“سلام منقوص أفضل من الحرب”.. ماذا قالت قوى التغيير؟

تُنهي الجبهة الثورية اليوم السبت رسميًا الحرب الأهلية التي تخوضها في سبعة ولايات سودانية بإبرام اتفاق سلام نهائي مع السلطة الانتقالية في وقت توجه بعض القوى السياسية داخل قوى التغيير انتقادات للعملية لعدم انضمام حركة عبد الواحد نور التي تُقاتل في أجزاء من جبل مرة بإقليم دارفور وحركة عبد العزيز الحلو التي تسيطر على مناطق بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
وتتوسط دولة جنوب السودان منذ العام الماضي بين طرفي النزاع في السودان منذ نهاية العام الماضي في أعقاب تشكيل السلطة الانتقالية بعد الإطاحة بحكم الرئيس عمر البشير.
ويثير غياب إجراءات مباشرة وسريعة لتحقيق العدالة والإنصاف في عملية السلام التي تُبرمها السلطة الانتقالية مع قادة حركات الكفاح المسلح في جوبا أسئلة الأحزاب التي تنخرط في قوى التغيير إضافة لمنظمات المجتمع التي تتواجد داخل التحالف الحاكم الذي يقود الفترة الانتقالية.
وكان عضو الوفد الحكومي محمد حسن التعايشي قد أكد أن الرئيس المخلوع سيمتثل أمام المحكمة الجنائية الدولية التي تلاحقه بتهمة الإبادة الجماعية وذلك في تصريح صدر من التعايشي في فبراير الماضي.
إلى جانب ذلك تقول بعض أطراف قوى التغيير، أن الاتفاق لم يضع أجوبة مباشرة حول مصير القوات العسكرية ومقاتلي الحركات المسلحة وعما إذا كان يمكن الوصول إلى جيش قومي موحد بنهاية الفترة الانتقالية إذ أن المخاوف تتسع من استمرار التشكيلات العسكرية بوضعها الراهن في بلد واحد يعاني من ازمة اقتصادية طاحنة وتزايد الصرف على المهام العسكرية رغم توقف الحرب وبالنسبة لبعض القوى المدنية فإن السلام يجب أن يبدأ بمهمتين رئيستين هما هيكلة المؤسسة العسكرية والعدالة الفورية للضحايا.
أخطاء الإتفاق
وتقول المتحدثة الرسمية بإسم الحزب الشيوعي آمال الزين لـ”التغيير الالكترونية” إن “ماتم في جوبا ليس سلامًا شاملًا وسيكون سببًا لنشوء المزيد من النزاعات لأنه يتبع نفس المنهج السابق واعتماد الاتفاقات الثنائية وانتهى إلى محاصصة شملت حتى الخدمة المدنية وينطبق عليهم عطية من لايملك لمن لايستحق”.
وتضيف آمال الزين : “اتفاق السلام الحالي يشوبه التغبيش وعدم الوضوح فيما يتعلق بالعدالة وإنصاف الضحايا والذي قد يطال البعض من طرفي الاتفاق الراهن”. على حد قولها.
وتتابع آمال الزين : “الأجدر أن تُقسم السلطة والثروة على نحو يرتضيه أصحاب المصلحة وأن يكون منصفًا للجميع لأن التوزيع العادل للسلطة والثروة ليس مقابلًا لنضال الحركات ولكنه حق مستحق لكافة المناطق التي طالها الظلم والتهميش”.
وتُبد بعض أطراف قوى التغيير تحفظاتها على الترتيبات الأمنية التي جاءت عكس توقعاتها فلم يتحدث الاتفاق عن إطار زمني قصير لدمج جميع المقاتلين والقوات الحكومية في جيش قومي بل وضع الاتفاق سقفًا قد يصل إلى ما بعد نهاية الفترة الانتقالية ولم يقدم إجابات حول مصير قوات الدعم السريع.
وتُشير متحدثة الحزب الشيوعي آمال الزين إلى أن :” إضافة لخطورة ما ورد في بند الترتيبات الأمنية حول وحدة وقومية القوات المسلحة وردت أخطاء وعيوب يعكف الحزب على دراستها و تكوين رؤية كاملة حولها ونشرها إعلاميًا و مناقشتها مع السودانيين”.
