خبير اقتصادي: الفساد نخر «عظم» البلاد بعد أن أكل «لحمها وشحمها»

سودافاكس- الخرطوم : يعاني الاقتصاد السوداني من جراحات وكدمات وليس في مقدوره ان يتحمل اي عمليات جراحية خطيرة، ونجد ان مبررات الاصلاحات التي تمت بوجهة نظر خبراء الاقتصاد كانت ضعيفة ولا يمكن تمريرها على المواطن الذي ظل يعاني ظروفاً قاسية. هذا الوضع كان لا بد للحكومة ووزارة المالية ان تضع حلولاً من شأنها تخفيف العبء، الا ان الوضع ما زال صعباً وحرجاً للغاية، والبلاد محاصرة بالازمات خاصة بعد تراجع قيمة الجنيه مقابل العملات الاجنبية واخرها قرار رفع الدعم الذي اثار جدلاً واسعاً. «الانتباهة» طرحت الاسئلة على الخبير الاقتصادي بروفيسور عصام عبدالوهاب بوب واليكم افاداته التالية :

] كيف تنظر لقضية محاربة الفساد ؟
– حتى الان نرى ان قضية محاربة الفساد هي حديث رجل الشارع ومقالات وكتب يقرأها المواطن ولكن دون تنفيذ. الفساد ينخر عظام البلاد بعد أن اكل لحمها وشحمها والسياسيون (شغالين بالنظر)، ايام النظام السابق كانت تشكل دواوين ومكاتب لمكافحة الفساد وحقيقة الأمر أنها كانت للتغطية عليه. وهذه الايام نقرأ مع الكلمة كثيراً لكن (السواي ما حداث). هذه ثورة عظيمة لماذا لم تتبعها (محاكم الثورة). الجميع يعرفون أين هي مواطن الفساد وأموال الشعب السوداني. عقب انتصار الثورة السودانية في شهر أبريل كتبت مقالاً اهم ما فيه هو (رد المظالم). لم أر اي خطوات تجاه ذلك وربما كان المبدأ هو (الفات مات). هذا اجرام في حق الشعب السوداني والثورة العظيمة. هناك مبدأ لا بد من اتباعه هو presumed guilty وعليكم التفسير لا يمكن التفكير في الإصلاح الاقتصادي بدون رد المظالم والمحاسبة.

