سد النهضة .. اثيوبيا تلعب بالنار فهل تطفيء مياه النيل الأزرق حريق اللعبة السياسية؟

مفاوضات سد النهضة التي تجري بين السودان ومصر واثيوبيا، لاتزال مستمرة وسط أجواء يشوبها التوتر، ورغم تطمينات وزير الري السوداني البروفسور ياسر عباس وحديثه عن تجاوز ٩٥٪ من القضايا الخلافية ، الا ان النقاط الاهم المتعلقة بالملء والتشغيل لاتزال عالقة ومختلف حولها الامر الذي دعا ياسر نفسه إلى القول بأنهم رأَوا رفع المفاوضات إلى مستوى رؤساء الوزراء في الدول واشار إلى ان تمديد الجولة برغبة من الجانب المصري، ويبدو حديث الوزير ياسر عباس متناقضاً مابين التفاؤل والحديث عن ترفيع الوفود مايشير إلى أن باب الحل على المستوى الوزاري يبدو مغلقاً في ظل تعنت من الوفد الإثيوبي واصراره على تمرير أجندته في الملء والتشغيل وتجاوز مسألة أمان السد والاثار المترتبة عليه.

 

قلق
المجموعة المدنية المناهضة لمخاطر سد النهضة الاثيوبي اكدت انها تابعت بإهتمام بالغ و قلق كبير تطورات المفاوضات الجارية هذه الأيام بين السودان واثيوبيا و مصر و التي لم تخلص الي اتفاق بين الأطراف الثلاث.
واستهجنت المجموعة بشدة موقف السودان التفاوضي ووصفته بغير ذي الأثر، واشارت الى اصرار الوفد التفاوضي على لعب دور الوسيط برغم تصريحات المسؤولين بأنه طرف اصيل و ليس مجرد وسيط.
وأوضحت المجموعة في تعميم صحفي أمس الأول ان موقف اثيوبيا المراوغ و المتعنت يشير الى انها تخفي غير ما تظهر و انها ماضية في طريقها للسيطرة على موارد النيل الأزرق برغم ادعاءها عدم نيتها الإضرار بالسودان و مصر.

 

واستنكرت المجموعة استمرار تماهي الجانب الرسمي السوداني مع الموقف الاثيوبي دون اي اعتبار لمصالح الشعب السوداني، وأكدت رفضها لتصريح وزير الري ياسر عباس بأن سد النهضة أكثر أمنا من السدود السودانية، و اعتبرت ان وزير الري بهذا التصريح قد ضرب بعرض الحائط كل التحذيرات التي اكدتها لجنة الخبراء الدولية عام 2013م و كل الاوراق العلمية التي تحدثت عن احتمال انهيار السد في حالة إصرار اثيوبيا على ملء بحيرته بسعة 74 مليار متر مكعب في ظل أساسات هشة و فوالق اكدتها لجنة الخبراء الدولية.

 

وأشارت المجموعة إلى أنها تلفت نظر المسؤولين لإفادة وزير الري الاسبق كمال على التي اوضح فيها بكل شفافية خطر السد على السودان و خرق اثيوبيا لمبدأ الإخطار المسبق لدول المصب قبل التشييد.
وجددت المجموعة مطالبتها لمجلس السيادة و مجلس الوزراء بإتخاذ موقف يؤكد عدم تفريطهم في أمن و سيادة الوطن و اكدت انها تستغرب لتجاهل المجلسين لخطاباتها و تحذيراتها و تؤكد بأن التاريخ لا يرحم لافتة إلى موقف المجلسين الضعيف تجاه قضية سد النهضة برغم وضوح المؤامرة التي مررها النظام البائد حتى تدعم اثيوبيا موقف الرئيس المعزول أمام المحكمة الجنائية برغم ان وزير الري وقتها حذر الرئيس المخلوع، و افاض في شرح المخاطر.

