ليس فقط السياسة.. الفن أيضا بالوراثة في لبنان

صدفة أم تكريس للتوريث بكافة أوجه الحياة في لبنان أن يشارك نجل المطرب اللبناني عاصي الحلاني في برنامج تلفزيوني للغناء، ويفوز بالمركز الأول ويصدر مباشرة أول أغنية خاصة، ويروج لبزوغ نجم جديد، إلى جانب عائلة “نجوم” تضم أخته ووالده.

على ما يبدو لم يعد التوريث حكرا على الساسة في بلاد الأرز الذي يورث فيه النائب مقعده النيابي لأحد أفراد عائلته، ومؤخرا أحد الوزراء ورث حقيبته إلى زوجته، وهناك من يورث صهره حتى رئاسة الحزب الذي يدعي الديمقراطية والشفافية والانتخابات الحرة.

وعودة إلى الحلاني، فإن نجله الوليد شارك في برنامج على إحدى المحطات اللبنانية “صدفة”، وفاز بالمركز الأول “صدفة”، وأصدر أغنيته الخاصة ونزلت للأسواق، وبات الحديث عن صوته وإحساسه و”نبوغه الفني”، وترافق فترة صعوده حملة ترويج كبيرة في الإعلام اللبناني ومواقع التواصل الاجتماعي.

خطوات استغرقت أشهرا مع “الوليد” تحتاج مع غيره لسنوات، هذا إن وصل وأوصل صوته للناس، وفقط لأن والده لديه الاسم والإمكانيات المادية بات نجما غنائيا في ليلة وضحاها.
والوليد ليس وحده في عائلة محمد مزين الحلاني (أطلق عليه اسم عاصي نسبة إلى نهر العاصي)، بل اقتحمت ابنته ماريتا عالم الغناء بأغان باللغة الإنجليزية وبميزانيات كبيرة لفيديو كليباتها، لكنها فشلت في الوصول إلى الجمهور اللبناني والعربي، فانتقلت إلى الغناء باللغة العربية، ولم تحقق النجاح المطلوب، حيث إن أعلى أغنية خاصة بها لم تتجاوز مليونا ونصف المليون مشاهدة بعد ستة أشهر من رفعها على يوتيوب.

وليس الحلاني فقط في لبنان من يورث “موقعه الفني ومحبي فنه” لنجله، فهناك العشرات الذين ورثوا الفن عن ذويهم -بغض النظر إذا كانوا يملكون المؤهلات والصوت الجميل- ولكن من باب أن “الواسطة أقصر الطرق للوصول إلى الهدف المنشود.

 

فمثلا المطرب محمد فضل شاكر نموذج آخر للتوريث الفني، إذ سار على درب والده فضل الفنان المثير للجدل الذي اعتزل الغناء، وأعلن دعمه للثورة السورية وتورط بأحداث أمنية وعسكرية، وصدرت في حقه أحكام قضائية وبرئ من بعضها.

 

وفجأة عاد فضل وأطلق أغنيتين خاصتين حققا ملايين المشاهدات على يوتيوب، في حين ابنه يعاني في الوصول إلى الجماهير، حيث طرح عدة أغنيات حققت مئات آلاف المشاهدات، ولا يختلف محمد فضل عن “الوليد عاصي”، حيث استثمر في شهرة والده، لكنه لم يستطع الوصول إلى النجاح، ورغم ذلك يستمر في إصدار الأغاني لأنه يستطيع الاعتماد على إمكانيات والده المالية للبقاء “على قيد الحياة فنيا”.

وتعد عائلة الرحباني (منصور وعاصي) أول نموذج للتوريث الفني، حيث برز زياد (نجل عاصي وزوجته فيروز)، وأسامة وغدي (ابنا منصور)، ولا يختلف اثنان على موهبة الأبناء الذين أثبتوا أحقيتهم في وجودهم بالساحة الفنية، ولكن عائلتهم كانت تذكرة العبور التي أوصلتهم بسرعة للقمة.

 

وحاول جورج -نجل الفنان وديع الصافي- استثمار أغاني والده التي باتت جزءا من التاريخ والثقافة اللبنانية، لكن جورج -الذي كان عازفا في فرقه والده- أخفق في ذلك، لكنه لا يزال يشارك في حفلات معتمدا على الإرث الغنائي الكبير لوالده.

 

وهناك أيضا الفنان كارلوس ابن الفنان جوزف عازار الذي اشتهر ممثلا قبل أن يقرر احتراف الغناء، لكنه لم يحقق النجاح الذي حققه والده صاحب أغنية “على جبين الليل كتبتلك”، و”بكتب اسمك يا بلادي”.

ورغم أن لبنان يعتبر حالة خاصة وفريدة في العالم العربي وحتى العالم لكن تبقى “ظاهرة وراثة الموهبة الغنائية” لا تتسق مع العقل والمنطق، لأن هناك فرقا شاسعا بين وراثة الموقع السياسي ووراثة الفن، لأن ليس كل من يرث الفن يملك الموهبة بالضرورة، وما يؤكد هذا الأمر هو أن هناك فنانين دخلوا الفن محاولين الاستفادة من شهرة آبائهم، لكنهم لم يتمكنوا من إثبات أنفسهم والاستمرار على الساحة الفنية.

 

الجزيره


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.