أحمد يوسف التاي : دبلوماسية العِدَّة

لحمدلله أولاً على نعمة عودة )النبض( بعد توقف تجاوز العشرين يوماً، لظروف معلومة والسؤال عنها بدعة، فما أمرَّ وأصعب الغياب عن قراء مخلصين أدمنوا محبتنا فأكثروا السؤال عنا فعزاؤنا وعزاؤهم (أن الله يفعل ما يُريد).
قبل أيام وجدتُ زميلنا الصحافي النشط الهضيبي يس قبل أن ينضم لركب الغراء (أخبار اليوم)، فاستوثقت منه عن معلومة تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بأن الأستاذ الهضيبي يسن ترك العمل بالصحافة واتجه لتجارة البصل، (فرِّيش على قدر حالو)… الهضيبي أكد لي صحة ما تردد قائلاً: (فعلاً يا أستاذ التاي أنا الآن فارش بصل بس، والحمد لله مستورة)، دعوتُ الله له بالتوفيق والرزق الحلال ثم انصرفت لحال سبيلي، ترددتُ في أن أسأله عمَّا إذا كان أحد أطفاله نصحه ببيع البصل بدلاً عن شغل الصحافة في ظل الظروف الراهنة، أم أنه صاحب الفكرة.

قبل عشرين يوماً تأريخ توقف (النبض) كنتُ أتجاذب أطراف الحديث مع المدام حول أمور كثيرة منها التفكير في سبل العيش الأخرى لعلنا نجد في الأرض مُراغم كثيرةً وسعةً… كانت صغيرتي (لولة) ذات الأعوام السبعة تسترق السمع وتتابع حوارنا بدقة، وما أن فرغنا من الحديث حتى قالت الصغيرة ببراءة تُحسد عليها وبشيء من الجدية: (يا أبوي أنا عندي ليك فكرة… خلي الكتابة في الجرايد، وأنا حأوريك تشتغل شنو؟!!)…انتبهنا إلى كلام الصغيرة الذي وقع على آذاننا كالصاعقة… سألتْها أمُها طيب أها يشتغل شنو؟… قالت غير آبهة: شفتَ يا أبوي من بكرة تاني بيع العِدّة للنسوان!!

يشهد الله الذي لا إله غيره وهو الذي كان مطلعاً علينا وقتها، فقد ألجمتني الدهشة عندما زادت على كلامها: (اشتغل عِدة بس يا أبوي، وتاني لا محكمة ولا نيابة ولا زول يناديك مافي).

نعم يا (لولة) فلتكن ما أشرتِ إليه هي خطتي القادمة بإذن الله، ففي التجارة سعة في الرزق وبركة في المال، ولتكن تجارة الأواني المنزلية لأمهاتنا وأخواتنا من حسناوات بلادي و(كنداكاتها)، وما أروعها وأنعم بها من نساءٍ كالأسود الضاريات.

ولكني سأعدك يا (لولة) إن فعلتها فلن أكون مثل تاجر العِدّة الشهير الذي كان يبيع الأواني المنزلية بسوق ليبيا، ثم فاجأ الناس بعد سنوات قليلة بأنه أصبح من رجال السلك الدبلوماسي عندما غادر إلى إحدى الدول الإسكندنافية بتوصية من صهره (النافذ) ثم أُدرج اسمه ضمن البعثة الدبلوماسية وأصبح دبلوماسياً، لا تسألوني في أي الحقب حدث ذلك؟ لأني لا أتذكر تماماً، إنها دبلوماسية العِدّة والأواني المنزلية… سأعدك صغيرتي حتى في تجارة الأواني المنزلية سألتزم بأخلاق المهنة وضوابطها، ولن نتجاوز الخطوط الحمراء حتى لا نفقد مصدر الرزق الحلال، وحتى لا تفشل خطة أميرتي الصغيرة فإني حريص عليكِ وعلى خُطتك مثل حرصي على شرف مهنتي وأخلاقها ومسؤولياتها… اللهم هذا قسمي في ما أملك.

نبضة أخيرة
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

الانتباهه




مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.