 

وأكدت المجموعة ان رغبة اثيوبيا بالسيطرة على الموارد المائية و تحويل مجرى نهر النيل الأزرق هي ليست ادعاء اجوف، وان اثيوبيا كانت خلال التاريخ دائما ما تهدد السودان و مصر بتحويل مجرى النيل الأزرق و اشهرها كانت محاولة الامبراطور يكوان املاك و خلفه الامبراطور تسفا صهيون في القرن الثالث عشر الميلادي و محاولات لاحقة لأكثر من ملك حبشي
واشارت إلى أن التاريخ عبرة و عظة و لا حاضر بلا ماضي و لا مستقبل بلا حاضر يتعظ من تكرار أحداث الماضي.

توضيح رسمي
وزارة الري والموارد المائية، اوضحت في بيان صحفي عن اخر جولة امس الاول انه
تواصلت الاثنين الاجتماعات الثلاثية بشان ملف سد النهضة برئاسة وزراء الري في مصر واثيوبيا السودان وفي اطار مبادرة رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك للتوصل لاتفاق عادل ومرضى لكل الأطراف.
وأكد البروفيسور ياسر عباس وزير الري والموارد المائية على أن السودان شريك كامل ومباشر وطرف أصيل وليس وسيطا في هذه المباحثات وأن السودان هو الدولة الأكثر تأثرا بسد النهضة الاثوبي.
وشدد على أن السودان يحترم حق الدول في التنمية وفق قواعد القانون الدولي فيما يتعلق بمشروعات المياه واهمها الاستخدام المنصف والمعقول دون الحاق ضرر ذي شان بالاخرين.

وقال حققت المفاوضات تقدما كبيرا في الملفات الفنية المتعلقة بأمان السد، الملء الاول للسد والتشغيل طويل الامد، تبادل البيانات، الدراسات البيئية واللجنة الفنية للتعاون.
خلافات
وتقول الري حسب البيان انه برزت خلافات بين الوفود الثلاثة فيما يتعلق بالجوانب القانونية خصوصا في الزامية الاتفاقية وكيفية تعديلها بالاضافة الى آلية حل الخلافات حول تطبيق الاتفاقية وربط الاتفاقية بقضايا غير ذات صلة بها تتعلق بتقاسم المياه باعتبار ان قضية مفاوضات سد النهضة الحالية هي الملء الاول لسد النهضة وتشغيله.
اتفقت الوفود الثلاثة على تكليف الفرق القانونية من الدول الثلاث بمواصلة المداولات بحضور المراقبين على أن ترفع ما تتوصل اليه للاجتماع الوزاري الذي سيعقد في وقت لاحق الثلاثاء .
كارثة

