السودان: خياران أمام حمدوك .. تعرف على التفاصيل
تحليل سياسي:
في تقريرها مجموعة الأزمات الدولية بخصوص السودان لم يكن مبشراً بخير. هذا ان لم نقل انه كان تقريرا يعكس مستقبلا مأساويا للبلاد. واذا اخذنا في الاعتبار ان مثل هكذا مجموعات بحثية ، ومكاتب لدراسات الاستشراف والمستقبل ، لاتكون محايدة في الغالب، وإنما تسعى لتجيير الواقع وتوجيهه نحو مسارات محددة ضمن مخططات دولها ذات القرار العالمي.
بحيث تمثل هذه الدراسات في أقل مستوياتها تنبيهاً لأصحاب القرار الأوروبي في التعامل هذا إن لم يقتنعوا بكل الدراسة واتجاهاتها، وما تقترحه من حلول لمعالجة القضايا موضوع الدراسة أيضاً.
لهذا حينما تؤكد مجموعة الأزمات الدولية صعوبة إيفاء المانحين بما وعدوا به، نتيجة لتباين مصالح الدول المانحة، إنما تريد إيصال رسالة محددة مفادها أن هنالك مصالح للمانحين لابد من تنفيذها من أجل إنسياب تدفق الاموال الممنوحة. وهو اعتراف صريح بأن الدعم مشروط وخاضع للمصالح الخاصة بهذه الدول، ولم يكن من أجل دعم ومساندة الحكومة في الانتقال كما صرحوا ولا من أجل سواد عيونها. فليس هنالك فعل مجاني في هذا العالم كما أن الغرب ليس مجموعة خيرية ليتبرع بالأموال لمصلحة الدول الفقيرة. وحينما يتحدث تقرير الأزمات الدولية عن تأثير النزاعات الدينية والنزاعات المسلحة في انسياب دعم المانحين، لكأنه يقول للشركاء لا بأس بتأجيل الدفع والتدفقات المالية إلى السودان مادام هناك بعض الثورات الدينية والإضطرابات الإثنية والتي لهم فيها يد والغة. ويدل ذلك في معناه الأبعد، توجيهاً خفياً للمانحين بعدم الدفع. وكلها تأتي في إطار الضغوط التي تمارسها هذه الدول من أجل تسخير البلاد ومواردها المخزونة والظاهرة، من أجل مصالحها الذاتية وأجنداتها الخاصة، أو لنقل هي حالة إبتزاز صريح من أجل ذلك.
ولا يبعد أن يكون تصريح سفير الإتحاد الأوروبي في الأيام القليلة الماضية بصعوبة تحويل أموال مؤتمر شركاء السودان في أقل من سنة، وأن الإتحاد الأوروبي إستنفد كل سبل المناقشة والإستعطاف لإقناع الإدارة الأمريكية بإزالة إسم السودان من قائمتها للدول الراعية للإرهاب كلها تمضي للإشارة في الإتجاه الضاغط لحكومة حمدوك التي تجد نفسها الآن في موقف شديد الإحراج نتيجة لإنكشاف نوايا الشركاء، وتضارب أجنداتهم ومصالحهم تجاه السودان، والتي استبانت أنها ليست للدعم والمساندة وإنما لمصالحهم في المنطقة والبلاد.
ويجد حمدوك نفسه إزاء هكذا موقف، أمام أحد خيارين، إما أن ينفذ ما يطلبوه منه من مهمة ليأخذ المنح المشروطة أو يمضي في إستناده على هذا الشعب الأبي لينحت الصخر حتي يخرج له الصخر ماءً وخضرة.وهو قادر علي ذلك من خلال ما أكتسبه من وعي وفجره من ثورة باسلة.
والأيام القادمة سوف تكشف أي الطريقين يختار، الطاعة وتنفيذ المهام والإشتراطات، وتنفيذ المصالح المتباينة للشركاء، وإما الإتجاه للشعب والبحث عن بدائل أخرى كالإتجاه لدول البركس (الصين وروسيا وجنوب أفريقيا والهند) وغيرها من البدائل المتاحة، عوضاً عن ضياع الجهود في إنتظار المحال، الدعم الأمريكي و الأوروبي الذي إتضحت مادته المسمومة.
الانتباهة