جعفر عباس : شوفوا غيري ياناس السودان ..وهذه الاحداث جعلتني أصرف النظر نهائيا” عن الترشح للرئاسة

 

 

قبل سنوات قيل إن زعيما عربيا قرأ في الصحف أن 180 ألفا من الأجانب العاملين في الأجهزة الحكومية غادروا البلاد في إجازاتهم الصيفية، فقال: هل تعطلت الحياة بغياب هؤلاء الـ180 ألفا؟ لماذا لا نفنشهم -ننهي خدماتهم- ونوفر على الدولة مئات الملايين؟ وتداول الناس هذه الرواية وجعلوا منها مادة للتندر، رغم أن ما قاله الزعيم لم يكن يخلو من حكمة، فغياب تلك الآلاف المؤلفة لم يعطل الخدمات وبالتالي كان دليلا عنده على ترهل أجهزة الخدمة العامة.. في مولدافيا أثبتت الوقائع أن الأمور ممكن تمشي دون الحاجة إلى رئيس للبلاد، فخلال عام 2019 ظل كرسي الرئاسة شاغرا ستة أشهر عقد بعدها البرلمان جلسة لانتخاب رئيس للبلاد، ولكن لم يترشح للمنصب أحد. وهكذا ظل كذا مليون مواطن عايشين في أمان الله والبلاد ليس فيها رئيس.. مش وزير.. بل رئيس جمهورية لأكثر من سنة!!

 

من الناحية الحسابية البحتة فإن المواطن السويسري هو أعلى أهل الأرض دخلا (87000 دولار في السنة)، كل هذا وسويسرا ليس فيها قوات مسلحة، ولا يوجد شيء اسمه الشعب السويسري، فالبلاد تتألف من ثلاثة أعراق (ألمانية وفرنسية وإيطالية) و26 كانتونا أي هيئة حكومة محلية، ومبادئ الانتماء في سويسرا هي: احترام الديمقراطية والحياد والنظام الفيدرالي، ومنذ عام 1815 لم تكن سويسرا طرفا في أي حرب، بل انضمت إلى الأمم المتحدة على مضض في عام 2002، وحلفت بالطلاق ألا تنضم إلى الاتحاد الأوربي. ومع هذا فإن إيراداتها من الشوكولاتة في سنة أعلى من إيرادات نفط الشؤم السوداني في سنة، (لا يعرف أحد ماذا فعلت حكومة البشير في عائدات نفط ناهزت 80 مليار دولار، في ظل تفاقم الفقر)، وعائد وقيمة مبيعات سويسرا من الساعات في شهر أعلى من عائدات السودان من القطن في سنة، وفوق هذا فكل الحرامية الكبار في العالم يتخذون منها دارا آمنة للفلوس المنهوبة بالحرام.

 

المهم الحاضر يبلغ الغائب: شوفوا غيري لمنصب الرئاسة، لأنها لا تشبع طموحي، وهناك وظيفة تمنيت الفوز بها، فقد أعلنت أستراليا قبل سنة عن حاجتها إلى شخص يعيش في جزيرة صغيرة غير مأهولة تابعة لها نظير 20 ألف دولار سنويا.. والمطلوب من شاغل الوظيفة هو أن يأكل ويشرب وينام في بيت صغير في الجزيرة من دون أن يفعل شيئا آخر.. وبوجود موظف كهذا تابع لها تضمن أستراليا أن الجزيرة تابعة لها ولن تطالب بها إحدى الدول المطلة على المحيط الهادي.. حتى الأكل والماء توفره لك البحرية الأسترالية.. وأجمل ما في الموضوع أنه لا توجد بالجزيرة كهرباء وبالتالي لا تلفزيون ولا إنترنت.. طارت مني الوظيفة بسبب شرط تعسفي وهو أن يكون عمر مقدم الطلب ما بين 25 و35 سنة.. فرق 4 سنوات أضاع مني فرصة العمر.. ربما يطرح الإعلان عن الوظيفة مجددا مع بعض المرونة في هامش العمر، وأكون وقتها قد حصلت على شهادة ميلاد جديدة.

 

القيادة

Exit mobile version