تكدس البواخر .. من يعبث بالميناء؟

واجهت الموانئ البحرية مشكلات كبيرة خلال الفترة الماضية تشعبت ما بين المشكلات الفنية والإدارية والتقاطعات الكبيرة للاهمال الذي تعرضت له خلال الفترة الماضية، وتبدو أزمة الهيئة مركبة ما بين الخلافات الإدارية والقانونية، إلى جانب مشكلات الشحن والتفريغ وانعدام المواعين الحافظة للمواد المصدرة، لا سيما بعد أن أصدرت اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية عدداً من القرارات في ما يخص ميناء بورتسودان، شملت تمويل صيانة الآليات والمعدات المعطلة وشراء معدات جديدة، وبناء وتشييد كل الأرصفة لمرابط الميناء، وتنفيذ النافذة الموحدة لكل المعاملات بالميناء، وصياغة القوانين والتشريعات واللوائح، وإجراء عمليات الإصلاح الإداري وقانونية هيئة الموانئ البحرية، الا انه لاحت في الأفق مشكلة جديدة تعلقت بصدور قرار بإيقاف الصادر والوارد من وإلى الميناء.

تحسن الشحن والتفريغ بميناء بورتسودان والنقابة تؤكد: أجندة الخصخصة لن تمر

)الإنتباهة) حاولت الغوص في أعماق ما يواجه الميناء والمصدرين والمستوردين وأبعاده الاقتصادية على الوجه العام فكان التالي :

نقص الآليات
ويعاني ميناء بورتسودان من نقص في الآليات أدى إلى تدني معدلات سحب وتخليص الحاويات، وازدياد فترة بقاء الحاويات المتداولة الصادرة والواردة، بجانب زيادة زمن انتظار السفن الناتج عن نقص الآليات والترحيل إلى مناطق الكشف الجمركي، بالإضافة إلى مشكلة ترحيل الواردات إلى داخل البلاد. وكشف أحد المستوردين الذي فضل حجب اسمه، ان البواخر حالياً تقف خارج الميناء لأكثر من شهر، وكشف عن صدور خطاب من ميناء جدة الإسلامي من مدير عام الميناء يخاطب فيه الشركات بعدم استلام شحنات جديدة للموانئ السودانية لتكدس الميناء وعدم وجود بواخر تبحر الى السودان، وعزا لـ (الإنتباهة) سبب التكدس لتوقف جميع الكرينات الميناء ما عدا واحد فقط، وهذه الكرينات مهمتها نقل الحاويات من الباخرة للرصيف في الميناء، واضاف ان عددها (٨) كرينات في الميناء الجنوبي ويعمل واحد فقط، مما ادى الى بطء كبير في العمل وتكدس البواخر في صفوف اشبه بصفوف الوقود، مما ترتب عليه خسائر كبيرة في جميع الدوائر الاقتصادية المتمثلة في فاقد إيراد للميناء، مشيراً إلى إنزال (٥٠) حاوية في اليوم بدلاً من الف حاوية، بجانب فاقد في إيراد الجمارك، لافتاً إلى ان الشركات الملاحية أحجمت عن الإبحار الى السودان لجهة أن الباخرة تقف خارج الميناء لشهرين، وأضاف ان الشركات الاخرى التي وافقت على العمل في السودان اسعارها ثلاثة اضعاف مما يترتب عليه زيادة أسعار البضائع، وشكا من بطء دورة رأس المال العامل للتاجر، وتأخر وصول الطلبية لستة شهور بسبب تكدس الميناء، مما ادى إلى شح في البضائع في السوق وزيادة في التضخم وندرة البضائع، بجانب تقليل موارد الدولة من النقد الأجنبي من حيث الصادر، مؤكداً تلف كميات كبيرة من البضائع بالميناء بسبب الرطوبة العالية وسوء التخزين .

ميناء بورتسودان مهدد بالشلل وخبراء يحذرون الحكومة

الا ان المدير العام لهيئة الموانئ البحرية الكابتن اونور محمد آدم سلطان اكد ان الحركة في الميناء تسير بشكل طبيعي، وارجع ــ في حديثه لـ (الإنتباهة) ــ حالة التكدس التي تشهدها الميناء إلى المشكلات القبلية التي حدثت وأدت لإغلاق الميناء لمدة عشرة ايام، ونفى في ذات الاثناء وجود أي اتجاه لإغلاق الميناء، وكشف عن بدء رحلات نقل الركاب الأسبوع القادم .واضاف قائلاً: (حتى الآن لم يصلنا خطاب بإيقاف حركة الصادر والوارد من وإلى الميناء، وتختلف الشركات العالمية المالكة للبواخر التي تعمل في الميناء في اطار التنافس في السوق، وقد يكون هناك خطاب دفعت به إحدى هذه الشركات ولكنه لم يصلنا حتى الآن) .

ولفت إلى أن وزارة المالية صادقت على مبلغ (61) مليون يورو من جملة (286) مليون يورو مخصصة لتنفيذ الخطة الإسعافية لتطوير الموانئ، والتي تشمل رصيفاً جديداً لاستقبال بواخر جديد بسعة (11٠) آلاف طن، واكد وجود سبع ناقلات نفط تنتظر إجراءات الدفع من وزارة المالية .

