طائرات مسيرة جديدة للدعم السريع في مطار نيالا

أظهرت صور أقمار صناعية حديثة التقطتها شركة “ماكسار” وجود ثلاث طائرات مسيرة على الأقل داخل مطار يقع في جنوب دارفور، تسيطر عليه مليشيا الدعم السريع، بالإضافة إلى تشييد حظائر للطائرات. هذه المشاهد توفر دليلاً جديدًا على استمرار تدفق الأسلحة المتقدمة إلى السودان، ما يفاقم الأزمة المستمرة ويعزز قدرات الأطراف المتصارعة.
نيالا: نقطة انطلاق هجمات الدعم السريع
تُعد مدينة نيالا إحدى أهم المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الدعم السريع، حيث تستخدمها قاعدةً لشن هجمات على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في دارفور. وتشير التقارير إلى أن المليشيا وسعت نطاق عملياتها لتشمل مخيم زمزم للنازحين القريب، حيث يعاني السكان أوضاعًا مأساوية في ظل نقص الغذاء والمساعدات الإنسانية.
الطائرات المسيرة في ساحة المعركة
كلا الطرفين المتحاربين، الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع، يستخدمان الطائرات المسيرة في المواجهات المسلحة، مستفيدين من دعم خارجي في صراعهما على السلطة، الذي اندلع في أبريل 2023. وتساهم هذه الأسلحة في توجيه الضربات الجوية الدقيقة وتحديد مواقع الخصوم، ما يزيد من دموية النزاع.
تداعيات الحرب: قتلى وجوع وأمراض
أدت الحرب المستمرة إلى مقتل عشرات الآلاف من المدنيين والمقاتلين، كما تسببت في انهيار البنية التحتية الصحية وانتشار الأمراض والمجاعة في مناطق واسعة من البلاد. ووفقًا لتقارير إنسانية، فإن الأوضاع تزداد سوءًا مع تصاعد المعارك واستمرار تدفق الأسلحة.
صور الأقمار الصناعية تكشف عن تطورات خطيرة
تكشف صور الأقمار الصناعية التي حللتها وكالة “رويترز” عن تشييد ثلاث حظائر للطائرات خلال فترة خمسة أسابيع بين يناير وفبراير. كما أظهرت الصور لأول مرة وجود طائرة مسيرة واحدة على الأقل في المطار بتاريخ 9 ديسمبر 2024. ويشير تحليل أجراه باحثون من جامعة ييل إلى أن وجود هذه الطائرات استمر حتى يناير 2025، ما يعزز الدلائل على استخدامها الفعلي في العمليات العسكرية.
طائرات صينية الصنع؟
خلصت شركة “جينز” للاستخبارات الدفاعية إلى أن الطائرات المسيرة التي ظهرت في الصور تعود إلى طراز (سي.إتش-95) الصينية، القادرة على تنفيذ مهام المراقبة بعيدة المدى وشن ضربات دقيقة تصل إلى 200 كيلومتر. ومع ذلك، لم تتمكن “رويترز” من التحقق بشكل مستقل من الطراز الفعلي للطائرات أو كيفية وصولها إلى نيالا. كما لم تصدر الصين أو الشركة المصنعة أي تعليق رسمي حول هذه الادعاءات.
اتهامات بتزويد الإمارات للمليشيا بالأسلحة
يتهم الجيش السوداني مليشيا الدعم السريع باستخدام مطار نيالا لاستقبال الأسلحة، مشيرًا إلى أن الإمارات زودتها بطائرات مسيرة منذ بدء الحرب. لكن وزارة الخارجية الإماراتية نفت هذه الاتهامات، مؤكدة أنها “لا تقدم أي دعم عسكري لأي طرف في السودان”، وأن جهودها تقتصر على الإغاثة الإنسانية. من جانبه، أنكر متحدث باسم الدعم السريع امتلاك قواته لأي طائرات مسيرة حديثة، زاعمًا أن الجيش هو الطرف الذي يمتلك هذه التقنية.
غارات جوية ومعارك متواصلة
أشارت تقارير سابقة إلى وصول طائرات شحن قادمة من الإمارات إلى مطار قرب الحدود السودانية مع تشاد، يُعتقد أنها تحمل أسلحة لمليشيا الدعم السريع. كما أفاد سكان وناشطون من الفاشر بأن طائرات مسيرة انطلقت من نيالا نفذت هجمات استهدفت منشآت مدنية، بما في ذلك آخر مستشفى كبير متبقٍ في المدينة.
القصف المتبادل وخسائر المدنيين
على الجانب الآخر، يشن الجيش السوداني غارات جوية متكررة على نيالا ومطارها، ما أسفر عن سقوط مدنيين. ففي 3 فبراير، قُتل 32 شخصًا جراء ضربات جوية، بحسب منظمة “أطباء بلا حدود”. كما أظهرت صور الأقمار الصناعية وقوع خمس ضربات جديدة على الأقل بين 14 يناير و18 فبراير، استهدفت فيما يبدو مواقع قريبة من حظائر الطائرات المسيرة في نيالا.
قدرات دفاعية جديدة للدعم السريع؟
كشف مصدر في مليشيا الدعم السريع ومحلل أمني غربي عن إسقاط طائرة عسكرية للجيش السوداني مساء الأحد، ما يعكس تطورًا في القدرات الدفاعية الجوية للمليشيا. وأفاد مصدر محلي بأن الطائرة قصفت المطار مرتين قبل إسقاطها بنيران مضادة للطائرات. ووفقًا لخبراء طيران، فإن الطائرة التي أسقطت تشبه طائرة الشحن الروسية “إليوشن 76″، والتي سبق أن أسقطت في شمال دارفور في أكتوبر 2024.
دارفور: ساحة الصراع الأكبر
في ظل استمرار الحرب، تبرز دارفور كأهم منطقة إستراتيجية لمليشيا الدعم السريع وحلفائها السياسيين، حيث تسعى لترسيخ سيطرتها على الإقليم. ورغم فرض الأمم المتحدة حظرًا للأسلحة على دارفور منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، إلا أن تدفق الأسلحة الأجنبية لم يتوقف، ما يطيل أمد الصراع ويفاقم معاناة المدنيين.