تقوية الجيش السوداني ضمن الأجندة.. ماذا في حقيبة أرفع وفد عسكري مصري يزور الخرطوم؟

لأول مرة في تاريخ التعاون العسكري بين الخرطوم والقاهرة، يزور السودان وفد رفيع من الجيش المصري بقيادة رئيس الأركان وقادة القوات الجوية والصاعقة والمظلات، وهي أهم أفرع الجيش في مصر.

ومع هبوط طائرة الوفد العسكري المصري في مطار الخرطوم السبت استقرت معها على الأرض العديد من التكهنات والتساؤلات عن أسباب الزيارة التي تأتي عقب خطوات التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب.

وطبقا لمصادر سودانية متطابقة، فإن أهم ما في أجندة الوفد العسكري المصري تتعلق بتغييرات ربما تكون هائلة ستلحق بالجيش السوداني في غضون 40 شهرا عبر استيعاب قوات حركات التمرد بموجب اتفاقية السلام المبرمة في جوبا الشهر الماضي.

وبموجب الاتفاقية، ستجري عملية إدماج واسعة في الجيش الحكومي لقوات الحركات المتمردة في دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، فضلا عن قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).

ويتكتم الجيش السوداني على تفاصيل المباحثات التي عقدها مع الوفد العسكري المصري بالخرطوم بقيادة رئيسي أركان الجيشين.

تهديد إثيوبيا

وطبقا لمصدر أمني تحدث للجزيرة نت، فإن الجيش المصري أراد عبر إرسال قادته للخرطوم توجيه رسائل لإثيوبيا مفادها أن ثمة تنسيقا عسكريا قد تفضي إليه المباحثات، وذلك في ضوء التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب التي قال فيها إن سد النهضة الإثيوبي قد يتم استهدافه.

لكن الخبير الإستراتيجي المحاضر في أكاديمية الأمن العليا اللواء أمين إسماعيل مجذوب يستبعد أن تتورط مصر المثقلة بالاختلالات الأمنية في سيناء وحدودها مع ليبيا في حرب استنزاف مع إثيوبيا.

ويشير مجذوب إلى أن زيارة الوفد العسكري المصري الرفيع تأتي بعد حدثين مهمين، هما رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب والتطبيع مع إسرائيل.

ويقول للجزيرة نت إن هناك بروتوكولات موقعة بين البلدين خاصة بالتعاون العسكري والتدريب وتبادل الخبرات العسكرية، ويشير إلى ملفات أخرى أضيفت بعد الزيارة الأخيرة لرئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان إلى مصر.

الإرهاب والتطبيع

ويؤكد الخبير السوداني أن أهم الملفات التي أضيفت في الشق الأمني والعسكري هو تبادل المطلوبين في الجانبين، والأوضاع الجديدة بعد إقامة الخرطوم علاقات طبيعية مع الولايات المتحدة وإسرائيل، خاصة في المجال العسكري.

ويقول إن حساسية الموقف بعد رفع السودان من قائمة الإرهاب والتطبيع مع إسرائيل تستدعي من البلدين التنسيق الكامل والتشاور.

ويضيف مجذوب أن الجيش المصري يريد أيضا تنشيط اتفاقيات التعاون العسكري مع السودان، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، حيث تعاني مصر اختلالا أمنيا في سيناء، وكانت تعتقد في السابق أن ثمة مساعدات سودانية عسكرية تصل المنطقة.

ويعتبر أن من بين الملفات المهمة المجموعات السودانية في ليبيا المنتمية للحركات المسلحة، والتي صدر قرار من الأمم المتحدة بخروجها بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في ذلك البلد.

ويتابع مجذوب أن مصر مهتمة بالملف الليبي، وأن هناك تشاورا وتنسيقا مع السودان في الملف، لأن هذه المجموعات السودانية قد تشكل انفلاتا أمنيا في الدول الثلاث.

الحركات المسلحة

ويذكر الخبير الإستراتيجي أن هناك مسألة حساسة أخرى تتعلق بأن السودان يمر بفترة مفصلية تستلزم إجراءات أمنية بعد اتفاق السلام بجوبا ودخول الحركات المسلحة بقواتها في عملية إعادة التسريح والدمج وحاجة السودان للخبرات المصرية.

وبحسب الكاتب الصحفي مجدي عبد العزيز، فإن زيارة الوفد المصري تأتي بعد اتفاقية السلام التي وقّعتها الحكومة السودانية ومتمردو الجبهة الثورية بجوبا في الثالث من الشهر الماضي، وما يترتب عليها من استيعاب قوات الحركات في الجيش.

ويقول عبد العزيز -الذي عمل في وقت سابق نائبا لمدير عام مراسم الدولة بالرئاسة المصرية- إنه لأول مرة يزور الخرطوم وفد يضم رئيس الأركان وقادة أهم أفرع الجيش المصري.

ويشير إلى أن الزيارة على صلة باتفاقية السلام في شقها المتعلق بالترتيبات الأمنية لأن البلدين مهتمان بتبادل الخبرات وبرامج التدريب المشتركة.

ويرى أن ذلك سيسهم في رفع قدرات الجيش السوداني، خاصة أنه قادم على استيعاب قوات الحركات المسلحة والقوات الأخرى التي كانت خارج أطر الجيش، في القوات المسلحة السودانية.

تقوية الجيش

ولا يبدو تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم) منزعجا من زيارة الوفد العسكري المصري.

واستبعد قيادي بارز في التحالف أن تكون الزيارة متصلة بأي تهديد عسكري لإثيوبيا، لأن البرهان الآن في زيارة لأديس أبابا بعد زيارة مماثلة للقاهرة، فيما يبدو أنه استجابة لطلب ترامب بأن يتحرك السودان كوسيط في سد النهضة بين العاصمتين.

ويرى القيادي أن هناك قضايا كثيرة بين الجيشين السوداني والمصري تستدعي التنسيق، قائلا إن المصريين يعملون على تقوية الجيش السوداني حتى يلعب دورا أساسيا في مستقبل العملية السياسية.

ويضيف أن تقوية المؤسسة العسكرية وجعلها مؤسسة احترافية ومهنية في صالح استقرار السودان.

وكان رئيس هيئة الأركان بالجيش السوداني الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين قد التقى نظيره رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الفريق محمد فريد حجازي الذي وصل البلاد السبت في زيارة تستغرق يومين.

المصدر : الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.