بروفسور سعودي : إيقاظ النائم بصورة خاطئة يسبب الكوابيس .. وهذه أسباب تزايد مطاردات السيارات والاصطدام المتعمد
– لا أتفق مع من يقول بأن نصف سكان السعودية مرضى نفسياً دون إحصائية علمية حديثة دقيقة موثقة.
– تزايد جرائم القتل بين الأزواج والإخوة والعنف الأسري سببه سوء التربية والجهل وضعف الدين.
– التخفي خلف “السحر” و”تلبّس الجن” و”الجنون” لا يفيد المريض نفسياً وعليه المواجهة والعلاج.
– الاكتئاب يصيب السعوديات أكثر بسبب “الولادة”.. و”الشباب” يعانون الرهاب والخوف الاجتماعي.
– “المزاجية” تؤدي للمعاناة من “ضيقة الصدر” دون وجود أسباب ظاهرة طبياً و”الاجتماعية” و”النفسية” تؤثر.
– متغيرات الحياة وزيادة المتطلبات المادية والاجتماعية أدّت لضغوط نفسية على الناس والواقعية تخففها.
– الزوجة والمدير “المتسلطان” مزعجان نفسياً وهذه طرق التعامل معهما.. أما الصبر فمفتاح الشخصية “الحساسة”.
– ضرب الأبناء والبنات يصيبهم بالعدوانية وبانخفاض تقدير الذات والهروب من المنزل.
– مواقع التواصل الاجتماعي أصابت المراهقين والشباب بالانطواء والشعور بالضيق والعزلة.
– تعاطي المخدرات و”الحشيش” يسبب تلف خلايا المخ والجهاز العصبي ويؤدي إلى الأمراض العقلية.
أجرى الحوار/ شقران الرشيدي: يقول بروفيسور علم النفس الأكاديمي بجامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية الأستاذ الدكتور محمد بن مترك القحطاني: “إن نسبة المرضى نفسياً تختلف من مجتمع لآخر، والمرض النفسي موجود في جميع المجتمعات وبنسب مختلفة، ولا أتفق مع من يقول إن نصف سكان السعودية مرضى نفسياً دون إحصائية علمية حديثة دقيقة موثقة”.
ويؤكد في حواره مع “سبق” أن العنف الأسري من المشكلات التي قد تعاني منها بعض الأسر؛ بسبب سوء التربية والجهل وضعف الوازع الديني، كما أن ارتكاب جرائم القتل بين الأزواج أو الإخوة ليس بالضرورة يعود لمشكلات واضطرابات نفسية.
ويوضح أن مقاطع التحدي والمطاردات بين السيارات في الشوارع، وحالات الاصطدام المتعمد، والعناد والمضاربات بين السائقين… وغيرها، التي تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي لا يقوم بها مرضى نفسياً، بل هي سوء تصرف ونقص في الحكمة وقلة النضج وضعف الأدب والأخلاق.
ويكشف أن شكوى بعض الأفراد من “ضيقة الصدر” دون وجود أسباب ظاهرة طبياً قد يعود “للمزاجية” وللحالة الاجتماعية والنفسية وليس مرضاً نفسياً.
ويتناول الحوار عدداً من المحاور المهمة عن الصحة النفسية، فإلى التفاصيل…
** ما تعليقك على ما ذُكر أن المرضى نفسياً يشكّلون نسبة عالية في المجتمع من الذكور والإناث تصل إلى 50% وكيف تصف وتقيم الحالة النفسية لمجتمعنا؟
نسبة المرضى نفسياً تختلف من مجتمع لآخر، والمرض النفسي موجود في جميع المجتمعات وبنسب مختلفة، وهو مثل باقي الأمراض التي قد تصيب أي فرد، وبحدود علمي لا يتوفر لديّ إحصائية دقيقة عن نسبة المرضى نفسياً في السعودية، وأنا لا أتفق مع من يقول إن نصف سكان السعودية مرضى نفسياً دون إحصائية علمية حديثة دقيقة موثقة، وحسب رأيي الشخصي وبشكل عام يُعتبر الاكتئاب والمخاوف والوساوس من أكثر الاضطرابات النفسية انتشاراً.
** هل العنف الأسري وارتكاب جرائم القتل بين الأزواج، والإخوة والأقارب يعود لمشكلات واضطرابات نفسية؟
يُعتبر العنف الأسري من المشكلات التي قد تعاني منها بعض الأسر، ويعود لعدة أسباب ومنها سوء التربية والجهل وضعف الوازع الديني، كما أن ارتكاب جرائم القتل بين الأزواج أو الإخوة ليس بالضرورة يعود لمشكلات واضطرابات نفسية، قد يعود لظروف ومشكلات أخرى، ولكن في نفس الوقت أحياناً قد تكون الحالة النفسية السيئة جداً للشخص أحد العوامل المساعدة على ارتكاب السلوك الجانح أو السيئ.
