فاقمت زيادة أسعار الوقود من أزمة المواصلات في ولاية الخرطوم التي تشكو من أزمة مزمنة في هذا القطاع منذ سنوات بسبب ضعف البنية التحتية وارتفاع تكاليف التشغيل.
وعقب تنفيذ وزارة الطاقة والتعدين الأسبوع الماضي الأسعار الجديدة للوقود بزيادتها من 128 جنيهًا إلى 250 جنيهًا والوقود الحر بـ 540 جنيهًا سارع ملاك الحافلات إلى وضع زيادات جديدة وصلت الى حدود المائة جنيه وأكثر في بعض المناطق ما أدى إلى سخط شعبي واسع.
تعرفة جديدة:
وتدخل مدير الشركة الحكومية مواصلات ولاية الخرطوم محمد ضياء الدين مساء الأحد معلنًا تعرفة جديدة للبصات المملوكة للشركة بواقع (50)جنيهًا للخطوط الطويلة لكن هذه الشركة لا تتجاوز بصاتها 400 باص في حين أن ولاية الخرطوم تحتاج إلى ما لا يقل عن 10 آلاف بص للخروج من الأزمة بحسب خبراء في اقتصاديات النقل.
واضطر المواطنون في المحطات المنتشرة بولاية الخرطوم إلى دفع تعرفة مضاعفة للمواصلات منذ تنفيذ زيادات الوقود ولم تحدد الحكومة حتى الآن تعرفة ثابتة.
زيادة تعرفة المواصلات الجديدة تدفع بالمواطنين إلى السير على الأقدام
وذكر عبد الرحمن القرشي، وهو عامل في وسط الخرطوم أنه يدفع يوميًا من مكان سكنه بخي الجريف إلى السوق العربي (100)جنيه للحافلة الصغيرة “الهايس” و50 جنيهًا للحافلات العادية مشيرًا إلى أن التعرفة ارتفعت بما لايتناسب مع دخله الشهري.
ورغم التعرفة العشوائية التي تسود بين سائقي الحافلات بجميع سعاتها إلا أن أزمة المواصلات مستمرة ولا يمكن الحصول على مقعد في حافلة في ساعات الذروة التي تبدأ صباحًا وتنتهي مساءً.
وتؤكد أميمة رابح وهي موظفة في مؤسسة حكومية أنها تضطر إلى دفع 500جنيه يوميًا للانتقال بين المنزل والشارع الرئيسي والوصول إلى المحطة عبر “التوك توك” بقيمة 100 في محلية شرق النيل ومن ثم تحمل مائة جنيه لـ”الهايس”.
ويعزو خبراء استمرار أزمة المواصلات إلى عدم وجود جهات منظمة سواء قطاع خاص او عام تعمل في خدمة المواصلات وأن غالبية الحافلات مملوكة لأفراد يتأثرون بالوضع المتقلب يوميًا ولا يمكن السيطرة عليهم.
إلى جانب ذلك فإن البنى التحتية مثل الشوارع والمسارات التي تستخدمها الحافلات غير مهيأة لقطاع المواصلات ومصممة لصالح السيارات الخاصة.
ويقترح مدير إدارة التخطيط والبحوث بوزارة البنى التحتية والنقل محمد عبد القادر كدام في تصريح لـ(التغيير الالكترونية) إصدار قرار بإيقاف دخول السيارات الخاصة وسط الخرطوم حتى تتحرك فيه المواصلات العامة لأن المسارات المخصصة للحافلات لا تستوعب حركتها بالتالي تستغرق وقت أكثر أي أن الحافلة بدلًا من الوصول والعودة خلال ثلاثة ساعات تستغرق خمسة ساعات.
ويشير كدام إلى أن النظام البائد هو الذي منع دخول المواصلات إلى وسط الخرطوم وهذا قرار معكوس كان ينبغي تغييره منذ أول يوم لاستلام الحكومة الانتقالية مهامها بتخصيص وسط الخرطوم للمواصلات.
تهيئة المسارات:
ويدعو كدام إلى منح الأولوية للنقل العام بوضع وسط الخرطوم تحت سيطرة الحافلات ومنع دخول السيارات الخاصة مع استثناء بعض الجهات الضرورية لافتًا إلى أن اي خطوة لتطوير المواصلات يجب ان تسبقها هذه الإجراءات تهيئة المسارات.
وتعمل حاليًا أقل (6) آلاف حافلة مملوكة لأفراد في مواصلات ولاية الخرطوم وأغلبها تحتاج إلى صيانة حيث يشكو السائقون من ارتفاع تكلفة قطع الغيار.
وفي سبتمبر الماضي زار وفد من نقابة الحافلات وزيرة المالية هبة احمد علي للحصول على قرار بإعفاء قطع الغيار التي تخص الحافلات من الجمارك لكن الوزيرة رغم تعهداتها لم تنفذ مقترحات النقابة حتى الآن.
وضمن النهج الحكومي لمعالجة أزمة المواصلات ينصح كدام بضرورة تشجيع الاستثمار في المواصلات بتكوين مجموعة من الشركاء لاستيراد مجموعة من البصات وإدارتها في النقل العام ومنحها إعفاءات ضريبية.
ويرى كدام أن الحكومة عادة ما تعتقد أن الشركة كلما توسعت أنشطتها وكأنها غنيمة وتفرض عليها ضرائب عالية لكن يجب النظر إلى أن الشركة تقدم خدمة حيوية مثل المواصلات.
وفي السنوات الأخيرة سجل قطاع النقل انهيارًا محلوظًا باعتراف مسؤولين حكوميين على مستوى السودان إثر شح الوقود وارتفاع قطع الغيار وارتفاع أسعار الحافلات والشاحنات.
ويوضح كدام أن خدمة المواصلات إذا تمت إدارتها بواسطة شركات يمكن تخصيص الوقود المدعوم لها دون الخوف من تسربها الى السوق السوداء والتحكم في التعرفة بين الشركات والحكومة.
التغيير نت