قيادات.. جمعتهم القرابة وفرقتهم السياسة

تحمل الساحة السياسة بالبلاد في طياتها الكثير من المفارقات، التي يرفع لها حاجب الدهشة، من بينها، أشقاء بالبيت الواحد ينتمون إلى أحزاب سياسية مختلفة، رغم الدم الواحد الذي يجري في عروقهم، في وقت ينتمي أشقاء إلى حزب واحد، ما يدلل على روح الديمقراطية والحرية في الأسرة السودانية، والتي تجسدت فعلياً في الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد مؤخراً، والتي شارك فيها أبناء مسؤولين بالدولة، حاولنا من خلال هذه السطور أن نتناول من هذه الظواهر القديمة المتجددة، أبرز الأسماء اللامعة في سماء الساحة السياسية .

 

نماذج مختلفة
هناك أشقاء كانوا ينتمون لحزب واحد، لكن عند انشقاق الحزب كل منهما اتجه للطرف الذي وجد نفسه فيه، وليس ادل على ذلك من محمد حاتم سليمان، وشقيقه السفير إدريس سليمان، حيث كانا ينضويان تحت لافتة حزب المؤتمر الوطني، قبل المفاصلة الشهيرة، إدريس ذهب مع الراحل الشيخ حسن الترابي، إلى المؤتمر الشعبي، وبقى حاتم بالوطني .

 

وحتى لا نذهب بعيداً فإن إمام الانصار الصادق المهدي، ينتمي إلى حزب الأمة القومي، وشقيقته وصال إلى المؤتمر الشعبي، وهي زوجة الأمين العام السابق للحزب الراحل حسن الترابي.
كما لا يفوتنا أن نتطرق للقيادية بالمؤتمر الوطني، قمر هباني، التي تنتمي إلى الحركة الإسلامية، بينما شقيقتها أمل هباني تنتمي إلى التيار العلماني .
وفي أسرة الدقير نجد أن الظاهرة السودانية الخالصة حاضرة ايضاً، حيث ينتمي كل من جلال ومحمد إلى الاتحادي الديمقراطي المسجل، بينما يترأس (عمر) حزب المؤتمر السوداني .
زعيم المعارضة الضليع فاروق أبو عيسى، الذي يترأس قوى الإجماع الوطني، ينتمي شقيقه عبد الرحيم أبو عيسى للحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل .
بالإضافة إلى وزير البيئة والغابات الأسبق والقيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي المسجل، حسن هلال، والذي ينتمي شقيقه محمد هلال إلى الحزب الشيوعي.
نعود لحزب الأمة القومي من جديد ونجد أن أبناء رئيس الحزب الصادق المهدي، جميعهم ينتمون للحزب عدا مساعد رئيس الجمهورية اللواء ركن عبد الرحمن، والذي ينتمي للمؤسسة العسكرية، بعيداً عن الأحزاب .
أسرة الكودة ايضاً حاضرة وبقوة في قائمة فرقاء السياسة، حيث يرأس يوسف الكودة حزب الوسط الإسلامي، فيما انتمي مبارك الكودة إلى المؤتمر الوطني، قبل أن يخرج مغاضباً الى الإصلاح الآن، فيما ينتمي شقيقهم عثمان إلى الحزب الشيوعي .

 

ولا ننسى القيادي بالمؤتمر الوطني إسماعيل الحاج موسى، والذي يعتبر شقيقه عمر من المؤسسين للاتحاد الاشتراكي (المايوي) .
كما تشمل القائمة مدير مكاتب الرئيس السابق حاتم حسن بخيت، والذي ينتمي لحزب المؤتمر الوطني، بينما ينتمي شقيقه كمال لحزب البعث .
إلى جانب القيادي بالاتحادي المسجل، السماني الوسيلة، وشقيقه والي نهر النيل حاتم الوسيلة الذي ينتمي للمؤتمر الوطني .

 

وبمثل ما هناك أشقاء فرقاء في الانتماء السياسي ايضاً نجد أن هناك أشقاء ينتمون لحزب واحد، ونأخذ على سبيل المثال القياديين بالمؤتمر الشعبي أبوبكر عبد الرازق، والأمين عبد الرازق .
بالإضافة إلى نائب رئيس حركة الإصلاح الآن حسن رزق، وإمام وخطيب المسجد الكبير كمال رزق، ينتمون إلى الحركة الإسلامية .
بالمقابل أفرزت الاحتجاجات الأخيرة ظاهرة جديدة في الساحة السياسية، خلاف الأشقاء، وهي مشاركة (29) من أبناء المسؤولين في الاحتجاجات، ما يجعلنا نذهب إلى أن الديمقراطية في الأسر السودانية موجودة، حتى بين الابن ووالده .
كما يقول الأمين السياسي لشباب المؤتمر الوطني، النعمان عبد الحليم، إن شقيقه شارك في الاحتجاجات وكان معتقلاً، ورأى أن ذلك قمة الديمقراطية أن يكون هناك أشخاص في منزل واحد لكل واحد منهم انتمائه السياسي، وقال إن شقيقه كان معتقلا لفكرته، بالرغم من أنه ليس لديه أي انتماء سياسي.
سمن على عسل

 

ويرى الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي، إدريس سليمان شقيق القيادي بالمؤتمر الوطني، محمد حاتم سليمان، أن الأمر ليس بغريب على الشعب السوداني المنفتح والديمقراطي، وأوضح أن كل منزل يجمع كل الأطياف، واستدل بمنزلهم، وقال إن شقيقه حاتم ينتمي للوطني، وشقيقه الثالث خالد، مستقل لديه رأي في السياسة لكنه لا ينتمي إلى أي حزب، وأوضح سليمان لـ(آخر لحظة) أن الأخوة والعلاقات الإنسانية لا تفسدها الانتماءات السياسية المتباينة، ورأى بأن الخطوة يمكن أن تدفع في الإطار الإيجابي أكثر من السلبي، واختتم قائلاً: (نحن ثمن على عسل، وما شاعرين بانو في مشكلة) .
مسألة طبيعية

فيما تقول القيادية بالمؤتمر الوطني، قمر هباني، إننا في الأسرة نرفع شعار أن الحرية مكفولة للجميع، تربينا ونشأنا على الاستقلالية، ووالدي غرس فينا الرأي والرأي الآخر وعلى هذا الأساس لم انضم للأنصار أو حزب الأمة القومي كما غالبية الأهل في النيل الأبيض، ومضيت في طريق الحركة الإسلامية، وقالت هباني في حوار سابق مع الصحيفة، إن في أسرتها (حزب الأمة، والإسلاميين، والعلمانيين، والناشطين)، وأضافت في تقديري هذه مسألة طبيعية. ختاماً هذه الظواهر ليست وليدة اليوم فالأسرة السودانية منذ قديم الزمان، ظلت تؤكد أن الانتماء ليست له أية صلة بالقرابة، وإنما حرية الرأي والرأي الآخر، واختلاف الرأي لا يفسد (للخوة) قضية.

 

تقرير: جاد الرب عبيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.