جزيرة الفبركات والدور المشبوه

* لنتفق أوﻻً أن قناة الجزيرة ليست هي الصوت الرسمي لدولة قطر، رغم أن قطر هي دولة المقر.. ولنتفق (قبل أوﻻً) أن الدور البنّاء الذي تقوم به الشقيقة قطر (الرسمية) تجاه بلادنا خاصة في دارفور إنفاذاً صادقاً لاتفاقية سلام الدوحة هو خلاف الدور الهدّام الذي تقوم به قناة الجزيرة كمنبر إعلامي (مستقل) .
*ظهرت قناة الجزيرة وكنا في المهجر، وكانت لدينا فرصة كبيرة لمتابعة اﻹعلام بشكل عام، فظللتُ أتابع برامج قناة الجزيرة الحوارية بتركيز عالٍ وخرجت بنتيجة واحدة أفصحت عنها لشيخي وأستاذي العلامة ميرغني محمد عثمان أرقاوي، وهي أن الوظيفة اﻷساسية لهذه القناة هي هز ثوابت اﻷمة وتحريك مسلماتها؛ ﻷجل ماذا؟! ﻻ أدري!!
* ما نشرته قناة الجزيرة حول لقاء مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني الفريق أول مهندس صلاح عبد الله قوش برئيس الموساد اﻹسرائيلي يوسي كوهين يجعلنا نقول إن خبر اللقاء الذي نفاه جهاز اﻷمن السوداني أرادت الجزيرة أن تُخاطب به النوع (الثامن) من أنواع الرأي العام المسمى (الرأي العام الكلي) المتصل بالدين واﻷخلاق والعادات والتقاليد
اﻻجتماعية والسياسية وهو الذي يحدث ردة فعل تلقائية مبنية على القناعات والتصورات المسبقة للأحداث واﻷشخاص واﻷشياء. ورغم أن مثل هذا اللقاء ليس حراماً في الشرع وﻻ مستحيلاً في السياسة ولكن توقيت فبركة الخبر وظلال حواشيه تأتي في توقيت محسوب ومقصود! فجهاز اﻷمن يقوم في الظروف الخاصة التي يمر بها السودان بأدوار دقيقة ومهمة غاية اﻷهمية في استقرار الأوضاع في البلاد وكبح المؤشرات الجامحة التي تومئ إلى دنو أجل تفتيت الدولة السودانية إلى دويلات متناحرة لوﻻ أن تداركها لطف الله ثم اجتهادات المدركين المخلصين من أبنائها! فمحاولة إشغال أجهزة الدولة الفاعلة بالقضايا اﻻنصرافية واحد من التكتيكات المتبعة في الحرب الكلية على دولة ما.
* قناة الجزيرة صبت الزيت على ثورات الربيع العربي الموءودة عنوة ولم تحسب حساباً للثمار المُرة التي جنتها الشعوب العربية من ربيعها المسروق ثم انخرطت الجزيرة في بدايات حراك الشباب السوداني بنفس وتيرة انخراطها المندفع في الربيع العربي! ولما هدأت اﻷمور في السودان أرادت الجزيرة أن تلقي قنبلة رأي انشطارية تنتثر شظاياها في أجواء اﻹصلاح الوطني بتسميمها للعلاقات بين القيادات، وذلك بفتح أبواب التساؤلات التي مطلعها: هل تم اللقاء بعلم الرئاسة أم بمعزل عنها؟! وما يترتب عليه من تساؤﻻت مفتوحة حول قضايا غاية في الخطورة تتعلق بتوجّهات الدولة السودانية في المرحلة المقبلة وعلاقة أجهزة الدولة ببعضها. وهذا النهج التسويقي المتاجر بالقضايا الكبرى للأمم والشعوب هو نهج قناة الجزيرة!
* والتساؤل المشروع هو: من سرّب خبر اللقاء (المزعوم) لقناة الجزيرة؟! فاحتمال طرف ثالث احتمال يصل للعدمية باعتبار خطورة منصبي الرجلين، واحتمال التسريب من الجانب السوداني احتمال يضاهى بالمستحيل ﻷن السودان ﻻ يكسب شيئاً من مثل هذا التسريب بل يخسر كثيراً، ويبقى احتماﻻن أولهما- التسريب من الجانب اﻹسرائيلي وهو افتراض بموجبه يمكننا أن نتهم قناة الجزيرة بالتنسيق مع الموساد. وثانيهما: (الفبركة): وهي الحقيقة التي تؤيدها استحالة المخاطرة من الجانب السوداني بالثقة في الموساد لحل قضايا البلاد.
* ونختم بأننا كلما أجبرتنا قناة الجزيرة على الكتابة عنها أو عن طرحها نحس كأننا نمشي على حقل من الألغام البشرية التي يمكن أن تنفجر في أي لحظة، هنا أو هناك ولكن كان ﻻ بد من البيان في الزمان والمكان الذي تقودنا إليه هذه القناة الخطيرة.
الصيحه