** يشكو الكثير من ضيق الصدر دون وجود أسباب ظاهرة طبياً، هل هذا مرض نفسي أم ماذا؟
بعض الأفراد قد يشكون من ضيق الصدر دون وجود أسباب ظاهرة طبياً، وقد يعود ذلك للحالة الاجتماعية والنفسية التي يعيشها الفرد، فمثلاً أحياناً الحالة المزاجية للفرد وطريقة تفكيره ونظرته للأحداث من حوله قد تكون مسؤولة عن الشعور بالضيق وعدم الارتياح.
** تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع تحدٍّ ومطاردات بين السيارات في الشوارع، وحالات اصطدام متعمد، وعناد ومضاربات بين السائقين.. وغيرها، هل من يقوم بذلك يعد مريضاً نفسياً أم ماذا؟
هذا ليس بالضرورة مرضاً نفسياً، قد يكون سوء التربية والتصرف ونقص الحكمة وقلة النضج وضعف الأدب والأخلاق لبعض هؤلاء هو الذي يقف خلف هذا السلوك غير المرغوب.
** بعض من يعاني من اضطرابات نفسية يحاولون التخفي، خلف أنهم مسحورون أو يعانون من المسّ وغيره، ما نصيحتك لهم؟ وهل المصارحة بالمرض تعد جزءاً من العلاج؟
مع الأسف البعض قد يعاني من اضطرابات نفسية، وقد يحاول التخفي خلف أنه مسحور أو يعاني من التلبس بالجن وغيره، ورأيي الشخصي هو أن ذلك قد يعود إلى الصورة النمطية السلبية عن المرض النفسي، فالبعض قد ينظر إلى المرض النفسي على أنه جنون وهذا غير صحيح، وهذا ما نسميه بوصمة الخجل من المرض النفسي، كما أن بعض الأفلام ووسائل الإعلام السلبية قد تصور الدكتور النفسي بشكل مضحك وكوميدي، مما يؤثر أحياناً بشكل غير مباشر على المتلقي، ونصيحتي لمن يشعر بأعراض اضطراب نفسي هو التوكل على الله، ثم زيارة مختص نفسي؛ ليساعده على تخطي هذه المرحلة.
** هل تعاطي المخدرات بشكل عام، والحشيش بالذات يسبب تلف خلايا المخ، ومرض الذهان (الفصام)؟
نعم صحيح، قد يؤدي تعاطي المخدرات بشكل عام إلى تلف بعض خلايا الدماغ، وذلك يعود للتأثير السلبي للمخدرات على خلايا الجهاز العصبي، مما يؤدي إلى عطبها وتلفها، وبالنسبة لمرض الفصام فهو مرض عقلي تتمثل أعراضه باضطراب محتوى التفكير وبأوهام وهلاوس واضطرابات وجدانية تنتاب الفرد، وأحياناً يكون تعاطي المخدرات محفزاً للإصابة بهذا المرض.
** هل تكرار إيقاظ النائم بطريقة مرعبة قد تسبب له حالة نفسية؟
إن تكرار إيقاظ النائم بطريقة مرعبة قد تسبب له حالة نفسية مستقبلاً، فمثلاً قد يصاب الفرد بمخاوف أو قلق أو كوابيس؛ نتيجة تعرضه المستمر للفزع أثناء الاستيقاظ من النوم.
** هل فعلاً نعاني من انتشار نوبات الهلع والفزع، ورهاب الخلاء، والاكتئاب والأمراض بمختلف الفئات العمرية حتى الأطفال؟
بعض الأفراد قد يعاني من انتشار نوبات الهلع والفزع ورهاب الخلاء أو الاكتئاب بمختلف الفئات العمرية، وفي حال قام المريض بزيارة المختص النفسي وأخذ الاستشارة النفسية المناسبة والعمل بها فإنه سيتمكّن بإذن الله من التخلص من هذه الأعراض.
** ذكرت دراسة أن النساء في مجتمعنا هن الأكثر إصابة بمرض الاكتئاب، خاصة ما يسمى اكتئاب ما بعد الولادة، أما الرجال “الشباب” فيصابون بمرض الرهاب أو الخوف الاجتماعي، ما تعليقك؟
بعض النساء قد يصبن باكتئاب ما بعد الولادة؛ وذلك لعدة أساب منها قلة ساعات النوم، أو الخلاف الزائد مع الزوج، أو عدم استقرار الأسرة بشكل عام، وأحياناً اكتئاب ما بعد الولادة يرتبط بالتغيرات الهرمونية والشعور بالآلام الناتجة عن عملية الولادة، والحل هو زيارة الطبيب عند الشعور بالفشل في السيطرة على أعراض الاكتئاب؛ وذلك لتلقي العلاج المناسب، أما بعض الشباب فقد يصابون بالرهاب أو الخوف الاجتماعي، وسبب ذلك قد يعود إلى الخبرات والمواقف السلبية السابقة التي قد يمر بها الشاب، وتعميم ذلك على المواقف اللاحقة، وضعف الثقة بالنفس والتفكير السلبي والخوف الزائد من الفشل.