] ماهو أثر الوضع الاقتصادي الحالي على «قفة الملاح» ؟
– ما يغضبني حقاً هو الحديث عن زيادة سعر الدقيق وبالتالي الرغيف وادرك جازماً ان اعضاء السلطة الحالية يعيشون في (أبراج عاجية) ولا يعلمون ان المواطن يعيش على الرغيف مع استحالة ان يشتري ما يكفي من باقي السلع الاستهلاكية الضرورية. قبل يومين ذهبت لدكان بجواري وهو يشد قدرة الفول وسألته هل مازال الناس قادرين على شراء الفول كان رده.؟ ابداً بس (موية الفول) ومعها الرغيف اي (فتة) أثر الوضع الاقتصادي الحالي على قفة الملاح هو (ساحق وماحق) واي حديث غير ذلك هو كاذب المواطن لا يعيش على كلمات السياسيين وإذا كان يحب يملح بيها فقد ملح بها على مدى ٣٠ عاماً. الإصلاح الاقتصادي ليس كلمات واعتقد ان السلطة سوف تتداعى بسرعة اكثر مما نتوقعه لأنها لم تأخذ ولم تعرف معنى الإدارة والحوكمة الرشيدة .
] الحكومة الانتقالية لديها عام والأوضاع تزداد سوءاً .. هل من بوادر انفراج للأزمة وما هو الشيء المطمئن ؟
– دعونا ننظر الى أزمة الخبز اليوم وهي أزمة مزمنة تتراوح على مدى سنوات بدأت الأزمة منذ حدث تحول في العادات الغذائية لأبناء الشعب السوداني ومع بداية الهجرة الكثيفة للمدن هناك سلع لها أهمية استراتيجية واقتصادية واجتماعية ورغيف الخبز في مقدمتها، وقد سبق سؤالي قبل سنوات عن هذا الموضوع مع حدوث أزمات مماثلة إجابتي مماثلة وهي أنني لا أقبل ان تبتعد الدولة عن احتكار استيراد القمح حصرياً وان تترك المضاربات للسوق بل أجزم بضرورة اعتبارها أهمية أمنية قصوى وان تكون تحت هيمنة ومسؤولية الدولة حصرياً, من الواضح أن اتجاه وزير المالية عكس حديثي هذا وفكره يلتصق بمدرسة شيكاغو واقتصاد الصدمة، وهذا من الاستحالة تطبيقه في السودان النامي الذي يخرج من ٣٠ سنة دمرت اقتصادها، صحيح أن هناك مشاكل في تمويل الاستيراد ولكن تحت وجود إدارة حكومية وأمنية مسؤولة يمكن حل هذه المشكلة ,لا يمكن الادعاء بأن هناك حلولاً آنية سريعة لأن ذلك يتعلق بالحالة الاقتصادية والتمويل للاستيراد ومراكز البحوث والعقلية الإدارية الحكومية، هناك تساؤل ضروري وحتمي وهو لماذا تأتي هذه الأزمة مع احتدام الجدل حول رفع الدعم او الإبقاء على أسعار الخبز كما هي؟ هذه لعبة خطيرة جداً وتضع السلطة الحالية في مواجهة مع الشعب وإذا لم أسأل هذا السؤال فسوف يتردد على لسان الكثيرين ولكني أرى أن رفع الدعم كما يقال او زيادة أسعار الرغيف كما أرى لزيادة موارد الحكومة لن يتوقف، وأنها سوف تصبح نمطاً للزيادة كل ما احتاجت الحكومة لزيادة مواردها وهذا منحى خطير ولكنه يتفق مع منهجية يلمسها البنك الدولي وهذا يستحضر سؤالاً آخر مهم جداً.. متى نجح تطبيق سياسات البنك في إصلاح بلد؟ كما نُقل عن الصحف وردت اخبار عن دعم اتى من الخارج لشراء القمح وأتساءل هل تم صرفه كله على تمويل استيراد مواد بترولية وقمح لأن حجم المبلغ كبير، نبدأ الأمر بتوفير التمويل لكي تحل الازمة الآنية ثم نضع حلولاً طويلة المدى وهي ممكنة ومعروفة ولكنها بحاجة إلى إدارة حكومية وأمنية واستراتيجية حقيقية لا حلول تأتي في شكل تصريحات لا تغني من جوع .
] الدولة وضعت أعينها على صادر الذهب فكيف يتحقق ذلك ؟

– صحيح ان من الاحاديث الصحفية التي ترد ان الدولة وضعت أعينها على صادر الذهب ولكن هل هذا حقيقي في الواقع من كلماتي المنشورة وقرأها الجميع (استرداد الدولة لكل الموارد والثروات القومية) وهذا له طرق عديدة وصحيحة ولكنها صارمة ولكن اكتب كيف يتحقق ذلك لان كلماتي ستذهب هباءً ولا اعتقد ان السلطة الحالية قادرة على تحقيق أي اصلاح ما، يجب على القوى الوطنية اليوم ان تناضل لكي يبقى السودان بلداً واحداً واول خطوة هي تحقيق العدالة .

] هل لديك روشتة للخروج من الوضع الاقتصادي المتأزم ؟
– سبق لي اجابة هذا السؤال في سياق حديثي , وأدرك أن كلماتي ستذهب هباءً ولكن التمس من السلطة الحالية ان تكف عن إعطاء وعود للشعب السوداني لن تفي بها، وان تتمسك بمبادئ الشفافية والتقشف والشورى .
] ما هو مستقبل البلاد اقتصادياً ؟
– لا استطيع ان ارى مستقبلاً اقتصادياً مشرقاً للبلاد لأن النظام السابق دمر ركائز البلاد، وهي مشروع الجزيرة وما يليه من المشاريع المروية العظيمة، ودمر السكك الحديدية التي كانت فخراً للمواطن ومن الأطول والاعظم كفاءة في أفريقيا. واخيراً دمر الخدمة المدنية وهي دُعامة نظام الحكم الرشيد ,لا أرى ان السلطة الحالية تبذل اي مجهود وبدون أي خطة الإصلاح ولا اعتقد ان لديها رؤية حول الإصلاح، للاسف ان الركائز التي ذكرتها كانت هي الرابط الاول للسودان وقد جمعت بين شعوره وقبائله بصورة فعّالة وهذا يعني أن البلاد في طريقها للتفكك.

وعند حدوثه تأتي الى مخيلتي بلاد أفريقية حدث لها نفس الأمر وصارت مواردها نهباً لدول اجنبية.
نقلا عن : الانتباهة


انضم لقناة الواتسب

انضم لقروب الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.