حيدر المكاشفي: ضراع حميدتي وعصايات من العهد البائد

تابعت بلا تطفل نقاش ساخن دار بين جماعة حول المشهد الوطني والسياسي الراهن ورموزه، وكان الفريق أول محمد حمدان دقلو الشهير ب(حميدتي) أكثر هذه الرموز الذي دار حوله اللغط والجدل، وانقسم المتجادلون حوله الى فريقين، فريق يؤيده ل (الطيش) حسب تعبيرهم، وفريق يغلظ في انتقاده، والى هنا فالأمر عادي فتلك هي طبيعة النقاشات والمجادلات الشعبية العفوية، وما كان لي أن أجعل منها موضوعا لولا عبارة (حميدتي نال ما نال من وضع الآن بي حقو وضراعو) أو كما قال أحد ال(حميدتاويين) فهناك (قحتاويين) أيضا من بين المتجادلين، استوقفتني هذه العبارة وأعادتني الى زمان أخذ الحقوق بالضراع، وأوجست في نفسي خيفة من أن لا تزال الحقوق والأوضاع تؤخذ بالضراع هكذا غلابا كما كان يحدث في العهد البائد..

 

فمن عمليات ابراز المقانص والعضلات المفتولة خلال العهد البائد، أذكر أن الدكتور غازي صلاح الدين كان قد قال في حوار معه، إن موسى هلال يحرس مقعده البرلماني (بضراعو) ولا أحد يجرؤ على إسقاط عضويته، وزاد بأن تصرفات المؤتمر الوطني ترسخ لقاعدة إذا عاوز الحكومة تحترمك (كبّر عصاتك)، وذلك رداً على سؤال محاوره له عن رأيه في عدم إسقاط عضوية هلال في المجلس، في الوقت الذي أسقطت فيه عضوية غازي نفسه وآخرين، وما قاله غازي بعد أن اندرج في سلك المعارضة، هو عين ما ظل يردده المعارضون السلميون الذين لا سلاح لهم غير أقلامهم وأصواتهم (الحكومة لا تحترم ولا تحاور إلا من يشهر في وجهها السلاح، ومن يمتلك جيشاً أو مليشيا قبلية).

 

وبالفعل حملت قاعدة (كبّر عصاتك) كثيرين من ذوي العصي الكبيرة والعضلات التبش والاصوات العالية إلى سدة الحكم، فصاروا وزراء وولاة ومعتمدين ووزراء دولة، بل إن بعضهم – وهم في الغالب قادة حملة هذه العصي الكبيرة – اتخذوا مقاعدهم السيادية داخل القصر الجمهوري، أما شيخنا غازي فليس له بالطبع غير لسانه الذَّرِب وعقله المرتب، فهو لا يملك (ضراع ماكن) ولا لديه (عصاة مضببة) يصد بها قرارات الفصل من البرلمان.. وعلى كل حال وعلى ذكر البرلمان المحلول والعصي (جمع عصاة) وتكتيك أفتل عضلاتك وكبر عصاتك وأخرج لسانك من لغاليغو لتنال ما تريده الذي كان سائدا، نخشى ما نخشاه أن يكون هذا التكتيك ما زال فاعلا حتى بعد أن صار المعارضون السابقون هم الحاكمين اليوم فينال البعض ما لا يستحقون من مواقع ووظائف لا لكفاءة مهنية وعلمية وعملية وانما فقط بسلاطة اللسان وبسطة في الضراع سواء كان ضراع مليشيا أو حتى شلة..

الجريدة

Exit mobile version