المدير العام لجهاز تنظيم الاتصالات والبريد: الجهاز «الحيطة القصيرة» ونرفض تماماً قطع خدمة الإنترنت

لجأت وزارة التربية والتعليم لقطع خدمة الإنترنت من مشتركي شركات الاتصالات على خلفية تسريب أحد امتحانات الشهادة السودانية من قبل أحد الطلاب، الأمر الذي استنكره الجميع بما فيهم جهاز تنظيم الاتصالات، لجهة وجود بدائل أخرى كان يمكن اتباعها تغني الحكومة عن الخيار القاسي الذي اتخذته بقطع الخدمة. (الانتباهة) جلست إلى المدير العام لجهاز تنظيم الاتصالات المهندس الصادق جمال الدين لتوضيح الحقائق ومناقشة بعض القضايا من خلال هذا الحوار :

] لماذا لجأ الجهاز إلى خيار قطع الإنترنت ؟
-الخطأ في البداية هل هو خطأ قطاع الاتصالات؟ «ليه نحنا الحيطة القصيرة»، نحن نرفض تماماً قطع خدمة الإنترنت، فالجهاز حريص على استمرار الخدمة، فالجهاز حالياً مثله ومثل الجهة التي أصدر القاضي عليها حكماً بـ40 جلدة، وتم التنفيذ .
فالخطأ ليس خطأ الجهاز، وإنما خطأ وزارة التربية والتعليم التي سمحت متمثلة في المراقبة للطالب بالدخول للامتحان ومعه جواله وعجزت عن كشف طالب يستطيع أن يصور ورقة الامتحان ويقوم بإرسالها بغرض أن تحل له ويضع الجوال أمامه، فالاتصالات حالياً تدفع فاتورة غيرها .

] ما هي البدائل خلافاً لقطع الخدمة؟
-هنالك وسائل تقنية كثيرة بديلة موبايل
(detector)
الذي يلتقط اي جوال مفعل في الخدمة الا في حال يكون مغلقاً، وهذه الأجهزة رخيصة جداً ويمكن لوزارة التربية والتعليم استخدامها، ويمكن ايضاً للأستاذ المراقب أن يستخدم الوسيلة العادية بتفتيش الطالب قبل دخوله قاعة الامتحان، ويصدر توجيهاً في حال ضبط موبايل مع الطالب بمصادرة الجهاز وحرمانه من الجلوس لبقية الامتحانات الأخرى .

] ما هي حيثيات قطع الخدمة؟
-خوفي ليس من ما حدث في امتحانات الشهادة السودانية هذا العام وإنما من الأعوام القادمة بأن تكون عادة بقطع النت تزامناً مع امتحانات الشهادة السودانية، فالخسارات جراء القطع كبيرة جداً لا تحصى ولا تعد تكبتدها شركات الاتصالات والقطاع الخاص والحكومي عموماً، بالرغم من تشغيل (router) و (vpn) ولسرعة الإجراءات في ظل أن جلب هذه المعدات من الخارج يستغرق وقتاً، كان الخيار قطع خدمة الإنترنت، حيث طلب وزير التربية والتعليم من الجهاز قطع الخدمة الا عبر الجهات العدلية المصرح لها والنائب العام الذي رد بأن سلطاته لا تسمح له بذلك الا في حال أن الأمر متعلق بالأمن القومي وفقاً لقانون الاتصالات، وتم الاتصال بجهاز الأمن وتم تقديم توصية للنائب العام بالقطع .

