سودافاكس- الخرطوم : انطلقت المفاوضات بين الحكومة والحركات المسلحة بجوبا أمس بجلسة افتتاحية خاطبها رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت راعي المفاوضات، بمناشدة للأطراف بالتفاوض بحسن نية، بينما كان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الحائز على جائزة نوبل للسلام حاضراً بكلمة أعرب فيها عن أمله بالوصول لاتفاق بين الحكومة الانتقالية وبقية الأطراف السودانية، حتى ينخرط الجميع في عملية المصالحة. رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان أكد ثقته فى أن جوبا تعتبر من أكثر العواصم المؤهلة لإحداث اختراق فعلي في ملف السلام في السودان.
مناشدة سلفاكير
الجلسة الافتتاحية حضرها رئيس يوغندا ورئيس وزراء إثيوبيا وورئيس الوزراء المصري، وناشد رئيس دولة جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، الأطراف المتفاوضة، لتقديم “تنازلات” من أجل التوصل إلى سلام سيمثّل “دفعة” لدولته التي تقترب من تشكيل حكومتها الانتقالية.
وقال: “أناشدكم التفاوض بنية حسنة، مع ضرورة تقديم بعض التنازلات من أجل التوصل لسلام واستقرار في السودان والإقليم ككل”.
واعتبر سلفاكير تحقيق السلام بالسودان “سيمثل دفعة كبيرة بالنسبة لهم في (دولة) جنوب السودان”، وتابع: “رغبتنا هي أن يتحقق سلام داخلي في البلدين، وأن يكون هناك تعايش بين مواطني الدولتين”.
وقال سلفاكير: “تجربتنا تظهر أنه لا يمكن لأي طرف أن يكسب المعركة عبر فوهة البندقية، وإنما عن طريق الحوار السياسي والتفاوض والتسويات التي تقود لحل جميع النزاعات”، في إشارة إلى الحرب الأهلية التي تشهدها بلاده منذ 2013 بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة.
آبي أحمد يدعم
و طالب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الهيئة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا “إيقاد” بدعم مبادرة سلفاكير لإحلال السلام في السودان.
وأعرب آبي أحمد عن أمله بأن تقود جولة المباحثات إلى تمهيد الطريق أمام الأطراف السودانية، للتوصل لاتفاق سلام ينهي الحرب ويحقق المصالحة.
وقال: “أتمنى أن يمهد لقاؤنا هذا لتحقيق اتفاق بين الحكومة الانتقالية وبقية الأطراف السودانية، حتى ينخرط الجميع في عملية المصالحة. أثمن مبادرة سلفاكير كما أدعو الإيغاد إلى دعمها بالكامل، فهناك فرصة كبيرة لتحقيق التكامل الاقتصادي بين بلدان الإقليم”.
أكثر العواصم تأهيلاً
وأشاد رئيس مجلس السيادة الفريق أول، عبد الفتاح البرهان، بمبادرة سلفاكير لتحقيق السلام في السودان، معتبرا أنها ولدت من “رحم” الثورة السودانية.
وأكّد البرهان أن جوبا “تعتبر من أكثر العواصم المؤهلة لإحداث اختراق فعلي في ملف السلام في السودان”.
وتابع “أعتقد أن جوبا منبر مؤهل وهم أهلنا ولنا ثقة كبيرة جداً بأنهم قادرون على تولي الوساطة، ونأمل أن تؤدي جولات جوبا إلى تحقيق السلام في السودان”.
الحلو يشارك
من جانبه قال رئيس حركة الشعبية شمال عبد العزيز الحلو في الجلسة الافتتاحية إن وفد الحركة جاء إلى جوبا بعقل مفتوح لتحقيق السلام مشيراً إلى أن السودان يحتاج إلى إدارة التنوع والتخلص من الاتجاه ” العروبي والإسلامي الذي سجنه فيه النظام السابق”.
من جهته أكد رئيس الجبهة الثورية د. الهادي إدريس يحيى خلال الجلسة الافتتاحية على أهمية دعم ومساندة بلدان الأقليم والمجتمع الدولي للعملية السلمية وعلى ضرورة وجود تفويض واضح من الاتحاد الإفريقي وسند المنظومة الدولية تمكن الأطراف السودانية من الدخول في عملية سياسية ناجحة، وذلك بتفعيل إعلان جوبا وتنفيذ كافة بنوده.
وأضاف: عملية السلام المنشودة هي عملية سلام واحدة تضم في طياتها مسارات متعددة لا تخاطب فقط قضايا الحروب بل تشمل القضايا الوطنية.
من جانبه قال القيادي بالجبهة الثورية محمد زكريا في حديثه لـ (السوداني) إن الجبهة الثورية أرسلت وفوداً على رأسها رئيس الجبهة الثورية د. الهادي إدريس يحيى وجبريل إبراهيم.
مشيراً إلى أن ما يجري الآن بجوبا بين الثورية والحكومة ليس مفاوضات بل مباحثات ومشاورات قبيل انطلاق المفاوضات الفعلية، مشيراً إلى أن جلسة أمس الافتتاحية من باب الإيفاء بالتاريخ المضروب لانطلاق العملية التفاوضية.
ولا يبدو زكريا متفائلاً بما يمكن أن تسفر عنه المباحثات متوقعاً أن لا تستمر طويلاً وأضاف: قد تنتهي غدًا.
ويشير زكريا إلى وجود تعقيدات عديدة تعترض العملية التفاوضية منها أنه لم يتم حتى الآن حسم منبر التفاوض ولا بد من من قرار دولي إقليمي بتأسيسه لافتًا إلى أن ذلك لم يحدث حتى اللحظة، وهو ما يمكن أن يؤخر انطلاق المفاوضات بشكلها الكامل، مشيرًا إلى أن وجود تباحث حول المقر الأمثل لاستضافة المفاوضات بحكم أن الدولة المستضيفة يقع على عاتقها عبء الإعمار.