ويصف د. أحمد المفتي خبير المياه والقانوني الجلسة الخامسة ، الاثنين الماضي بالكارثة، ويوضح انه لا حديث عن المسودة التوافقية التي كلف السودان بإعدادها ، وإثيوبيا لا تريد تضمين الاتفاقية ، اي حصة مياه للسودان ، أو امان السد ، أو التعويض عن الأضرار ويضيف المفتي قائلاً فشلنا في الحصول علي بيان مكتوب ، عن الجلسة الخامسة ، بتاريخ ، كما أن المؤتمر الصحفي ، علي سكاي نيوز ، لم ينقل كلام وزير الري عن الجلسة الخامسة ، بل نقل فقط إجابته علي سؤالين ، عن عدد سنوات الملء ، ودور المراقبين ، وهما من الامور الهامشية، وقال ولقد وردنا عبر مواقع الاسفيرية ، أن وزير الري السوداني أكد أن السودان شريك كامل ، وليس وسيطا في المباحثات وأن السودان هو الدولة الأكثر تأثرا بسد النهضة الاثيوبي، وأن السودان يحترم حق الدول في التنمية ، وفق قواعد القانون الدولي ، فيما يتعلق بموضوعات المياه ، وأهمها الاستخدام المنصف والمعقول ، دون الحاق ضرر ذو شان بالاخرين وان المفاوضات قد حققت تقدما كبيرا ، في الملفات الفنية ، المتعلقة بأمان السد ، والملء الاول ، والتشغيل طويل الامد ، و تبادل البيانات ، والدراسات البيئية .
ويستدرك المفتي قائلاً في تعميم امس ولكن ، أهم من كل ذلك ، أكد وزير الري ، انه قد برزت خلافات بين الوفود الثلاثة ، فيما يتعلق ب ” الجوانب القانونية ” ، وهي التي أهملت منذ العام 2011 ، خصوصا الزامية الاتفاقية ،و كيفية تعديلها ،
و آلية حل الخلافات حول تطبيق الاتفاقية ،و ربط الاتفاقية بقضايا غير ذات صلة بها ، تتعلق بتقاسم المياه ، علي اعتبار ان قضية مفاوضات سد النهضة الحالية هي فقط ” الملء الاول لسد النهضة وتشغيله ” ، واتفقت الوفود الثلاثة على تكليف الفرق القانونية من الدول الثلاثة ، بمواصلة المداولات ، بحضور المراقبين ، على أن ترفع ما تتوصل اليه ، إلي الجلسة السادسة ، الثلاثاء .
ولاشك أن الفقرات الاخيرة أعلاه ، لا جديد فيها ، ولقد رددها وزير الري عشرات المرات من قبل ، ولذلك لن نضييع الوقت بالوقوف عندها .
اما الفقرة المتعلقة بالجوانب القانونية بفقراتها الفرعية الخمسة ، فهي ” كارثة ” وطنية علي السودان ، ينبغي علي جميع السودانيين ، الوقوف عندها ، للأسباب التالية واهمها أن الخلافات القانونية التي تحدثت عنها الفقرة أعلاه ، لم تشير إلي موقف مسودة الاتفاقية التوافقية ، التي كلف السودان بإعدادها في الجلسة الرابعة ، وفي ذلك عدم وضوح ، وعدم اعلان عن ما تم من نقاش حول تلك المسودة ، و الحديث في الفقرة الفرعية عن الاختلاف حول ” إلزامية الاتفاقية ” ، مضحك ومبكي ، لأنه يعني لنا بوضوح شديد ، أنه إذا ما وقعت إثيوبيا علي اتفاقية ، فإنها تريدها أن تكون ” غير ملزمة ” ، والسودان لا يعلن ذلك الموقف الغريب .
والحديث عن كيفية تعديل الاتفاقية ، وهو عادة ليس من الأمور الخلافية ، يعني أن الاتفاقية النهائية التي تريدها اثيوبيا ، أن تكون غير ملزمة ، فهي أيضا لا تريد أن تعطي السودان أو مصر ، الحق في تعديلها لاحقا .
اما عن آلية حل الخلافات ، فان توقعاتنا هي أن إثيوبيا ، تريد أن لا يتم أي إجراء في ذلك الصدد ، إلا بموافقتها ، كما نصت علي ذلك من قبل في المبدأ رقم 10 من اعلان مبادئ سد النهضة ووضح أن إثيوبيا تعتبر موضوع تقاسم المياه ( الأمن المائي ) ، ليس له أي صلة بالاتفاقية المزمع إبرامها ، والتي ينبغي ، حسب رايها ، أن تقتصر على أمرين فقط ، وهما الملء الأول والتشغيل السنوي .