] ما هو حجم الضرر جراء قطع خدمة الإنترنت؟
-على صعيد الجهاز الضرر معنوي لجهة انه يتوجب عليه المحافظة على استمرار دخل الشركات، أما الضرر الأكبر فوقع على الحكومة قبل الشركات، فالحكومة تتحصل على 35% ضريبة مضافة من الشركات فمثلاً إذا قام مشترك بدفع 10 جنيهات للشركة 3 جنيهات تذهب للحكومة، وايضاً تتحصل الحكومة من 75% الباقية نسبة 7% ضريبة دخل، فقطع خدمة الإنترنت يؤثر في خدمة دخل الشركات، فالقطع استمر لـ8 أيام، تحسب 24 ساعة أي قطع يوم كامل من أيام السنة 360 يوماً، ولا يحسب يوم كامل لجهة أنه عادة أن استخدام الإنترنت بسيط خلال المساء، مما يعني أن الوقت الذي يتم فيه قطع الخدمة وقت الذروة، الذي تستخدم فيه التطبيقات البنكية وتطبيق الترحيل، فجميع الخدمات المالية الإلكترونية تأثرت بقطع الخدمة، وبالتالي لا توجد معادلة تحسب حجم الضرر الحالي .

] إلى أي مدى تأثر قطاع الاتصالات بسياسات النظام السابق؟
-هنالك تقاطعات سياسية في الفترة الماضية، وعموماً قطاع الاتصالات قطاع مستقر لا يتأثر كثيراً بالحكومات، لوجود عدة اتفاقيات التي تسود على القانون، فالعشرة أعوام الأخيرة لا يوجد تغيير كبير في قطاع الاتصالات، فالمديرون السابقون للجهاز كانوا حريصين على مصلحة الجهاز، فالجهاز كمؤسسة حكومية تربطه اتفاقيات مع شركات الاتصالات .

] هذه الشركات حالياً فرضت رسوماً إضافية على خدمتها دون إخطار مشتركيها؟
-المادة في قانون الاتصالات ( 40-1-أ) تمنع شركات الاتصالات من زيادة أسعارها دون الرجوع للجهاز وأخذ موافقته، ويتم معاقبة الشركة في حال لم تلتزم بهذه المادة، فالجهاز يوافق على الزيادة عقب دراسة الزيادة في تكلفة الخدمة كل ثلاثة شهور، عبر الإدارة الاقتصادية بالجهاز والتي تقوم بتحديد الزيادة بجانب إلزام الشركة بالإعلان عن اي زيادة إما عبر إرسال (sms) أو عبر موقها الإلكتروني أو الكود الذي تنشط عبره الخدمة، فالسودان ثالث دولة في العالم في تقديم خدمة الاتصالات، فكنترول الأسعار هو من قاد السودان ليكون ثالث أرخص دولة في العالم من حيث الاتصالات، وحالياً القطاع مواجه بمشكلات كبيرة جداً في ظل وجود الأسعار الحالية التي تحول دون مواكبة أسعار الدولار لجهة أن القانون يفرض على الشركات تغيير الزيادة كل ثلاثة شهور ويجب ان لا تزيد عن نسبة 30%، ويمكن للمشترك أن يعمل خدمة الإنترنت بدولار واحد فقط بالشهر، فجميع صناعة الاتصالات تتم بالعملة الصعبة، ف
(software)
وكروت الشحن والمحطات وحتى البرج فجميع البرمجيات الموجودة تعمل وفق فواتير سنوية، وما يتم من السودان الأسمنت والحديد فقط.

] ما هو حجم تأثير القطاع بعدم استقرار سعر الصرف؟
-عدم استقرار سعر الصرف وضع القطاع في عنق الزجاجة و أن يستمر في تدهور القطاع، وحالياً القطاع يمضي الى الوراء لجهة عدم مواكبته سعر الصرف لجهة ان الزيادة بنيت في السابق على سعر الدولار بواقع 140 جنيهاً وحاليا 250 جنيهاً، بمعنى زيادة 100%، فالشركات تواجه حالياً خسارات كبيرة بسبب ارتفاع سعر الصرف، وحالياً الجهاز يعجز عن وضع خطة للعام القادم بشأن توسيع الخدمة ووضع جدول برسوم 2021م، لجهل ماذا يصل عليه الدولار .

