محفظة السلع .. تقنين السوق الموازي

في السادس عشر من يونيو أعلن رئيس لجنة الطوارئ الاقتصادية نائب رئيس المجلس السيادي السوداني، محمد حمدان دقلو، إنشاء محفظة لاستيراد السلع الأساسية تهدف إلى حل مشكلة شح السلع الأساسية في البلاد عبر تمويل الواردات من هذه السلع بمشاركة المصارف والقطاع الخاص، الا أن تنفيذ هذه المهمة لم يجد طريقه للمحفظة التي فشلت أمام أول امتحان لها في توفير نقد أجنبي لتنفيذ عطاء استيراد وقود لشهر سبتمبر الذي التزمت به المحفظة عبر منسقها للشركات بتوفير النقد الأجنبي للعطاء، وعلمت متابعات (الإنتباهة) أن المحفظة تعكف في اجتماعات مطولة منذ الأسبوع الماضي مع شركات الاستيراد الخاص غيبت عنه الجهات المختصة بغرض تمرير تسعيرة جديدة، تماشياً مع خطوات الحكومة الانتقالية الماضية في برنامج إصلاح متفق عليه مع صندوق النقد الدولي، يتضمن رفع الدعم الحكومي عن البنزين والجازولين، حيث يذهب تفكير الحكومة الجاد في الرفع التدريجي عن البنزين والجازولين، مع خلق سعر موحد لصرف العملات الأجنبية أبرزها الدولار مقابل الجنيه، نسبة لتعدد الأسعار وتشوهاتها الاقتصادية.

شروط”فساد” لمحفظة السلع لفك أزمة القمح والوقود

تقنين الموازي
وتمكث أكثر من سبع بواخر محملة بالوقود بميناء بورتسودان قرابة الشهرين عجزت فيهما الدولة ممثلة في محفظة السلع عن توفير نقد أجنبي لها بحجة أنها ترغب في بيعه بالسوق الحر. وكانت وزير المالية السودانية المكلفة هبة محمد علي، قد أشارت إلى الفشل في تدبير (32) مليون دولار لبواخر الوقود الموجودة حالياً في عرض البحر.

سامية عبد الحفيظ: الحركة التعاونية تضرّرت من سياسات”التجارة” و”سلعتي”
ويقول عضو اللجنة الاقتصادية عادل خلف الله إن المحفظة تم تشكيلها بمشاركة الجهات المختصة وممثل قوى الحرية والتغيير، لافتاً لـ (الإنتباهة) الى أن (قحت) رفعت مذكرة اعتراض لمجلس الوزراء بشأن القرارات الأخيرة التي صدرت عن المحفظة المتملثة في عطاءات استجلاب السلع الأساسية وبالسعر الموازي اليومي بزيادة 10% بصيغة دفع فوري، لجهة أن القرار به تقنين للسوق الموازي واعتبار السوق الموازي هو الذي حدد سعر الصرف من خلف البنك المركزي الجهة المنوط به تحديد السعر، الأمر الذي وصفه بالاتجاه الخطير، خاصة ان سعر الموازي سعر مضاربات ويخضع تحديد السعر فيه للشائعات، وتساءل عن السبب وراء عدم الاستجابة لمطلب قوى الحرية والتغيير منذ أكتوبر في برنامجها بأن السلع الأساسية تتولاها الدولة من خلال تأهيل شركات سابقة كانت تقوم بهذا الدور أو عبر شركات مساهمة، وقال ان هذه الخطوة تجنب البلاد مخاطر المضاربة التي تؤدي لزيادة سعر الصرف، وايضاً تجنب السوق الاقتصادي التقلبات والندرة، بجانب جعل فروقات الأسعار أو هامش الربح تراكمياً أو فوائد مالية تستفيد منها الدولة من خلال نصيبها الموجود في شركة المساهمة العامة، لافتاً الى أن محفظة السلع تبسط جلب المحروقات بالسعر العالمي، وتساءل: هل مجاراة السعر العالمي تعني التخلي عن العملة الوطنية؟ ومن يريد الحصول على الوقود سواء كان منتجاً أو مستهلكاً بسيطاً هل عليه وضع نقد أجنبي في محفظته لشرائه؟ واعتبر الحديث عن المحفظة وتوفير المحروقات بالسعر العالمي هروباً من حقيقة الخطوات التي يعد لها المسرح حالياً لتحرير أسعار المحروقات، وقال إن الخطورة في هذا المسعي تضرر المنتج والمستهلك السوداني من ملازمتي تحرير سعر الصرف والمحروقات.
وأكد أن المحروقات تشكل العمود الفقري لمدخلات الإنتاج في الاقتصاد السوداني، جازماً بأن زيادتها بأية نسبة تترتب عليها زيادات أفقية ورأسية لكل السلع والخدمات.

محفظة السلع: تأمين وقود سبتمبر وتوفير (85) مليون دولار كانت تذهب للمافيا والسماسرة

الأزمة الطاحنة
الواقع أن الإعلان عن المحفظة جاء بزخم إعلامي ضخم صورت فيه المحفظة بأنها المنقذ الوحيد للاقتصاد الذي تحيط به الأزمات، ويمثل نقص الوقود واحدة من تجليات أزمة اقتصادية طاحنة تواجه السودان، حيث أعلن رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك أنه في الثالث والعشرين من ذات الشهر الذي كونت فيه المحفظة، تمكنت محفظة السلع من جمع مليار دولار قبل أن تبدأ عملها بصورة رسمية، هذا بجانب تصدير طنين من الذهب تذهب عائداته لاستيراد السلع الأساسية، فإين ذهبت جميع تلك الأموال؟
كلمة شاذة

وقال عضو اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير كمال كرار إن المؤتمر الاقتصادي القومي وضع سياسات ووجهات نظر للاستيراد، وقال لـ (الإنتباهة) إن القرارات التي تتخذها المحفظة يجب أن تكون تنفيذ مقررات المؤتمر الاقتصادي، وأضاف أن واقع الحال ان المحفظة تتخذ سياسات بعيدة عن قرارات المؤتمر، ووصف المحفظة بالكلمة الشاذة في الاقتصاد، وحمل جزءاً كبيراً من الأزمة الحالية للسياسات التي تبنتها المحفظة، وقال: (ليس من حق المحفظة تحديد سعر لسلعة معينة)، واعتبر ذلك استيلاءً على صلاحيات جهات أخرى، معلناً رفضهم لذلك في مرحلة ما بعد الثورة والسعي لبناء دولة مؤسسات وقانون، مبيناً أن إنشاءها جاء وفقاً لقانون الطوارئ المتعلق بجائحة (كروونا)، وأضاف قائلاً: (عقب انتهاء مرحلة الكورونا وعودة الأمور لطبيعتها فإن وجود المحفظة غير مقبول)، مؤكداً انه ليس من حق المحفظة تحديد سعر الوقود، وإنما توفير السلع، خاصة أن هنالك سياسة وسعراً محدداً للبترول حسب سعر الموازنة، مشيراً الى أن أزمة الوقود نتيجة للسياسات الخاطئة للمحفظة وجهات أخرى، وعزا استمرارها لعدم معالجة أسباب الأزمة ونتائجها بل مزيد من القرارات التي تولد مزيداً من الأزمات، خاصة أن استيراد الوقود توقف لشهرين. أوضحت المسودة أن المحفظة تأسست على أساس تجاري بقرارات من السلطات المختصة، حيث تسعر سلع المحفظة المستوردة بالأسعار التجارية، اتساقاً مع تكلفة الاستيراد.

المصدر: الانتباهة أون لاين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.