شبح العودة قسرا يهددهم.. الخرطوم تعد خطة لاستقبال اللاجئين السودانيين من إسرائيل

طلبت الحكومة السودانية من خبراء وضع خطة عاجلة لاستقبال اللاجئين السودانيين في إسرائيل، ويقول مسؤولون سودانيون إن عملية ترحيل هؤلاء المهاجرين تنطوي على تعقيدات، وتتطلب تعاونا وثيقا بين الخرطوم وتل أبيب، وذلك عقب اتفاقهما يوم الجمعة الماضي على تطبيع العلاقات.

وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي ذكرت أمس الأحد أن “الحكومة السودانية وافقت على استقبال أعداد كبيرة من المهاجرين الذين دخلوا لإسرائيل بشكل غير قانوني”، وذلك بعد الإعلان قبل أيام عن الاتفاق على تطبيع العلاقات السودانية الإسرائيلية.

وقال مسؤول على صلة بملف الهجرة غير النظامية في الحكومة السودانية إن “قيادة الدولة أبلغتهم بالاستعداد لاستقبال آلاف المهاجرين السودانيين في إسرائيل”، ويوضح المسؤول في تصريح للجزيرة نت إن هذه العملية لن تكون سهلة ولا سريعة، بالنظر إلى التعقيد الشديد الذي يحيط بها، فقد بدأت هجرة السودانيين لإسرائيل عقب اشتعال الحرب في إقليم دارفور غربي البلاد في عام 2003.

وشمل الاتفاق على التطبيع الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمعة الماضي تعاون الخرطوم وتل أبيب في عدة مجالات، بينها ملف الهجرة.

بلا خطة

ويمضي المسؤول الذي فضل حجب اسمه، بالقول إن الجهات ذات الاختصاص في الحكومة السودانية يكاد يكون ذهنها خاليا بشأن طبيعة وجود السودانيين في إسرائيل، وذلك بسبب حالة القطيعة التي كانت سائدة بين الجانبين.

ويتابع “نحن حتى الآن لا نعرف عددهم، ولماذا ومتى وكيف ذهبوا لإسرائيل، وهل هم سودانيون أم تشاديون، أم من أفريقيا الوسطى أو أي دولة أخرى. حقا لا توجد لدينا أي قوائم لهم حتى ولو أولية”.

ويوضح المتحدث نفسه أن هناك مواطنين من دول مجاورة للسودان يوجدون بإسرائيل، ويقال عنهم إنهم سودانيون قادمون تحديدا من إقليم دارفور، على اعتبار أن المنطقة تشهد حربا منذ قرابة 17 عاما، ما يكفل لهم حق اللجوء.

ويشير المسؤول السوداني إلى أنهم سيجرون دراسة مع عدة جهات، على رأسها وزارتا الداخلية والخارجية بشأن المهاجرين السودانيين بإسرائيل.

ووفقا لصحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، فقد دخل آلاف السودانيين لإسرائيل “بشكل غير قانوني” في السنوات الـ 15 الأخيرة، وما زال هناك نحو 6 آلاف منهم.

تصنيف اللجوء

ويقول الخبير في مجال الهجرة خالد لورد إن أغلب حالات لجوء سودانيين لإسرائيل جرت لأسباب أمنية، ويضيف “في هذه الحالة فإن إسرائيل تدرس كل حالة على حدة لمنح حق اللجوء، وهذه الشريحة من الصعب إعادتها للسودان”.

ويرى لورد في حديث للجزيرة نت أن المهاجر غير النظامي دائما ما يدعي أن سبب هجرته أمني، بينما يدعي البعض الآخر أن أسبابا اجتماعية وراء هجرته ومنها لمّ الشمل العائلي، فضلا عن مبررات اقتصادية يتحدث عنها آخرون من أجل نيل اللجوء.

ويضيف لورد أن التفريق بين الحالتين (طلب اللجوء الأمني واللجوء الإنساني) معقد، ويحتاج لمحققين بإمكانيات كبيرة والتعاون مع البلد الأصلي، مشيرا إلى أن ذلك يجعل إعادة هؤلاء المهاجرين “أمرا معقدا”، إلا إذا اختار المهاجرون العودة الطوعية.

عودة قسرية

ويقول لورد إن مقدمي اللجوء السياسي والإنساني يمكن إعادتهم لدولهم، في حالة تحسنت الأوضاع التي دفعتهم لتقديم اللجوء، مضيفا أن اللجوء الإنساني يستمر لمدة تتراوح بين 5 إلى 10 سنين، ويرتبط بمدى تحسن الظروف التي اضطرت المهاجرين لمغادرة بلدانهم.

وحسب الخبير السوداني فإن سودان ما بعد احتجاجات العام 2019 يصنف ضمن الدول التي تحترم القوانين والمعاهدات الدولية، وكذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحريات المنصوص عليها في هذه الاتفاقيات، ويحذر لورد من أن أي محاولة لإعادة هؤلاء المهاجرين قسرا ستواجه بتحفظ من المنظمات الحقوقية بمبرر مخالفة القوانين والمواثيق الدولية.

ويعزو تحفظ المنظمات الحقوقية على العودة القسرية للمهاجرين لاحتمال الخطأ في التصنيف الناجم عن الدراسة التي أجرتها الدولة المستضيفة لحالة المهاجر، ويضيف أنه في حالة العودة القسرية لن تتدخل منظمة الهجرة الدولية، وسيكون الأمر محصورا بين السودان وإسرائيل.

ووفقا لتقارير إسرائيلية، فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعتزم تشكيل لجنة لوضع خطط لإعادة المهاجرين وطالبي اللجوء السودانيين إلى بلادهم.

صعوبات جمة

لكن المتحدث باسم حزب التحرير والعدالة عمار زكريا يقول إن عودة المهاجرين السودانيين من إسرائيل ستخلق مشاكل كبيرة للغاية لحكومة الخرطوم، فضلا عن الحرج الذي ستعاني منه تل أبيب جراء الاحتجاجات المتوقعة من المنظمات الحقوقية لأنها تريد التخلص من المهاجرين.

وينبه زكريا إلى أن أغلب المهاجرين السودانيين في إسرائيل هم من إقليم دارفور، وفئة كبيرة منهم تنتمي إلى الحركات المسلحة المتمردة، ويمكن أن يكون لذلك تأثير سلبي على أطراف أخرى.

وحسب رأي المتحدث فإن بعض اللاجئين في إسرائيل راغبون في العودة، لكنهم كانوا يخشون في الماضي من التعرض للمساءلة حال عودتهم، وهو ما سيكون متاحا في الوضع الحالي.

ونبه زكريا إلى أن لهؤلاء المهاجرين -الذين قدر عددهم بالآلاف- حقوقا، لأنهم هاجروا لظروف إنسانية وأمنية مرتبطة بالحرب في إقليم دارفور.

المصدر : الجزيرة

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.