اما تكليف القانونيين بالوفود ، بمواصلة التداول حول تلك الخلافات القانونية ، بوجود المراقبين ، ورفع الأمر للجولة السادسة ، بتاريخ الثلاثاء ، فإننا نتوقع عدم تنازلإثيوبيا ، قيد أنملة ، عن ما توقعناه ، دون أن تعلن وزارة الري السودانية ، ذلك صراحة عقب الجلسة السادسة .
تصعيد
وكانت مصر قد هددت عبر تصريح لوزير خارجيتها سامح شكري بالتصعيد واللجوء لخيارات أخرى، يقول خبراء يرجح السعي لاستصدار قرار من مجلس الامن و يقول أستاذ القانون الدولي، أيمن سلامة، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن خطوة اللجوء إلى مجلس الأمن بلغة ميثاق الأمم المتحدة تندرج تحت الفصل السادس من ميثاق المنظمة الدولية حول “حل النزاعات سلميا”، مما يعني أن اختصاصات مجلس في النزاعات التي تعرض عليه بمقتضى هذا الفصل تشمل تقديم”توصية”.
وأوضح سلامة أن القرارات الصادر عن المجلس تحت الفصل السادس تتمتع بـ”إلزامية أدبية”، مقارنة بتلك التي تصدر عن المجلس بناءً على الفصل السابع، ذات الطبيعة الإلزامية بما ذلك استخدام القوة.
ويمكن لمجلس الأمن أن يدعو أطراف النزاع إلى تسوية النزاع فيما بينهم بالطرق الدبلوماسية، إذا رأى ضرورة لذلك، حتى لو لم يتفق الأطراف على عرض الاتفاق على مجلس الأمن، بحسب سلامة.
وقال إنه على الرغم من الطبيعية القانونية التي تكتسي النزاع بين مصر والسودان وإثيوبيا، فليس هناك ما يمنع من طرق أبواب مجلس الأمن.
وأشار سلامة إلى أن مجلس الأمن يستطيع أن يباشر صلاحيته في توصية أطراف النزاع باتاع وسائل معينة لتسوية النزاع، وله أيضا أن يمتنع عن ذلك
ويحوز المجلس سلطة عامة في إجراء التحقيق من تلقاء نفسه أو بتشكيل لجنة تخضع لتوجيهاته في أي نزاع أو موقف يرى المجلس أنه بحاجة إلي ذلك، طبقا للخبير في القانون الدولي.
دور أهم
لكن الدور الأهم الذي يضطلع به المجلس، بحسب سلامة، هو التأكد من ما إذا كان النزاع قد تحول فعلا إلى تهديد حقيقي للسلم أو في طريق إلى إشعال أعمال العدوان.
وهذا يعني، وفقا لسلامة، أن يتخذ المجلس الإجراءات الرادعة تطبيقا للفصل السابع من الميثاق، فيستطيع المجلس أن يأمر أثيوبيا مثلا بوقف ملء السد لحين الأتفاق النهائي مع السودان ومصر على القواعد الفنية بملء و تشغيل سد النهضة.
ولفت إلى أن المادة 36 من ميثاق مجلس الأمن الدولي تخوله في أي مرحلة من مراحل النزاع أن يتدخل ويوصي بما يراه مناسبا من الإجراءات وطرق التسوية، وهو ليس ملزما بالانتظار لفشل الأطراف في اتوصل لحل النزاع حتى يشرع في عمله.
حريق
المنهج الذي تتبعه أثيوبيا في التعنت ومحاولة فرض الأمر الواقع على السودان ومصر يراه خبراء ومراقبين انه يماثل اللعب بالنار في ملف بالغ الحساسية باعتبار ان المياه لها قوانين ومواثيق دولية في الانهر المشتركة، واكد خبراء عسكريين ان التصعيد الإثيوبي العسكري على حدود السودان الشرقية يأتي في اطار الضغط ويرتبط بسد النهضة والتفاوض واكدوا ان القوات المسلحة السودانية قادرة على الرد وحماية موارد ومكتسبات السودان، وكانت حكومة القضارف قد أعلنت عن احتلال الاثيوبيين عبر عصابات الشفتة المدعومة من الجيش، لمليون فدان زراعي، ويأتي هذا التصعيد والخلاف قائم حول كيفية ملء السد الذي شيدته اثيوبيا دون رضا وموافقة الدولتين رغم تماهي المواقف السودانية في اوقات متباينة مع الموقف الاثيوبي فهل تطفيء مياه النيل الأزرق حريق اللعبة السياسية أم تتصاعد وتيرة الأحداث الى الأسوأ هذا ماتجيب عنه الأيام القادمة.

 

الوطن


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.