ناس السودان عايشين كيف في مصر .. وكيف قدروا بنوا حياة جديدة

القاهرة ـ كان طبيب أمراض النساء والتوليد السوداني سامي محمود يعيش حياة رغدة في العاصمة السودانية الخرطوم قبل اندلاع النزاع المسلح بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل من العام الماضي.

منزل كبير، وثلاث سيارات، وأربع عاملات منزلية، كان لدى محمود وأسرته كل شيء تقريبا، “زوجتي كانت تعيش مثل الملكة في السودان”، هكذا قال الطبيب السوداني.

ولكن حياتهم اتخذت منعطفا دراماتيكيا عقب اندلاع الصراع، وبعد أكثر من 60 ساعة من السفر بالحافلة، وصلت الأسرة المكونة من سبعة أفراد إلى مصر ومعها القليل من الأمتعة.

وقد خدم الدكتور سامي محمود فترتين كأمين عام لجمعية اختصاصي أمراض النساء والتوليد السودانية، وهو حاليا الرئيس المنتخب للاتحاد الأفريقي لجمعيات النساء والتوليد الأفريقية الذي يضم في عضويته 52 دولة أفريقية.

وقال محمود لوكالة الأنباء الصينية (شينخوا)، وهو يتذكر الأيام العسيرة عند وصولهم إلى منزلهم الجديد بالقاهرة، “لم نتمكن من سحب أي مال من البنوك السودانية قبل مغادرتنا السودان، لذلك بدأنا من جديد في هذه الشقة بمساعدة بعض الأصدقاء والأقارب الميسورين القاطنين في بلدان أخرى”.

على الرغم من التحديات التي يواجهونها، كوّن اللاجئون السودانيون في مصر روابط قوية يقدم من خلالها الميسورون المساعدة للمحتاجين

واستأنف محمود في القاهرة تعاونه مع شركة الأجهزة الطبية الصينية ميندراي، التي كان يتعاون معها في السودان، حيث يقوم بتدريب الأطباء في مصر على استخدام أجهزة الموجات فوق الصوتية، بالإضافة إلى عمله التطوعي كاستشاري أمراض النساء والتوليد في العيادات المجانية للمرضى السودانيين في مصر.

ومنذ اندلاع الصراع فر أكثر من 500 ألف سوداني إلى مصر وفقا للأرقام الصادرة عن وزارة الخارجية المصرية في مارس من العام الجاري.

ويحاول المواطنون السودانيون الذين نزحوا بسبب الحرب الأهلية في السودان قبل عام بناء حياة جديدة لهم في مصر المجاورة، لكن المهمة ليست سهلة بأي حال من الأحوال.

وعلى الرغم من التحديات التي يواجهونها، فقد كوّن اللاجئون السودانيون في مصر روابط قوية يقدم من خلالها الميسورون المساعدة للمحتاجين.

ويقوم الطبيب البالغ من العمر 53 عاما بتنسيق مجموعات الدعم بين الأطباء السودانيين في مصر، حيث يمكنهم مشاركة المعلومات حول الشقق ذات الإيجارات المعقولة، وفرص العمل، والمدارس التي يمكن لأولادهم الالتحاق بها، وما إلى ذلك.

الحرب أجبرت أكثر من 8.1 مليون شخص على الفرار إلى مناطق آمنة داخل السودان وإلى دول الجوار

وأوضح الطبيب السوداني “أحياناً نقدم الدعم المالي للأشخاص الأكثر احتياجا من الأطباء، حيث إن الإعانة التي تقدمها المنظمات الخيرية محدودة للغاية، كما نقدم خدمات صحية مجانية في البازارات التي تنظمها الجاليات السودانية”.

أما الشاب السوداني حسين جبريل، 25 عاما، فقد عاني كثيرا وقت اندلاع النزاع كي يعود من عمله كطاه بأحد المطاعم في حي الرياض بالخرطوم إلى بيته في منطقة حطاب التي كانت مغلقة آنذاك بسبب تبادل إطلاق النار الكثيف، قبل أن يبدأ هو وأسرته رحلته على متن عبارة نيلية إلى محافظة أسوان جنوب مصر ومنها إلى القاهرة.

“عندما اندلعت الحرب كنت في العمل، وكانت جميع الشوارع والجسور مغلقة، وكنت بحاجة لعبور النهر للوصول إلى منزلي في حطاب، فاضطررت إلى ركوب قارب مع أحد الصيادين للعبور إلى الضفة الأخرى”، هكذا روى الشاب السوداني، موضحا أن الأمر استغرق منه أسبوعا حتى يعود من العمل إلى المنزل.

وقال جبريل لـ(شينخوا) إنه بعد اندلاع الصراع بشهر تقريبا اصطحب أمه وإخوته الخمسة إلى جزيرة قريبة، وهناك وجدوا عبارة تنقل الركاب إلى مصر مقابل المال، فاستقلوها إلى أسوان ومنها انتقلوا إلى القاهرة، حيث يسكن هو ووالدته حاليا في شقة مستأجرة في حي فيصل بمحافظة الجيزة المجاورة.

وأضاف أنه “بسبب الظروف المالية الصعبة، اضطرت أخواتي الثلاث بعد أشهر إلى العودة إلى السودان بينما غادر شقيقاي إلى ليبيا، وما زلت أقيم هنا مع والدتي”.

وبالتواصل مع أبناء وطنه من السودانيين في مصر استطاع جبريل الحصول على عمل كطاه رئيسي في أحد المطاعم السودانية بالقاهرة وبدأت حياته في الاستقرار بعد أشهر من المعاناة، رغم أن راتبه يغطي بالكاد نفقاته.

وقال الشاب السوداني “نحن السودانيين في القاهرة نساعد وندعم بعضنا البعض من خلال الإرشاد للعثور على عمل أو سكن أو حتى من خلال الدعم المالي، ولدينا أيضا صفحة على موقع فيسبوك للسودانيين في مصر حيث ينشر المشاركون مشاكلهم وآخرون يعرضون مساعدتهم، سواء فيما يتعلق بشراء الدواء، أو دفع الإيجار، أو العثور على عمل، أو أي شيء آخر”.

وأضاف أن هناك بازارات تقام في المحال التجارية السودانية بالقاهرة حيث يمكن للسودانيين عرض منتجاتهم، مشيرا إلى أن المطعم الذي يعمل به يقيم من حين إلى آخر في الطابق الأرضي بازارا سودانيا لمدة ثلاثة أيام لدعم الأسر السودانية المنتجة.

ورغم حنينه للوطن وأمله أن يحل السلام في السودان، أكد جبريل أن المصريين هنا يعاملوننا بكل ود، ونحن لا نشعر بأننا لاجئون بل نشعر بأننا في بلدنا.

ومنذ 15 أبريل 2023، يدور نزاع مسلح بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان ونائبه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.

ووفقا لأخر إحصائية لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا)، فقد أدى النزاع المسلح إلى مقتل 13 ألفا و100 شخص، وجرح 26 ألفا و51 آخرين.

وأجبرت الحرب أكثر من 8.1 مليون شخص على الفرار إلى مناطق آمنة داخل السودان وإلى دول الجوار.

صحيفة العرب نقلا عن وكالة شينخوا

تعليق واحد

  1. كل السودانيين يعانوا معانات شديده في مجال الصحه والتعليم فقد ضاع أبناء الفقراء لاعتماذهم علي التعليم في رفع أسرهم ضاعوا أبناء المعلمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.