توسيع جبهة المدنيين
فيما يرى القيادي في التحالف الوطني السوداني (أحد مكونات قوى التغيير) محمد فاروق سليمان في تصريح لـ”التغيير الالكترونية” أن اتفاق السلام رغم العيوب خطوة نحو السلام الشامل مضيفًا ان الجميع يرحبون بالاتفاق الحالي لأنه يقودهم للبحث عن سلام دائم مع حركتي عبد الواحد نور وعبد العزيز الحلو.
كما يعتقد سليمان، أن اتفاق السلام الذي سيوقع في جوبا السبت فرصة لإعادة تشكيل السلطة الانتقالية بدخول ممثلي الجبهة الثورية إلى مجلس السيادة وتوسيع جبهة المدنيين في السيادة إلى جانب إمكانية استبدال أعضاء مجلس السيادة من الشق المدني بآخرين بدلًا من تعيين هيمنة حزب الأمة والبعث على مقعدين بالتالي هيمنت هذه الأحزاب على قوى التغيير وإن كان حزب الأمة يغرد لوحده خارج السرب.
وتابع : “السلام فرصة لتقوية قوى التغيير وتوسيع الجبهة المدنية وتقوية التحالف الحاكم بتفكيك هيمنة ثلاثة أحزاب على قوى التغيير وهي المؤتمر السوداني والتجمع الاتحادي والبعث”.
ويعتبر المتحدث باسم حزب البعث السوداني (أحد مكونات قوى التغيير) محمد وداعة المجلس الأعلى للسلام غير دستوريًا لافتًا إلى أنه هيمن على مفاوضات السلام بدلًا من تشكيل مفوضية سلام يقودها مدنيون.
ويصف وداعة المدنيين المقربين من ملف السلام بـ “المتهافتين” مشيرًا إلى أن السلام غير مرفوض لكن يجب أن يقوم به مفوضية السلام بتشكيل مدني واسع.
ويعتقد وداعة في حديث لـ”التغيير الالكترونية” أن اتفاق السلام فرصة لإيقاف الحرب في أي منطقة ويمكن أن تضغط قوى التغيير لاحقًا لتشكيل مفوضية السلام لتقود بناء السلام وتوقيع اتفاق شامل مع الأطراف الرافضة.
فرصة لمراجعة مسار الثورة
بينما يؤكد القيادي في قوى التغيير ورئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، أن اتفاق السلام المزمع توقيعه في جوبا اليوم السبت خطوة كبيرة إلى الأمام وانجاز أحد أهم مطالب الثورة.
ويضيف الدقير في تصريح لـ”التغيير الالكترونية” السلام الشامل هو القضية المفتاحية للفترة الانتقالية والتي من دونه لن يتحقق النجاح في قضية البناء الوطني التي ظلت شاخصة منذ الاستقلال في فضاءات السياسة والاقتصاد والمجتمع”.
ويعتقد الدقير أن اتفاق السلام يوفر فرصة لمراجعة مسار الثورة وتلافي الأخطاء وأوجه القصور التي لازمت الفترة الانتقالية والشهر الماضي وقعت قوى التغيير اتفاقا مع الجبهة الثورية انخرطت بموجبه في اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام لقوى التغيير والذي يهدف للإصلاحات التنظيمية وتوسيع استيعاب كافة قوى الثورة وتوحيد المواقف حول القضايا الملحة والمهمة والانطلاق بإرادة جماعية جديدة على حد تعبيره.
ويؤكد الدقير أن اتفاق السلام رغم أهميته القصوى ليس مفتاحاً سحرياً لفتح مغاليق القضايا المطروحة أمام الفترة الانتقالية على حد قوله وأردف : “لن يكون ذا جدوى إذا لم ترافقه إرادة وطنية جادة”.
وأضاف : “المطلوب أن تتضافر كافة قوى الثورة لتشكيل عقل وطني جماعي يتوافق على خطة استراتيجية لمواجهة كافة تحديات الانتقال ومنهج إدارة يتسم بالعلمية والكفاءة والفعالية والنزاهة والشفافية”.
وحول الترتيبات الأمنية وإمكانية تشكيل جيش قومي يعلق الدقير بالقول :”يجب مواجهة كافة القضايا بشجاعة ومعالجتها بما يغلق الباب أمام أية مشاريع تستهدف تفتيت وحدة الوطن والانخراط في المشروع الوطني التنموي ودولة المواطنة المتساوية التي تسع الجميع دون تمييزٍ ولا تهميش على أسس العدالة صمام الأمان لوحدة السودان”.
التغيير نت



