تحليل سياسي: محمد لطيف-المجالس الرئاسية بعيداً.. عن (الدغمسة) و(الصناجة)!

في يناير من العام الماضي.. أى قبل أكثر من عام، أصدر رئيس الجمهورية جملة قرارات تأسست بموجبها خمسة مجالس سُمّيت بالمجالس الرئاسية.. أو السيادية.. وقد شملت تلك المجالس… وفقاً لمراسيم جمهورية.. مجلس شؤون رئاسة الجمهورية.. المجلس القومي للاقتصاد الكلي .. المجلس القومي للإعلام..
المجلس القومي للسياسة الخارجية، ومجلس السلام والوحدة.. وقضت المراسيم أن تضم عضوية المجالس ـ التي يترأسها الرئيس ــ نائبيه ومساعديه ووزراء مختصين وخبراء.. ثم فصلت المراسيم في اختصاصات كل
مجلس.. فيختص مجلس شؤون رئاسة الجمهورية .. بـ “وضع الخطط والبرامج وإجازة الدراسات التي تُمكّن من دعم اتخاذ القرار، وتأمين المسار الإستراتيجي للدولة”.. ويختص المجلس القومي للاقتصاد الكلي بإقرار السياسات المتصلة بالاقتصاد الكلي.. وتلقّي تقارير دورية عن متغيرات سياسات الاقتصاد الكلي وتقويمها
وقياس أثر هذا التغيير على صعيد قطاعات الاقتصاد الكلي.. ويعنى المجلس القومي للإعلام.. بإعداد الرؤية المتكاملة للإعلام في الدستور تأسيساً على الأهداف الكمية والنوعية لتحويل السودان إلى مركز إقليمي للإعلام وتحديد المرتكزات للنظام الإعلامي الوطني.. وتكون مهمة المجلس القومي للسياسة الخارجية..
تخطيط وتوجيه ورسم السياسات الخارجية وفق الرؤية والتوجيهات الرئاسية والإشراف الدقيق على تطوير آليات وهياكل المؤسسات المساعدة في إنفاذ السياسة الخارجية.. ويضطلع مجلس السلام بمهمة تحقيق السلام في كافة أنحاء السودان، واستكمال الوفاق الوطني بين القوى السياسية وتحقيق الوئام الأهلي في البلاد..!
وثارت يومها جملة من الأسئلة حول طبيعة هذه المجالس وجدواها.. ومدى فاعليتها في ظل وجود الجهاز التنفيذي.. وأجهزة الحزب الحاكم.. كما أن أسئلة أخرى تناولت مدى قومية تلك المجالس من حيث التشكيل.. وبالتالي مدى قدرتها على التعبير عن سياسات كلية تُخاطب مطلوبات المشهد كافة، وتخاطب كذلك أشواق السودانيين بمختلف أطيافهم وألوانهم ورؤاهم..؟
كانت الإجابة السهلة والأقرب أن قيام هذه المجالس قد جاء استجابة لتوصيات مؤتمر الحوار الوطني.. التي صِيغت هي الأخرى لتُعبِّر عن مُخرجات ذلك الحوار الوطني.. ولكن، وكما هو الحال مع كل توصيات الحوار الوطني وما صاحَبها من دغمسةٍ .. مصطلح رئاسي.. في الترتيب.. وصناجةٍ .. مصطلح أمني.. في التنفيذ..
بفضل هيمنة المؤتمر الوطني على المشهد.. ثارت تحفُّظات كثيرة على تشكيل تلك المجالس ومعايير اختيار عضويتها.. وما إذا كانت تُعبِّر عن روح وإرادة الحزب الحاكم آنذاك.. أم تُعبِّر عن الحوار الوطني.. على عِلَّاته..
بحق وحقيقة..؟!
الآن، وقد نشأ موقف جديد.. بعد قرارات 22 فبراير.. أو سمِّها مبادرة رئيس الجمهورية لكسر الاستعصاء الناشب في المشهد السياسي.. فإذا كانت تلك المبادرة.. بإقرار حتى بعض المعارضين.. قد نقلت المشهد كله.. إلى مربع جديد.. بدأ بمراجعات كبرى صاغها وقادها الرئيس بنفسه.. بلغت حد حل الحكومة الاتحادية.. والحكومات الولائية.. وإعفاء الولاة الحزبيين.. وعسكرة مناصبهم.. فيصبح من الطبيعي.. بل والمهم جداً.. أن تصعد هذه المراجعات لتبلغ رئاسة الجمهورية.. ولمِ لا فركناً ركيناً في تلك المؤسسة قد طالها التغيير..؟
وإذا كانت المعلومات الراشحة تتحدث عن دور محوري للمجالس الرئاسية أو السيادية.. سمّها ما شئت.. لصياغة خطط المرحلة الانتقالية لعرضها بعد ذلك على الجمعية العمومية للحوار الوطني .. فالمنطق يقتضي أن يُعاد تشكيل هذه المجالس بما يُعبّر عن المرحلة الجديدة.. مرحلة التحرّر والانعتاق من الهيمنة.. بل وأن يشمل ذلك التمثيل حتى تلك القوى التى لا تملك تمثيلاً في عمومية الحوار الوطني ..!
الصيحه



