- كثير من أصدقائي تغيرت مشاعرهم ورؤيتهم لدكتور حمدوك.. ومعظمهم تغيرت في دواخلهم مشاعر التفاؤل والأمل والاحتفاء به الى مشاعر الإحباط والغضب عليه، ولو كان هذا التحول وسط اصدقائي فقط لما كان هاجسا لي، ولكن ما يقلقني ارتفاع عدد الأصوات التي تجاوزت مراحل الإحباط والكفر به الى الهجوم عليه واتهامه بالتواطؤ والمطالبة بمغادرته.
-
لستُ راضيا حتى اؤيد، كما إنني لا أستعجل دمغه بالفشل في انتظار ان أجد إجابة تفسر ما يحدث، وتعيد لي التوازن المختل والمنطق الذي لا يقبل إلا الأسباب الحقيقية والموضوعية، لذا في كل لحظة أجد عقلي المهموم بتفاصيل الثورة وإحباطاتها تحاصره الأسئلة عن ماذا يحدث، وماذا يفعل حمدوك؟؟
-
التقيت بدكتور حمدوك قبل ثلاثة عقود مضت، وعملت معه في دروب السياسة لفترة تكفي لأن أقول بأنه كان شخصا مميزا في صدق انتمائه للوطن ومعارضته للظلم وإيمانه بالحرية والعدالة، يأسرك بشخصية تمتلك الوضوح والصدق والوعي وكثرة العمل وقلة الحديث!
-
شخص بهذه السمات والخبرة يجعلني أستغرب من مواقفه وردود أفعاله، مما يجعل هذا السؤال الحائر يؤرقني ويدوي في أذني كل يوم .. ما الذي يحدث ولماذا يحدث؟!
-
اذا رجعنا لبعض المواقف لوجدناها صعبة التصديق والقبول:
-
أولا، استلاب المجلس السيادي لملف السلام، بل نجد تطاولا يصل مرحلة الوقاحة والاستفزاز لمواقفه وهو صامت كأن الأمر لا يعنيه.
-
ثانيا، هو الخبير الاقتصادي فلماذا يعطي الملف الاقتصادي للمجلس السيادي، بل لأكثر عضو تناولته الأقلام لتضارب مصالحه الاقتصادية مع مصالح الوطن، وفوق ذلك ليس له خلفية ولا علاقة بعلوم الاقتصاد والتخطيط والتنمية.
-
ثالثا، أجد نفسي أنا الجاهل في الاقتصاد اعرف ان زيادة المرتبات في غياب الموارد وقلة الانتاج يعني التضخم والانهيار، فكيف يدعم من لديه دكتوراة في الاقتصاد هذا الاتجاه، بل ويغض الطرف عن زيادة الصرف البذخي وغير المؤسس.
-
رابعا، بدلا من تقديم الحلول الجذرية للأزمات تقوم الحكومة برفع الدعم لتصب الوقود في نيران الأزمات المشتعلة
-
خامسا، ملف العلاقات الخارجية أصبح تحت يد البرهان، وبدلا من ان تتولى وزارة الخارجية رسم السياسات صارت تبصم على القرارات ثم تلهث للعثور على التبرير.
-
سادسا، الغياب التام لصوت الحكومة وانعدام الشفافية وعدم تمليك الحقائق للشعب، وعدم الاهتمام بحالة الضيق المصحوبة بمشاعر الغضب والإحباط مما يعطي شعورا بان الحكومة لا تعلم او لا تهتم، ومما يزيد من ذلك الإعلام الكسيح الذي لا يشبه الثورة، فلا توثيق لمفاسد الإنقاذ، ولا تحقيق في ازمات الحاضر ومحاصرة المسئولين، ولا تبشير بالمستقبل.
-
لا أجد لهذا الخلل والغياب وإدمان الخطأ الا ثلاث احتمالات: الأول، أن حمدوك وجد نفسه محكوما بوثيقة دستوريه بها الكثير من الثقوب التي تقيد حركته، فرضي ان يعمل بقدر ما لديه من صلاحيات! الثاني، انه اكتشف ضعف قحت فعلم إنه يفتقد السند السياسي الواعي والمنظم لذلك اختار أسلوب الخطوة البطيئة للتفكيك واعادة البناء . الثالث، أن يطرح نفسه في صورة غير مصادمة حتى يكسب ثقة الجميع، ولا يظهر أنيابه حتى يضمن تحول ميزان القوى لصالحه، وربما ظن أن الميزان سيرجح كفته بعد دخول الأمم المتحدة في يناير. * لا يهم أي الاحتمالات هي الأصح، فإذا كانت الوثيقة هي التي كبلت يدك يا حمدوك، فإن الشعب الذي صنعها قادر على تمزيقها وتعديلها بواسطة الشارع أو بمجلسه التشريعي، واذا شعرتَ بأن ظهرك مكشوف لضعف قحت فلا تهين نفسك لأحد، فالشعب سيغطي لك ظهرك وكما أفرز قحت كقيادة له، فهو قادر ان يصنع القيادة التي تدعمك وتسندك، وإذا شعرت بالخوف من العواقب لضعف توازن القوى، فاعلم إنه خوف ليس في مكانه، فالذي قدم مئات الأرواح لإسقاط النظام قادر على تقديم الالاف لتعود الثورة لمسارها الصحيح !
-
يا د. حمدوك، وضعنا فيك حسن الظن وكل ما في جعبتنا من تفسيرات إيجابية لصالحك، وليس لدينا سوى مطلب واحد ان تعود للشعب فهو بركان قوتك وعزتك، فإن رجعت فالنصر حليفك وإن تباطأت حتى وإن حسنت نواياك، فإن قطار الثورة لن ينتظرك، وسيتولى القيادة من هو جدير بتحقيق أهداف الثورة وطموحات المواطنين!
د. مجدى إسحاق، مواطن وصديق
الجريدة