وقف التعامل الدولي مع البنوك السودانية : خطوة اخري نحو الانهيار الاقتصادي الشامل

أثار قرار بنوك سعودية وغربية وقف تعاملاتها مع المصارف السودانية قلقا كبيرا وسط القطاع الاقتصادي والمالي في البلاد. وعبرت أوساط مالية عن مخاوفها من تداعيات القرار السلبية على اقتصاد البلاد، رغم أن البنك المركزي السوداني قلل من أثره وأعلن عن مساع لتحجيم تبعاته وخطورته.

وكانت بعض المصارف السودانية أُخطرت من قبل بنوك سعودية وغربية بإيقاف التعامل معها، مما دفعها لإبداء خشيتها من تداعيات القرار في ظل اعتماد الشركات التجارية والجاليات السودانية في الخارج على خدماتها.

وعزا وزير المالية والاقتصاد الوطني بدر الدين محمود القرار لتعرض تلك البنوك لضغوط أميركية غير طبيعية.

وأعلن في تعليقات للصحفيين عن ترتيبات للتغلب على الآثار الناجمة عن القرار، واصفا وقف المعاملات والمراسلات البنكية بين السودان وبعض الدول العربية بالمؤثر.

آثار سلبية
وقد أبدى خبراء اقتصاد تخوفهم من أن يؤدي هذا الوضع إلى تأثيرات سلبية على مجمل الاقتصاد السوداني، وطالبوا الحكومة بإدارة حوار مع السعودية ودول غرب أوروبا لتفادي ما وصفوه بالخطر القادم.

ويرى الخبير الاقتصادي التجاني الطيب أن هناك خلطا في المفاهيم “لأن كل الأنشطة والمعاملات المالية والتجارية في العالم تتم عبر جمعية الاتصالات المالية العالمية (swift) بواسطة برمجيات تشمل أكثر من 9 آلاف مؤسسة مالية منتشرة في أكثر من 200 بلد”.

وأوضح الطيب أن تلك البرمجيات تعمل على تسهيل نقل الأموال من خلال الشبكة التي يعتقد أن السلطات الأميركية تسيطر عليها وتراقب المعاملات المالية العالمية عن طريقها.

وأشار إلى أنه بعد نيل الجنوب السوداني استقلاله في 2011 شطبت الإدارة الأميركية الإقليم من المقاطعة وطبقتها بشكل كامل على السودان الشمالي بالتدرج.

وقال إن أميركا ظلت تعتمد تشديد العقوبات على السودان خطوة بخطوة إلى أن اكتملت الحلقة وبدأت تمتد لبقية البنوك غير الغربية.

وأكد للجزيرة نت أن “اكتمال الحلقة على السودان” سيعرضه لمشاكل لا حصر لها بعد زيادة التكلفة على المعاملات المالية بينه وبين العالم الخارجي خاصة في مجال الواردات.

وتوقع الطيب زيادة التكلفة الكلية للاقتصاد وصعود التضخم مع اشتداد حدة الأوضاع المعيشية المتردية.

ويرى أن خيارات التعاطي مع هذا الوضع محدودة لأن اللجوء للتبادل السلعي غير ممكن بحكم أن “السودان لا يملك ما يكفيه، ناهيك عن دعم العالم الخارجي”، مستبعدا إمكانية نقل النقود عبر مؤسسات وأفراد إلى منابع الوارد.

ويعتقد أن القرار سيؤدي لوقف تدفق الاستثمار الأجنبي على البلاد، بل وضع ضغوط على المستثمرين الموجودين بها ودفعهم لسحب رؤوس أموالهم، حسب تقديره.

مستقبل الاقتصاد
أما المحلل الاقتصادي خضر صديق فيؤكد أن القرار سيعيق تماما عملية التبادل التجاري الدولي بين السودان ودول غرب أوروبا والسعودية وبلدان أخرى، مبديا خشيته من امتداد تأثيراته على مستقبل اقتصاد البلاد.

وتوقع في حديث للجزيرة نت أن يٌلقي القرار بظلاله على حركة الصادرات والواردات والتحويل النقدي من وإلى السودان مما سيؤثر على رصيد البلاد من النقد الأجنبي ونصيبها في المنح والقروض والاستثمارات الخارجية.

وأضاف أن ما سماها “المقاطعة” ستحدث خللا في التبادل التجاري الكبير بين السودان والسعودية لأنها تستهدف التحويلات بمختلف أنواعها سواء كانت للمغتربين أو عائدات الأرباح على أرصدة البلاد في الخارج.

لكن البنك المركزي السوداني قال إن المصارف المحلية لديها شبكة متنوعة من المراسلين في المنطقة العربية وأوروبا وآسيا تساعد على تسهيل حركة التحويل والتجارة الخارجية.

وقال في نشرة له إن وقف بعض البنوك المراسلة في أوروبا والسعودية لتعاملاتها مع المصارف السودانية يتعلق بإجراءات داخلية في إطار حاكمية الضبط المؤسسي في تلك المؤسسات.

واعتبر أن الأمر طبيعي في مجال التعامل المصرفي الذي يشهد تغييراً مستمراً يؤدي لخروج بعض المراسلين ودخول آخرين.

التغيير


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.