أزمة مفتعلة
وسبق ان أعلنت الحكومة الانتقالية برئاسة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، مطلع العام الحالي، عن خطة إسعافية لحل المشكلات التي تواجه ميناء بورتسودان الذي يعاني من مشكلات لوجيستية وإدارية، وتشرف على الخطة الإسعافية لجنة جرى تقسيم عملها إلى محاور عدة، وتبلغ تكلفة الخطة نحو (300) مليون دولار لتطوير البنية التحتية؛ بما فيها توفير أعماق للميناء تمكنه من استقبال البواخر الضخمة، فضلاً عن توفير رافعات جديدة وصيانة الموجود منها بعد تعطلها نتيجة شح التمويل، الا ان رئيس نقابة العاملين بالموانئ سامي الصائغ قال ان ما يحدث بالميناء مفتعل، وقال انهم طالبوا بصيانات إضافية عقب انفتاح البلاد بعد الثورة وعودة البواخر بشكل اكبر، وعزا تكدس البواخر لعدم توفر الكرينات، إضافة الى رفض الحكومة الخطة التي تم وضعها بزيادة الكرينات وصيانة الموجود، لافتاً إلى ان الحكومة غير متفقة بشقيها العسكري والمدني الذي يسعى لصيانة الميناء، بينما يسعى المكون العسكري لخنق الميناء حتى يجدوا سبباً لمنحه لشركة شهيرة تستثمر في مجال الموانئ في العالم، واضاف ان هنالك جانباً يمضي بنفس سياسة عهد الإنقاذ البائد بتدمير ممنهج لهيئة الموانئ البحرية، واتهم جهات بتدبير خطة تعيق مسيرة الميناء وتسعى لجلب شركة للسيطرة على هيئة الموانئ البحرية، مشيراً إلى عدم اعتراف الهيئة بالنقابة .

لا يوجد ميناء
ويؤكد رئيس شعبة مصدري الحبوب الزيتية محمد عباس، توقف عمليات الصادر، وأضاف قائلاً: (لا يوجد ميناء الآن)، وكشف عن وجود مئات الحاويات من صادر الحبوب الزيتية حالياً في ميناء بورتسودان لفترة طويلة، وقال إن الميناء منتهي ولا توجد به كرينات، وتتكدس به البواخر وتصل فترة دخولها الى (٢٠) يوماً، جازماً بأن اغلب المصدرين احجموا عن الشراء من السوق لعدم وجود صادر، وشكا من توقف المناولات الداخلية لعدم وجود صيانة وبعضها قديم ومتهالك .

وكشف المصدر عمر محمد عن شحن (٣٠٠) حاوية من الموسم الماضي تحمل خمسة آلاف طن، وحذر من تلف هذه الكمية او ان تقوم الجهات المستوردة لها بارجاعها، لافتاً الى أن دورة الصادر في السابق تستغرق شهرين وحالياً تصل الى ستة شهور، وتوقع ان يؤثر الوضع الحالي تأثيراً مباشراً في سعر الدولار وفي العرض، وتساءل قائلاً: (اين المسؤولون وماذا يفعلون؟)، وتوقع فشل الموسم الزراعي في حال لم يتم حل ازمة الميناء في فترة وجيزة، مؤكداً توقف صادر الامباز وتعرضه للتلف بالميناء .

أيادٍ خفية
وبحسب تغريدة لوزير النقل المكلف هاشم بن عوف على حسابه الرسمي بـ (تويتر)، فقد تم التصديق من المالية على اربعة خطابات تفتح الباب التأسيسي لمسار الإصلاح الاسعافي في قطاعات النقل، وفي ما يتعلق بهيئة الموانئ البحرية ‏تم التصديق بجملة مبلغ (61) مليون يورو لتنفيذ المصفوفة، ‏وتتكون من (شراء وصيانة كرينات جسرية جديدة وصيانة القديمة، أرصفة وتخطيط حظائر حاويات، وتنفيذ مشروع النافذة الواحدة للإجراءات)، وأيضاً في مركز البيانات بالرئاسة ‏تم التصديق بمبلغ (15) مليون جنيه للتأمين .

ويرى امين المال بغرفة المستوردين ان الضرر يقع ايضاً على المواطن المستهلك، لافتاً الى أن تأخر البضائع بالميناء تترتب عليه ارضيات ومصروفات، وقال لـ (الإنتباهة) ان تكدس البضائع بالميناء يؤثر في دورة عجلة الاقتصاد، مؤكداً ان استيراد المنتج وتسويقه يحتاج الى أربعة أشهر بسبب تكدس الميناء، وعزا ما يحدث في الميناء للتخبط الإداري وعدم وجود آليات، جازماً بأن مشكلة الميناء الرئيسة مشكلة إدارية بحتة، وأضاف قائلاً: (نأمل خلال الفترة المقبلة عقب موافقة وزارة المالية على مذكرة مع وزير النقل المكلف، نأمل أن تتم الاستعانة بآليات جديدة وتغير العقلية الإدارية بالميناء)، مؤكداً انه بنسبة ٦٠٪ توجد أيادٍ خفية تعبث بعمل الميناء، لجهة أن ذات الآليات الموجودة حالياً كانت تعمل بكفاءة في فترة من الفترات، لافتاً الى ان المملكة العربية السعودية قامت بإيقاف الترانسيت للسودان بسبب تأخر البواخر، وأيضاً توقف خطوط من تركيا والسويد عن العمل بالسودان لجهة أن الباخرة تقف لفترة شهرين للتفريغ.

المصدر: الانتباهة أون لاين


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.