** كيف يمكن أن تتسبب مواقع التواصل الاجتماعي أمراض نفسية، واضطرابات سلوكية للمراهقين والشباب من الجنسين؟
قد يسبب الاستخدام الزائد لمواقع التواصل الاجتماعي بعض المشكلات النفسية أو السلوكية لدى المراهقين والشباب من الجنسين؛ وذلك بسبب الانطواء الزائد والانشغال بكثرة في استخدام هذه المواقع، مما يؤدي أحياناً إلى أعراض اكتئاب والشعور بالضيق لدى الفرد، بالإضافة إلى ضعف مهارات التواصل المباشر مع الآخرين وخاصة لدى الأطفال؛ وذلك بسبب العزلة الزائدة الناتجة عن الاستخدام الزائد لمواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة لضياع الوقت وقلة الإنتاجية؛ بسبب قضاء وقت طويل على مواقع التواصل الاجتماعي.
** هل تسبب متغيرات الحياة السريعة، وقلة فرص العمل، ونقص المردود المادي، ضغوطاً نفسية على الأسر والأفراد، وكيف يمكن التعامل معها؟
قد تسبب متغيرات الحياة السريعة وزيادة المتطلبات المادية والاجتماعية إلى ضغوطاً نفسية على بعض الأفراد، ويمكن التعامل معها من خلال بذل الأسباب والجد والمثابرة والاجتهاد والعمل، والنظر إلى الأحداث من حولنا بشكل واقعي، والتعامل معها بشكل إيجابي، وأن يحرص الفرد على أن يكون عضواً فعالاً في مجتمعه.
** يعاني البعض من وجود شخصية متسلطة ومزعجة نفسياً في حياته كزوج أو زوجة أو أخ أو مدير.. وغيره، كيف يمكن التعامل مع هذه الشخصية؟
قد يعاني البعض من وجود شخصية متسلطة في حياته كأخ أو زوج أو مدير.. وغيره، ويمكن التعامل معها عن طريق الهدوء والصبر، وتجنّب التصادم معها قدر المستطاع، والتعامل مع السلوك المتسلط بإيجابية وبطريقة هادئة، مع محاولة إقناع صاحب الشخصية المتسلطة بتعديل سلوكه السلبي والحصول على الاستشارة النفسية المتمثلة بالعلاج السلوكي المعرفي والمرونة النفسية والفكرية؛ لتلافي سلبيات هذه الشخصية.
** هل ضرب الأبناء والبنات كمحاولة لتربيتهم، يسبب لهم أمراضاً نفسية، وجروحاً عاطفية؟
إن الضرب المبرح والمتكرر للأبناء والبنات كمحاولة لتربيتهم قد يسبب لهم العديد من المشكلات النفسية والجسدية والسلوكية؛ ومنها: انخفاض تقدير الذات للابن والبنت، وقد ينشأ لدى الابن أو البنت شخصية عدوانية، وينكسر الحاجز النفسي ضد الضرب، وقد يؤدي ذلك إلى الهروب من المنزل، بالإضافة إلى حدوث أضرار جسمية وفسيولوجية للابن أو البنت، وعلى الآباء والأمهات استبدال أسلوب التنشئة الأسرية القائم على القسوة الزائدة إلى أسلوب التنشئة الأسرية القائم على حب وتقبل الابن والبنت، فهو من أفضل الأساليب الأسرية في تربية الأبناء والبنات والتي أثبتت جدارتها علمياً.
** يقال إن نسبة “الشخصية الحساسة” في المجتمع عالية بين الجنسين، فكيف تتخلص “الشخصية الحساسة” من سلبياتها؟
الشخصية الحساسة ممكن أن تتخلص من سلبياتها عن طريق تدريب الذات على حسن الظن بالآخرين، والصبر، وعدم التدقيق على تفاصيل الأول، والتسامح، والْتماس العذر للآخرين، وعدم اتخاذ القرارات بدافع العواطف والأحاسيس وإنما بدافع العقل والتفكير، وعدم التحسس من أية إشارات أو أفعال أو أقوال سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة، وتجنب الانجرار وراء العواطف، وعدم التأثر السلبي بالمواقف المختلفة قدر المستطاع والتفكير بطريقة منطقية.