سد النهضة يقترب والتوتر يزيد.. ما هي أوراق مصر والسودان لمواجهة إثيوبيا؟

مع اقتراب موعد ملء سد النهضة والذي حددته إثيوبيا بالشهر المقبل، حيث يتوقع أن يكون له آثار كارثية على مصر، دعت وزير خارجية السودان إلى موقف قوي يمنع هذه الخطوة قبل الوصول إلى اتفاق.

ويشكل مشروع سد النهضة الضخم على النيل الأزرق الذي أطلقته إثيوبيا عام 2011، مصدرا لتوتر إقليمي خصوصا مع مصر التي يمدها النيل بنسبة 90 في المئة من احتياجاتها المائية.

وقالت الوزيرة أسماء عبدالله “إذا تمت مواجهة إثيوبيا بموقف قوي من السودان ومصر بأن لا يتم الملء قبل الوصول إلى اتفاق ستفكر في الأمر مرتين”.

وأضافت الوزيرة التي كانت في لقاء مطول مع وزير الموارد المائية ياسر عباس ونائب رئيس حزب الأمة إبراهيم الأمين المتابع لقضية سد النهضة على التليفزيون السوداني الأحد “نعلم تماما أن من حق إثيوبيا أن تبني السدود داخل أراضيها وتولد الكهرباء لمصلحة شعبها ولكن يجب الالتزام بالقوانين والمواثيق الدولية والالتزام بإعلان المبادئ الذي وقعت عليه الدول الثلاث”.

وبعد تسع سنوات من المفاوضات، لم يتم التوصل إلى أي اتفاق بين الدول المتنازعة.

وتخشى مصر أن يحد السد البالغ طوله 145 مترا من نصيبها من مياه النهر، فيما يخشى السودان من أن يؤثر الأمر على قدرة التخزين لديه، كما أن الخرطوم قلقة بشأن قوة السد وأمانه.

وتقول أسماء عبدالله: “مشروع كبير بحجم سد النهضة على بعد 20 كيلو مترا من الحدود السودانية يؤثر على السودان وبالتالي لابد للسودان أن يكون له موقف”، مضيفة أن السد له فوائده وله مصادر قلق على السودان.

وتوضح أن “من فوائد السد هو انتظام المياه وهذا يعني أنه لن يكون هناك فيضانات في السودان مرة أخرى ولا غرق للأراضي، مع احتفاظنا بنصيبنا في المياه، أما مصادر القلق لدينا أنه لابد من أن تستكمل الدراسات كلها سواء كانت البيئية أو التي تضمن سلامة السد”.

“نتأثر في السودان أكثر من مصر”
يشير وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس إلى أن بلاده تتأثر بسد النهضة أكثر من مصر “والوصول لاتفاق قبل الملء بالنسبة للسودان هو أمر ضروري بل شرط أساسي، وهي النقطة رقم واحد في خطاب السودان لمجلس الأمن”.

يضيف عباس أن “السودان طرف أصيل في هذا الملف ويتأثر أكثر من مصر لأن سعته التخزينية عشرة أضعاف من سد الروصيرص السوداني الذي يبعد 100 كيلو متر فقط عن سد النهضة، لذلك لابد من الوصول إلى اتفاق بشأن مبادء الملئ وطريقة التشغيل”.

ويوضح أن ” أنا عملت مهندس تشغيل، لا يمكن أن تعمل على تشغيل سد إلا بمعلومات عن تشغيل السد الذي قبله، فمثلا نحن هنا لا يمكننا تشغيل سد سنار السوداني إلا بمعلومات كاملة عن تشغيل سد الرصيرص حيث يبعدان عن بعضهما مسافة 240 كيلو مترا تقريبا، فما بالك لو كانت المسافة بين الرصيرص إلى سد النهضة مئة كيلو متر فقط، وبالتالي فإن طريقة تشغيل سد الروصيرص تعتمد اعتمادا كاملا على طريقة تشغيل سد النهضة وتوفر المعلومات، لذلك جاء الإصرار على توقيع اتفاق قبل بدء ملء سد النهضة”.

ويضيف “من حق إثيوبيا أن تقوم بعمل التنمية لكن في نفس الوقت بدون إحداث ضرر للآخرين”.

مجلس الأمن
وخاطب السودان مجلس الأمن الثلاثاء الماضي مؤكدا تشجيع أطراف “سد النهضة” الإثيوبي على تجنب القيام بأي إجراءات أحادية قد تؤثر سلبا على السلم والأمن الإقليمي والدولي.

وأوضحت وزيرة الخارجية أن “السودان أرسل الخطاب لمجلس الأمن لأن مصر كانت أرسلت رسالة لمجلس الأمن قبل شهر توضح فيها موقفها وتريد من مجلس الأمن التدخل حتى تلين إثيوبيا من موقفها وتعود للمفاوضات، وردت حينها إثيوبيا على الرسالة لتقول إنها منفتحة على المفاوضات”.

