الصرافات الآلية …التسوق في السودان “كاش” وليس عبر البطاقات الذكية يا بنك السودان
خبر أوردته أمس الصحف، وفقاً لبيان أصدره البنك المركزي يقول فيه إن بنك السودان رفع السحب من الصراف الآلى إلى 4 جنيهات في كل عملية بدلاً من جنيهين.
ووفقاً للبيان أعلن المركزي زيادة نصيب ماكينة الصراف الآلى من عمولة السحب النقدي إلى جنيهين حال كانت البطاقة والصراف يتبعان لمصرف واحد وزيادة عمولة السحب إلى 4 جنيهات حال كانت العملية من صراف إلى يتبع لبنك والبطاقة لبنك آخر.
طبعًا القرار من الوهلة الأولى لم يفهمه كثير من الناس حتى “كاتب هذا المقال”، ولكن بعد تروٍّ وتأنٍّ وبحث علمت أن ذات البنك “المركزي” والذي أصدر القرار هو ذاته الذي تقع عليه مسؤولية تجفيف السيولة من البنوك، وهو ذاته الذي قام محافظه بالإنابة بالتجول قبل عيد الأضحى على 2 صراف فقط، وقال إن السحب يسير بصورة طيبة والصرافات تعمل بطريقة سلسة . ولا ننسى أن البنك المركزي وجه البنوك بتغذية الصرافات أيام العيد حتى يتمكن المواطنون من الحصول على ودائعهم.. كل ذلك لم يتحقق ولم تنفذه البنوك ولم يعاقبها البنك المركزي لعلمه التام بعدم وجود سيولة في البنوك على الرغم من مسؤوليته التامة والمباشرة بضخ مبالغ من الاحتياطي المقدر بـ15% من أي بنك في حال نقص سيولة البنوك ولكنه عاجز عن تفعيل ذلك.. ربما في الأمر سر ما لا يعلمه مديرو البنوك أو حتى محافظ البنك المركزى.
أما قرار البنك المركزي بزيادة العمولة فهو غير موفق إلى حد بعيد ويجافي الواقع المعاش.. رغم أنه يأتي اتساقاً مع تشجيع التعامل بالتقنية المصرفية والدفع الإلكتروني، ولكنه غير مناسب في وقت فقدت فيه الثقة في التعامل مع البنوك، وأيضًا جاء القرار مبهماً ويحتاج إلى تفسير لأصحاب المرتبات الذين كانت تخصم من رواتبهم جنيهاً في كل عملية ما هو وضعهم من القرار.. صحيح قد يتحمل أصحاب الحسابات الكبيرة الوضع، ولكن ماذا بشأن ذوي الدخل المحدود.
معروف أن بنك السودان لديه مسؤولية أمام البنوك يمكن من خلالها إلزامها بتوفير النقد في الصرافات الألية، ولكنه أيضًا مطلوب منه أن يغذي السيولة من النسبة المحتجزة، وعليه أولاً أن يوفر السيولة ويشجع البنوك لجذب عملاء ومودعين، ولكنه يظل المسؤول عن توفر وضخ السيولة ثم الاتجاه إلى إلزام أو تشجيع العمل بالصرافات الآلية.
ولا زالت أزمة السيولة مستمرة استعصت على الحل وكل يوم يخرج مسؤول ويبرر ويعطي إشارات وتلويحات كان آخرها حديث المحافظ بالإنابة عن اقتراب إيجاد حل للأزمة دون تبرير موضوعي لها. ولكن ما جهر به مسؤول السياسات بالبنك المركزي في ملتقى النقابة العامة لعمال المصارف أمس كان حدثاً في حد ذاته حينما قال إن رسالة واتساب واحدة ساهمت في انطلاق شرارة أزمة الكاش بالمصارف. وقال إن الرسالة انتشرت على نطاق واسع وأضرت كثيرًا ما أدى الى ارتفاع الطلب بصورة لافتة على النقود الورقية والكاش.
وبرغم اجتهاد المسؤول بالبنك المركزي، إلا أنه زاد “التساؤل مجدداً” عندما قال إن الكاش الذي تم ضخه خلال الأشهر الماضية يساوي ما تم ضخه خلال عام كامل، وقال إن الحل يكمن في إنهاء التعامل بالنقود الورقية والتحول إلى الشمول المالي واتباع الوسائل الحديثة والبطاقات المصرفية.
سؤال مرفوع إلى ذلك المسؤول هل عرف بنك السودان أن كل الجهات التي كانت تتعامل بجهاز نقاط البيع أغلقت أبوابها أمام الجمهور، وطالبت البيع نقداً “كاش” هل يعلم البنك المركزي أن كل الصيدليات تطالب بالكاش وليس عبر نقاط البيع وهل يعلم البنك المركزي أن التسوق في السودان “كاش” وليس عبر البطاقات الذكية.. إذًا أين ذهبت تلك الأموال التي ضخها البنك المركزي في البنوك وما زالت الصفوف متزايدة يومًا بعد يوم.
عاصم إسماعيل
الصيحة