الطيب مصطفى يكتب : عبد الرحيم محمد حسين وولاية الخرطوم …مخاشنة عنيفة حدثت بيني وبينه يوم المفاصلة بين القصر والمنشية
سعدتُ أن ينجح والي الخرطوم الجديد الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين في التخفيف من حدة أول مشكلة تواجهه وأعني قضية أراضي الجريف شرق التي سالت فيها الدماء وبلغ الاحتقان أوجه، فقد كان للزيارة التي قام بها للمنطقة الملتهبة أثرها في إطفاء حريق كان مرشحاً للتصاعد حيث أمر الرجل بالتحقيق العاجل في تلك الأحداث.
ما كان الرفق أخي الوالي في شيء إلا زانه وما نُزِع من شيء إلا شانه، ولذلك يرجى أن يخلو عهدك من إسالة الدماء فـ (لا يَزَالُ الْمَرْءُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا” أو كما قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
إذا كنت قد كتبت عن بعض ملامح التشكيل الوزاري والولائي الأخير فإن ولاية الخرطوم تستحق أن تفرد لها مساحة مقدرة وأقولها بكل ثقة إنه في عصر (النيوميديا) و(الواتساب) أصبح الحكم جمرة من نار بل قطعة ضخمة من العذاب ولا أخفي حقيقة أن عبد الرحيم تحديداً ناله كثيرٌ مما تطفح به مواقع التواصل الاجتماعي خاصة من المعارضة التي تنشط في استخدام تلك الوسائط مما أثر كثيراً في الصورة الذهنية للرجل الذي ارتبطت شخصيته بشخصية الرئيس نظراً للعلاقة الخاصة القائمة بينهما منذ قيام الإنقاذ ولعل الاحتقان والتغابن السياسي ومناخ الاحتراب أسهم كثيراً في حملات التراشق التي تمتلئ بها الأسافير.
ذلك يقتضي أن يبذل الرجل كثيراً من الجهد في سبيل كسب ثقة الشارع سيما وأنه يعاني من مشكلة (كاريزما) قلل منها الإعلام المعارض ولن أغرق في (شبر موية) لأتحدث عن أداء الفريق أول عبد الرحيم خلال السنوات الماضية منذ أن أطلّت الانقاذ على المشهد السياسي والتي تقلّب الرجل خلالها بين وزارة الدفاع والداخلية والقصر فقد كتبت عن ذلك منتقداً بعض الأخطاء الكبيرة خاصة تلك التي أحسب انها أثرت على الأمن القومي وعرّضت البلاد لأخطار دفعت البلاد جراءها الكثير.
عندما نُقل مولانا أحمد هارون من جنوب كردفان إلى شمال كردفان التي لا يزال يتولى فيها منصب الوالي كتبت منبهراً بحملات النفير التي أعلنها في ولايته الجديدة بالرغم من أن علاقتي بالرجل كانت متوترة في موقعه القديم بل أن الرجل كان قد رفع ضدي أكثر من دعوى فقد كنت معترضاً وقتها على بعض مواقفه السياسية تجاه الحركة الشعبية وقطاع الشمال والتي كنت أراها (منبطحة) خاصة علاقته بالرويبضة عرمان وبعبد العزيز الحلو واللذين لا يزال السودان يعاني من تمردهما اللعين.. بعد تولي أحمد هارون منصبه الجديد ظللت داعماً له سيما بعد أدائه المتميز الذي أهله دون غيره من الولاة للبقاء في موقعه الحالي.. سأكتب إن شاء الله عن أحمد هارون الذي قلت بعد علمي بما يفعل ليتنا لو وجدنا سبيلاً لاستنساخه في الولايات الأخرى.
أقولها بمنتهى التجرد وبشهادة أقيمها لله إن عبد الرحيم رجل ذو همة قل نظيرها فهو رجل لا يهدأ.. وزارة الداخلية ثم وزارة الدفاع تشهدان بإنجازاته (العمرانية) تحديداً وأظن أن ذلك أكثر ما حمل الرئيس على الدفع به لتولي أمر العاصمة التي رغم أن واليْيها الأخيريْن د. المتعافي ود. الخضر بذلا الكثير في سبيل جعلها عاصمة حضارية لا تزال تحتاج إلى همة الرجل.
يستند عبد الرحيم على خبرة كبيرة من خلال المواقع التي تقلّدها وأحسب أن الرجل تعلّم كثيراً حتى من بعض الاخفاقات التي اضطرته ذات يوم إلى الدفع باستقالته من المنصب خاصة وأن الإعلام (الورقي) والإلكتروني يتربص به، لكن الرجل الذي أعلم ما لا يعلمه كثير من الناس عن بعض الجوانب الخفية لشخصيته يتمتع بطيبة ولطف وتواضع ورقة تيسر له التواصل مع الناس كل الناس بمن فيهم الذي لا يتفق معه سياسياً.
مما ظل محفوراً في ذاكرتي مخاشنة عنيفة حدثت بيني وبينه يوم الرابع من رمضان الذي حدثت فيه المفاصلة بين ما يسمى بالقصر والمنشية فإذا بالرجل يتصل بي في الثانية صباحاً في نفس الليلة معتذراً.
لو كان لي من مناصحة للرجل فإني أقول إنه وقد تولى منصب والي الخرطوم، وما أدراك ما والي الخرطوم، أقول إن عليه أن يعلم أن الخرطوم تستحق منه البذل بالليل والنهار ولا وقت لديه لينشغل بصديقه الأكبر أو يشغله لأن ذلك بالقطع سيكون على حساب الفريضة التي ينبغي أن تعلو على النوافل الأخرى مهما بلغ تعلقه بها.
الأمر الآخر الأكثر أهمية يتمثل في تأمين الخرطوم التي تضج بالخلايا النائمة وبأتباع الجبهة الثورية في الجامعات وغيرها سيما وقد انفجرت الأوضاع في دولة جنوب السودان المرشحة لمزيد من التوتر جراء ما رشح عن تدهور صحة سلفاكير وما سينتج عن وفاته من اضطراب وزيادة في وتيرة الحرب الأهلية التي ستزيد من الهجرة بكل أخطارها الأمنية والصحية على العاصمة.
أما خدمات المياه والتعليم والصحة والنظافة فإنها مما لا يحتاج إلى الحديث عنه.
الطيب مصطفى – جريدة الصيحة