(قوّة ثالِثة)..!

غض النظر عن رأينا في تجمع المهنيين.. غض النظر عن ملاحظاتنا على نشاط قوى التغيير بشكل عام، هناك حقائق على الأرض، كثيراً ما يحاول بعض منسوبي الحكومة تزويغها أو تذويقها، ولا فرق.
أهم الحقائق التي يحاول المقربون للسلطة تزييفها، أن الخرطوم غادرت محطة القرضاوي والتحقت بحلف آخر هو أحد مكوناته، بالتالي فإن تلك الخرطوم – بزعمهم – قد نشِطت من العقال الإخواني.
لكن دحض هذا الافتراء لا يحتاج إلى كثير براهين، ففي الخارج ينتظر التنظيم الدولي بعضاً من الثمرة، بينما تكمُن الحركة الإسلامية في مفاصل الدولة، وإلا لأصبح من اليسير على تجمع المهنيين جدولة العصيان المدني في وقت وجيز، لو لم تكن (الخدمة المدنية) بين قوسين، هي الخدمة المدنية كما أرادها الترابي
في مقابل ذلك، نهض هتاف جماهيري متطرف: (أي كوز ندوسوا دوس)، وهو شعار فيه غلو ويحتوي غبناً لا يليق بمن هتفوا به، لذلك يرفضه كثير من دعاة التغيير، مع العلم بأنه نبتُ واقع التكريس، وربما لو تغيرَ الواقع، تغيّرَ الشعار.
مقابل هذه الحقيقة، حقيقة أخرى، هي أن الخرطوم الرسمية، ومنذ اندلاع الحراك في العشرة الأواخِر من العام الماضي، لم تُقدم حلاً جذرياً للنواقص التي أسلمتها لإعلان حالة الطوارئ.
فالصفوف (واقفة) تتحدى تصريحات حاتم السر، وهي صفوف من كل نوع، أشهرها صف العملة التي تطبع وتودع في البنوك، ثم ينشِلها النشال كماءِ بئر لا يسكب فيها غير الدِّلاء، وتلك طبيعة الأشياء.
أو هي الحقيقة، أنهم في مواجهة احتجاج فرضته عبقرية رجل الشارع العادي، دون استعانة بتجمع مهنيين، أو مستشارينَ شيوعيين.. هذا وحده يكفي للقول بأن الشارع العام في السودان، هو أكبر من كافة الأُطر التنظيمية التي تحتاجه، إذ لا يمكن لتلك الأُطر أن تنمو دونَ حضنه الدافئ..
يجب ألا تغيب عن ذهن العقلاء من الطرفين، أن لكل أجل كتاب، وأنه لا بد من حل لهذه الأزمة الوطنية.
قد لا يأتي الحل وفق هوى من خرجوا للشارع، وبالضرورة لن يأتي الحل بناءً على رغبات السلطة.. نحتاجُ (قوة ثالثةً) لتعبيد الطريق.. في تجربتنا التاريخية، كانت تلك القوة هي الجيش.
إن كان تدخل الجيش في هذه المرحلة قد أصبح صعباً،.. اذن ما هي هذه القوى، وما آلياتها، فالحكومة مهما افترضنا ضعفها أو غباءها، تدرك استحالة مفاوضة تجمع المهنيين،
نواصل غداً..
اخرلحظه



