حالها (٤٧) عاماً إلا أن الصدفة الغريبة و المحيرة قبل اندلاع حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣م وبأقل من شهر كانت قد بدأت أعمال هدم للعمارة ثم توقفت بسبب اندلاع الحرب!!
حرب أوقفت أكمال بناءها ثم بعد قرابة نصف قرن تندلع حرب أخري لتوقف هدمها يا سبحان الله.