] ماذا عن الكتلة النقدية التي تدار في القطاع؟
-فيما يتعلق بتحويل الرصيد الدولة تربح بصورة كبيرة جداً، فالدولة تتحصل على 50% من قيمة تحويل الرصيد، بينما جميع المعاملات لتحويل الرصيد باتت بنكية ونادر جداً ان يذهب شخص لشراء كرت شحن للرصيد، حيث أغلب المشتركين يعتمدون على شحن الرصيد عبر التطبيقات البنكية، بجانب أن الشركات تلزم وكلاءها بالتوريد بالبنك، فجميع الكتلة النقدية تدخل النظام المصرفي، وجميع الحسابات البنكية للشركات معروفة وتتم مراقبتها، ولا يمكن التصرف بها، وعندما تم اتهام هذه الشركات بالتسبب في ارتفاع الدولار تم الجلوس مع جميع المختصين وطرح كشف السحوبات لما يعادل شراء مليون دولار بيد أنهم لم يجدوا شيئاً، وتمت مطالبتهم بتقديم حالة تثبت المتاجرة بالعملة للمحاسبة، فالشركات لديها سمعتها، بل عبر دورة مستندية مع البنوك وبنك السودان المركزي يتم توفير الأموال للشركات المحتاجة لها من العملة الصعبة، فالقطاع من الجهات المهمة التي توفر نقد للبنوك.

] ما حقيقة رفع الحظر الأمريكي عن تطبيقات معينة خاصة بالاتصالات؟
-هذا الحديث لم نشعر به في ارض الواقع وإنما حديث نسمعه من الوسائط الإلكترونية، ولم يظهر في الإجراءات الخاصة بالقطاع، وتوجد شركات عالمية يتم التعامل معها أثناء الحظر والتي أكدت للجهاز عدم تلقيها أي إشعار برفع الحظر عن السودان.

] ما هي التقنيات التي يحتاج إليها قطاع الاتصالات؟
-حالياً يتم شراء مدخلات صناعة الاتصالات بأسعار مضاعفة نسبة للحظر، فكثير من البرمجيات المتاحة حالياً تأتي برخص ذات أسعار عالية، سواء أكانت أنظمة التشغيل لشبكات الاتصالات، ويحتاج القطاع حالياً من الخارج الى توسيع دائرة مدخلات الإنتاج عوضاً عن ربطه حالياً بشركة أو شركتين.

] ما هي الخطوات التي تمت في الحكومة الإلكترونية؟
-الجهاز يدعم سنوياً مشروع الحكومة الإلكترونية بمركز المعلومات عبر صندوق الخدمة الشاملة، بيد أن مشكلة الحكومة الإلكترونية دفع رسوم التشغيل والربط والسيرفر والترخيص والبرمجيات وغيرها، وتم الجلوس مع وزارة المالية لأكثر من مرة للتباحث بشأن حل هذه المشكلة بحيث تتم دراستها في الموازنة العامة وإلزام الولايات بدفع رسوم الربط الشبكي، ولكن المركز يشهد نهضة كبيرة ومن المتوقع أن تمضي الحكومة الإلكترونية للأمام عبر تفعيل صندوق الخدمة الشاملة الذي توقف لعامين بسبب إجازة القانون وجائحة كورونا .

] ماذا عن التوسع في شركات الاتصالات؟
-لا.. في الوقت الراهن جميع الدراسات التي أجراها الاتحاد الدولي للاتصالات والبالغة 19 دراسة أكدت أن السوق السودانية لا تحتاج لشركات موبايل جديدة، ومن المتوقع ان ينشط العمل في الشركات العاملة حالياً خلال الفترة القادمة، ولكن هنالك فرص لما يسمى بالشبكات الافتراضية أو الموبايل الافتراضي حيث تتاح الفرصة لشركات أخرى بأن تفعّل الخدمة داخل شركات الاتصالات الحالية إضافة الى شركات ألياف ضوئية .

صحيفة الانتباهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.