قانون.. شقيق البشير!

هل سيغضب البعض مما سنكتب..؟ لا بأس.. وهل ستنصب لنا المشانق..؟ لا ضير.. فالحق أحق أن يقال.. حتى سدنة الثورة؛ إن لم يحرصوا على تدارك الأخطاء، وتصحيح المعوج، فسيكون سبيلهم سبيل من سبقوهم أيضا.. عن عبدالله البشير أكتب، ليس لعلاقة خاصة تربطني به، ولا لخصومة تدفعني للنيل من آخرين، ولكن لأنها وقائع.. لا خير فينا إن لم نقلها.. وهذا سبب دونه يهون كل شيء.

ولنبدأ بكيف ظُلم عبدالله ميتاً.. أسلم الفقيد عبدالله حسن أحمد البشير الروح نحو الرابعة من صباح أمس السبت، بمستشفي علياء.. ولكن أسرته فشلت في تسلم جثمان فقيدها إلا بعد مرور خمس ساعات أو أكثر.. لماذا..؟ لأن إدارة السجون قررت فتح بلاغ في قسم الشرطة.. لم أفهم ضد من فتح هذا البلاغ، وما هي التهم التي قيدت ضد ذلك المجهول..؟ ثم جيء بفريق من الأدلة الجنائية، ولا أدري ما إذا وجدوا أية أدلة تدل على الجاني، كما سنشرح لاحقاً.. والحديث عن بلاغ لدى الشرطة، يعني دور للنيابة، والنيابة غائبة، ولم يتضح بعد، ما إذا كان سبب غياب النيابة هو الإضراب المزعوم، أم عطلة السبت، أم لخلل في برنامج مناوبة النيابات.. الشاهد أنه وفي ذلك الصباح القاتم والمجلل بالحزن، كان مطلوباً من الأسرة، ببذل جهد إضافي في البحث عن وكيل نيابة، حد الوصول لأحدهم في منزله، حتى تتمكن من استلام جثمان فقيدها..!

أما فى حياته، فقد كان الراحل يواجه تهماً تتعلق بالتصرف في أحد مصانع صندوق الخدمات الطبية بالقوات المسلحة، بصفته أحد المديرين في ذلك الصندوق في وقته، كان البلاغ قبل عامين تقريباً، وقد كان الأمر طبيعياً، أي أن تتخذ الدولة إجراءاتها القانونية في مواجهة أي مشتبه به، وللمحكمة بعد ذلك أن تفصل في الأمر.. ولكن الراحل عبدالله يبدو أن قانوناً آخر طبق في حقه، حق أن يسمى قانون شقيق البشير، تماما كقانون أحمد اوبيلو في نيجيريا، فقد صمم وفصل ذلك القانون على رجل واحد، وحمل مادة واحدة، لذا سمي باسمه.. أما القانون الذى طبق على عبدالله، فلم يهتم أحد بكتابته، بل تجاوزوا النصوص للتطبيق مباشرة..!

فالبلاغ رقم 21/ 2019 يواجه فيه الاتهام شخصان، المتهم الأول أحد المتنفذين جل سنوات الإنقاذ، والمتهم الثاني هو عبدالله البشير.. ولكن لحكمة ما؛ صار البلاغ يعرف باسم الراحل، فيما تم الصمت المطبق عن أي ذكر للآخر، الذى هو المتهم الأول.. أما الغريب والعصي على الفهم.. فهو أن المتهم الأول ظل طليقاً منذ الإجراءات الأولية وحتى اليوم، بموجب كفالة مالية دفعها، وهذا أمر طبيعي أيضاً، ولكن غير الطبيعي أن يظل المتهم الثاني قيد الحبس طوال هذه الفترة، رغم أنه سدد ذات الكفالة التي سددها المتهم الأول.. ويبدو أن الراحل كان يخضع لقانون آخر اسمه قانون شقيق البشير، هو قانون لم يكتب، ولكنه يطبق بدقة ويعلو على كل القوانين المكتوبة..! فالراحل فى حبسه أصيب بداء السرطان اللعين؛ الذي ظل يوالي الانتشار في جسده، ورغم ذلك لم ينل حقه الطبيعي في ظروف علاج أفضل؛ كآخرين يواجهون ذات الظروف.. وبالنتيجة ضعفت مناعته، فكان صيداً سهلاً لكوفيد 19، وضحية لقانون غير مكتوب، ولكنه طبق بحماس شديد..!

السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.