الحاضرون بجويا
ووصل إلى جوبا كلٌ من وفد الجبهة الثورية، والحركة الشعبية، إلى جانب الوفد الحكومي بقيادة عضو نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان “حميدتي”، الفريق شمس الدين الكباشي، الفريق ياسر العطا، ومن المدنيين أعضاء المجلس محمد الفكي سليمان ومحمد حسن التعايشي، إلى جانب وزير رئاسة مجلس الوزراء عمر مانيس، ووزير الحكم الاتحادي يوسف آدم الضي، ورئيس مفوضية السلام سليمان آدم الدبيلو.
وجاءت الجلسة الافتتاحية للمفاوضات تمهيدًا لإعلان جوبا الذي وقع في الشهر الماضي بين طرفي التفاوض، ووسط الترقب الذي يُحيط بهذه الجولة والتوقعات بنجاحها قال الناطق باسم مجلس السيادة محمد الفكي سليمان إن الحكومة الانتقالية مصممة على إحراز تقدم في عملية السلام عبر المفاوضات اليوم مع الحركات المسلحة.
أجندة التفاوض
ومن المتوقع أن تُجرى جولة المفاوضات عبر مسارين منفصلين، مسار بين الحكومة و”الجبهة الثورية”، والثاني بين الحكومة و”الحركة الشعبية – بقيادة عبد العزيز الحلو”.
وطبقًا لتقارير إعلامية فإن أجندة التفاوض للجبهة الثورية تتضمن إحلال السلام أولاً، وفتح المسارات لعمليات الإغاثة وعودة اللاجئين، وترتيب العودة الطوعية وبناء مدن وقرى للنازحين، وإرجاع أراضيهم، وتعويض المتأثرين من الحروب وإعطاء المناطق تمييزاً إيجابياً، والترتيبات الأمنية لدمج الجيوش في الجيش الوطني.
أجواء المفاوضات
قبيل وصول الوفود الرسمية إلى جوبا وبدء الجلسة الافتتاحية تمهيدًا لبدء المفاوضات الرسمية دار جدلٌ كثيف حول تأخير عقد محادثات السلام، إلى جانب نقل مقر التفاوض إلى عواصم أخرى وبرزت أديس أبابا والإمارات العربية المتحدة في المشهد، وتساؤلات حول قدرة جوبا على رعاية مباحثات السلام بين الطرفين، ومما يعزز من هذا الموقف أن قادة الجبهة الثورية أشاروا في أكثر من منبر إلى عدم تحديد منبر المفاوضات بعد وأن الجلسات الأولى قد تكون في مدينة على أن تُعقد بقيتها في عواصم أُخرى، وهو ما يشير إلى أن هذه الجولة من المحادثات قد لا تحدث اختراقًا يُذكر.
أجواء التفاوض
الكاتب الصحفي أسامة عبد الماجد اعتبر في حديثه لـ(السوداني) أمس أن هناك إشكالات حقيقية تتمثل في عدم رضا أطراف بجوبا كمنبر للتفاوض وإن لم تُصرح بذلك، وتبرز بعض الإشكالات في ضعف الدعم اللوجيستي إذ ليس بمقدور جوبا تهيئة الأجواء للأطراف والوسطاء، ويرى أسامة أن لجوبا نفسها إشكالات داخلية عميقة فعملية السلام لم ترواح مكانها.
وأضاف: أجواء التفاوض غير مُناسبة إذا نظرنا لآخر جولات التفاوض في أديس أبابا وغيرها، لاقتًا إلى أن الموقف الحكومي غير واضح ولا يمتلك وفدها خبرة كبيرة في التفاوض خاصة الشق المدني، مع غياب تمثيل النيل الأزرق من الوفد.
جولة إجرائية
وحول القدرة على إدارة العملية التفاوضية يقول أسامة: جوبا قدرتها ضعيفة في إدارة شؤون التفاوض بدليل مخاطبتها للاتحاد الإفريقي لإرسال معاونين للمساعدة في عملية التفاوض، فما لم تتضح رؤية جوبا للتفاوض إذ ستكون بحاجة إلى إقناع الأطراف بشكل جديّ.
ولا يتوقع أسامة أن تتناول هذه الجولة أيّ ملفات أو مباحثات حقيقية مشيرًا إلى أنها ستكون جلسات اجرائية مستدلًا على ذلك بغياب قادة الحركات متوقعًا أن ينقل منبر التفاوض للقاهرة أو إنجمينا على أن يكون مدعومًا من قبل المملكة العربية السعودية أو الإمارات.
تحقيق الاختراق
المحادثات التي بدأت على أمل أن تُكلل بالسلام يرى البعض أنهُ لن يكون شاملًا لجهة غياب رئيس حركة جيش تحرير السودان عبد الواحد محمد نور الذي أعلن مقاطعتهُ لها معتبرًا أن مخاطبة جذور الأزمة التاريخية للسودان لن تحدث في جوبا.
وكان الناطق باسم الحركة محمد الناير أكد في تصريح لـ(السوداني) عدم مشاركتهم في مفاوضات جوبا.
يذكر أن عبد الواحد أبدى استعدادهُ للقاء رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه الفريق أول محمد حمدان”حميدتي” باعتبارهما جزءاً من المشهد العسكري والسياسي على حد تعبيره.
وبحسب بيان من المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين خرجت مسيرات أمس من معسكرات النازحين واللاجئين بدارفور رفضًا لمفاوضات جوبا وما أسمتهُ بالصفقة في حقوق الإنسان والنازحين.
صحيفة السوداني