أقر الكونغرس الأميريكي بمجلسيه، مساء الاثنين، تشريعا يتضمن الموافقة على استعادة السودان حصانته السيادية، بعد أيام من رفع اسمه عن قائمة الدول الراعية للإرهاب، نتيجة “مفاوضات طويلة استغرقت أكثر من عام”، بحسب مسؤول سوداني مطلع على تفاصيلها.
وتعني استعادة السودان حصانته السيادية، منع الأفراد في الولايات المتحدة من ملاحقة الحكومة السودانية قضائيا بدعاوى تتعلق بالإرهاب.
لكن التشريع الجديد تضمن بندا يحفظ لضحايا اعتداءات 11 سبتمبر وعائلاتهم حق استكمال دعاوى تتعلق بدور مزعوم للسودان في الهجمات، بسبب استضافته قادة من تنظيم القاعدة.
ذلك البند لم يمنع المطالبين بإدراجه وهما “عضوا مجلس الشيوخ الديمقراطيان، تشاك شومر عن ولاية نيويورك، وبوب منيندز عن ولاية نيوجيرزي، من تأكيد اهتمام واشنطن بدعم أكبر للخرطوم في عملية الانتقال الديمقراطي”، بحسب المسؤول السوداني، الذي تحدث لموقع سكاي نيوز عربية وطلب عدم كشف هويته.
مفاوضات طويلة
وقال المسؤول إن المفاوضات مع الجانب الأميركي “بدأت بعد تشكيل حكومة مدنية في السودان، في سبتمبر عام 2019، وكانت الأحكام الصادرة بحق الخرطوم غيابية، وتبلغ قيمة التعويضات فيها أكثر من عشرة مليارات”.
وتبنت الإدارة الأميركية قضايا مواطنيها للتفاوض مع الجانب السوداني، و”اشترطت لرفع اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب، تسوية القضايا المرفوعة ضده”.
وأكد المسؤول أن القضايا ضد السودان بشأن اعتداءات سبتمبر، “مرفوعة منذ أكثر من عقد ونصف، ولم تصدر فيها أي أحكام”، مشددا على أن “لجنة تحقيق كوَّنها الكونغرس عام 2002، خلصت في تقريرها إلى أن السودان لم يكن له أي دور في هجمات سبتمبر”، وأضاف أن “السودان متأكد من أن القضايا المرفوعة ضده بشأن الهجمات لن تسفر عن أي إدانة”.
وأكد المسؤول أن السودان “مطمئن لسلامة وضعه القانوني في هذا الشأن، وأن مسؤوليه سيظهرون في المحاكم لإثبات عدم وجود أي علاقة له باعتداءات سبتمبر”.
حصانة كاملة غير منقوصة
وعن أهمية استعادة السودان حصانته السيادية، أكد المسؤول أنها “حصانة كاملة وغير منقوصة، ولن يحق لأي شخص، بعد اليوم، بمن فيهم أهالي ضحايا هجمات سبتمبر، أن يرفع قضية جديدة ضد الخرطوم”.
وأوضح أن ذلك سيعني أيضا “شطب القضايا السبع الأخرى بشأن تفجير السفارتين، المرفوعة ضد السودان خلال العام الجاري، مع إلغاء أحكام أخرى وتعويضات بلغت قيمتها أكثر من عشرة مليارات دولار”.
تغير الإدارة الأميركية
ولن يؤثر وصول إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن إلى البيت الأبيض، على ما توصل إليه الجانبان، “فبعد أن يوقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب القرار، سيصبح قانونا نافذا وساري المفعول، ولا يمكن لأي كان تغييره”، وفق ما يؤكد المسؤول السوداني، ويقول إن بلاده “لن تفرج عن المبلغ المرصود لأهالي الضحايا، والبالغ 335 مليون دولار، إلا بعد وفاء واشنطن بالتزاماتها وفق القانون الجديد”.
ولنحو ثلاثة عقود، أدى إدراج السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، إلى تداعيات سلبية على الاقتصاد السوداني، قيّدت قدرته على تلقي المساعدات.
لكن الإدارة الأميركية “تدعم الانتقال الديمقراطي الحالي في السودان دعما كبيرا، وتدرك صعوبة أوضاعه الاقتصادية، والتزمت بدفع 700 مليون دولار كمساعدات اقتصادية مباشرة للخرطوم، لدعم مشاريع صحية وتعليمية ومساعدة برنامج دعم الأسر”، وفق المسؤول.
وتعهدت واشنطن أيضا بمبلغ 231 مليون دولار ستذهب إلى صندوق النقد الدولي لدعم دخول السودان في مبادرة الدول الأكثر فقرا، التي تحتاج إلى إعادة هيكلة ديونها، “مما يتيح للصندوق أن يقدم قروضا ومساعدات مالية إضافية للسودان”.
ديون السودان
وأعرب المسؤول السوداني عن تفاؤله بشأن ديون بلاده، وقال إن هناك جهودا أوروبية تقودها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، لإعفاء السودان من ديونه السيادية ضمن ما يعرف باسم “نادي باريس”.
وأكد أن “فرنسا، مثلا، تعهدت بإعفاء السودان من ديونها البالغة قيمتها نحو أربعة مليارات دولار، وكانت فقط بانتظار رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب”، وهو ما تحقق خلال الأيام الماضية.
وقال المسؤول السوداني إن بلاده “مقبلة الآن على مرحلة جديدة، بعدما أزيلت القيود والمخاوف التي كانت تعيق حركة المال والتبادلات التجارية، مما يعزز تعاونها مع المؤسسات المالية الدولية”.
وأضاف أن رفع اسم السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب، واستعادة حصانته السيادية، “هو إنجاز كبير حققته الحكومة الانتقالية، سيفسح المجال لعودة السودان إلى المجتمع الدولي والنظام المصرفي والاقتصادي الدولي، وسيساعد عل تحسين ظروف البلد الاقتصادية والمعيشية بشكل ملحوظ”.
سكاي نيوز