ووقعت مصر، في 29 فبراير الماضي بالأحرف الأولى على اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، الذي أعدته واشنطن والبنك الدولي، بينما امتنعت إثيوبيا عن التوقيع.

وجاء التوقيع بعد سلسلة اجتماعات عقدتها مصر وإثيوبيا والسودان في واشنطن منذ السادس من نوفمبر الماضي، على مستوى وزراء الخارجية والموارد المائية، بحضور ممثلي الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي.

“لسنا وسيطا”
وقالت وزيرة الخارجية أسماء عبدالله “أرسلنا رسالة لمجلس الأمن لنؤكد أن السودان شريك أصيل في السد والمفاوضات لأن هناك كلام أن السودان وسيط بين مصر وإثيوبيا، نحن لسنا وسيطا، بل نحن شريك ولدينا موقف من قضية سد النهضة، وشرحنا موقفنا أثناء المفاوضات”.

وأضافت أن “السودان يهمه أن تصل الدول الثلاث إلى توافق، خاصة أنه حسب ميثاق الأمم المتحدة وإعلان المبادئ يجب أن يتم الاستخدام السليم والمتساوي للمياه وألا يحدث أي ضرر لأي من الدول الثلاث وأن يتم الإخطار وتبادل المعلومات والحل السلمي للخلافات”.

فيما قال إبراهيم الأمين نائب رئيس حزب الأمة إن السودان لديه مصلحة في أن يتم التوافق من أجل إبعاد المنطقة من أي مبررات لأي عمل غير مسؤول”.

وكثيرا ما اقترح سياسيون في مصر شن ضربة عسكرية لسد النهضة الإثيوبي الذي يعتبره المصريون “مسألة حياة أو موت” خاصة أن البلاد تعاني أساسا من نقص في الموارد المائية، كما اقترح البعض ممارسة ضغوط عسكرية على إثيوبيا للتوصل إلى اتفاق بشأن السد.

وبعد توقف المفاوضات والوصول إلى حائط مسدود عادت الحرب الكلامية في مارس الماضي بين الجانبين المصري والإثيوبي، حيث قال وزير الخارجية المصرية سامح شكري قال إنه “لا يمكن لإثيوبيا بأي حال من الأحوال أن تقدم على ملء السد بدون اتفاق، وأن مصر تؤكد استمرارها في المفاوضات للتوصل إلى اتفاق”.

وزير الخارجية الإثيوبي غودو أندارجاشيو، أعلن من جانبه أن بلاده ستبدأ في تعبئة سد النهضة بعدأربعة أشهر، وقال: “الأرض أرضنا والمياه مياهنا والمال الذي يبنى به سد النهضة مالنا ولا قوة يمكنها منعنا من بنائه”.

“الاتفاق شرط”
وترى وزيرة الخارجية ووزير الري والموارد المائية في السودان أنه حتى انقطاع المفاوضات في 13 فبراير وامتناع إثيوبيا عن توقيع اتفاق واشنطن في 29 فبراير الماضي، كان هناك اتفاق بشأن 90 في المئة من المسائل الفنية والسياسية العالقة، وأنه يمكن التوصل لاتفاق بشأن النقاط القليلة المتبقية.

وأوضح وزير الموارد المائية ياسر عباس “كان هناك اتفاق أن يتم البناء على مراحل وعندما تنتهي كل مرحلة يتم ملء ما تم بناءه”، وهي يعني أن يتم تقليص نقص المياه والضرر الذي يحدث على مصر.

وأضاف كان الحديث أن السد يمكن أن يكون بادرة لتعاون إقليمي “إثيوبيا ستولد كهرباء تورد لها 900 مليون دولار في السنة، سيكون للسودان ومصر الأفضلية أن يشتروا كهرباء رخيصة، وفي نفس ستتحسن التربة في السودان وننتج غذاء نصدره لكل من إثيوبيا ومصر بأسعار تفضيلية”.

وأضاف “لا أعتقد أن قضية سد النهضة معضلة لأننا قطعنا فيها شوطا طويلا من المفاوضات وأن يتم في نهاية المطاف التوصل إلى اتفاقية ترضي الأطراف الثلاث”.

يبقى السؤال إذا لم تستجب إثيوبيا وبدأت في ملء خزانم سد النهضة الشهر المقبل، فماذا تملك الدول الأخرى من خيارات؟ حيث تقول عبد الله: “نحن لا نأمل أن نصل إلى هذه المرحلة”.

الحرة


انضم لقناة الواتسب

انضم لقروب الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.