حسين خوجلي : ليس دفاعا عن الإمام بل دفاعا عن المقام

لو أن الإمام الصادق المهدي زعم بأنه صاحب الأغلبية في برلمان الديمقراطية بأكثر من مائة مقعد، فهذه حقيقة تزعن لها الجغرافيا والتاريخ. ولو أن الرجل إدعى بأنه رئيس الوزراء المنتخب والشرعي، فهذا إدعاءٌ لا يحتاجُ لموافقة عدو أو صديق.

 

ولو أن الإمام أبان بأنه كان سجين الانقاذ الأول وضحيتها الأولى ومظلومها العاري الصدر صوب الهجمات والحملات التي لا أُبرئ نفسي منها فهو بيانٌ لا يحتاج إلى برهان.

 

ولو إنه أشهر حجته بأنه نجم المعارضة الأول في الداخل والخارج لما تصدى له أحد من أدعياء النضال المدني والعسكري.
ولو أن الحبيب طالب بأن يكون القيادة الشرعية ورئيسا لوزراء المرحلة ما بعد انتفاضة ديسمبر، فإنه يملك على ذلك حجةٌ تفلقُ الشعرة وجماهيرٌ تسد الأفق، بيد أن الرجل بكل تواضع الحكماء في ذلك الجو المعتم بالخلافات والتمزق والسيولة والفتنة ترفع عن حقه وارتضى طائعاً بفترة انتقالية وانتخابات مشهودة في نهايتها برقابة اقليمية ودولية. حقبةٌ لم يطالب فيها برئاسة ولا قداسة وهو شأن كان محل احترام خصومه ومعارضيه بالداخل والخارج.

 

وقد استنكر الوسط المستنير وطلائع القوى الحية في بلادنا، والأغلبية التي تتوق للديمقراطية للحملة الشعواء التي يتعرض لها الزعيم من قبل الأقلية الحمراء التي تحكمت في مفاصل الدولة في غفلة من غفلات التاريخ، ولمجموعات قزمية لا حظ لها في عدالة الصندوق وخيار الشعب، وتتشبث بالراهن من أجل الوظائف المسروقة والامتيازات الحرام.

 

صحيح أن ود المهدي له الكثير من التقديرات والاجتهادات المختلف عليها والتي تستحق التصويب والانتقاد عبر مسيرته السياسية الطويلة، ولكن ليس من باب هذه الحملة المفتراه والجائرة.
لقد كان كل جرم الرجل الذي اقترفه أنه طالب بوثيقة مجتمعية طليقة تجمع شعث كل القوى الوطنية في صعيد واحد، لا تقصي أحدا ولا تستبعد فكرة أو عقيدة أو حزب، وهو اعلانٌ معلوم في الدين والوطنية بالضرورة مادام في دائرة التمحيص والجرح والتعديل، وافق من وافق وأبى من أبى دون سيطرة أو إكراه.

 

وحتى إن غالينا وقلنا أن الرجل دعى إلى مهدية مدنية فإن ذلك من حقه فلن يُضارى أحد من ذلك إن كانت تحت شعار عكير الدامر:

جهاد المهدي سيف سلاهو ألمع ضاوي
وحكمو في الرقاب الفي الشرع بتلاوي
وإنت جهادك (اللين) بالهداية تداوي
مختلفة السيوف إلا الضرب متساوي

وإن بقيت رسالة أخيرة فهي لأغلبية السودانيين الذين يملكون من الدين والقيم والأرض ما يخافون عليه. إن الرجل الكبير ما زال في مقام (سعيداً قابل عكير) فلا تضطروهوا إلى مقام ( شقياً قابل نكير).

 

الانتباهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.