قضية مزمنة.. الموت داخل الحراسات .. «نحن بتوع الأتوبيس»

في الفيلم المصري الشهير ( نحن بتوع الأتوبيس) يحكي عن شباب تم اعتقالهم داخل باص (أتوبيس) بعد مشاجرة وتم إيداعهم حراسة الشرطة لكن لسوء حظهم تم حبسهم مع متهمين سياسيين فتم نقلهم للتحقيق ورغم نفيهم الشديد أنهم لا علاقة لهم بتهمة تقويض النظام وأنهم هم (بتوع الاتوبيس) بيد أن ذلك لم يشفع لهم ولم يوقف الضرب والتعذيب القاسي بغرض انتزاع اعترافات تثبت عليهم الاتهام ، لكن بعيداً عن الرسالة السياسية الذكية  التي حاول الفيلم توصيلها ، غير أن ثمة بعدا آخر يتمثل في أن العديد من دول منطقتنا العربية والأفريقية بدلاً من أن تسعى شرطتها وأجهزتها الأمنية في تجميع الأدلة وإن استغرق وقتاً وجهداً، لكنها تحاول اختصار المشوار وحرق المراحل بانتزاع اعترافات من المتهمين قسراً رغم أنهم قد يكونوا أبرياء .

قضية مزمنة
والسودان ليس في معزل عن الانتهاكات التي تتم في اقسام الشرطة والأجهزة الأمنية المختلفة في دول المنطقة رغم أنها محدودة وتحدث في فترات متباعدة ، كما هي ليست جديدة، فمنذ عهد الاستقلال وطوال العهود المختلفة كانت تحدث مثل تلك الظواهر السلبية حتى في العهود الديمقراطية التي مرت على السودان،
في الأيام القليلة الماضية توفي المواطن عز الدين علي حامد داخل مركز أمبدة التابع لشرطة المباحث الفيدرالية، بعد أن تم إيقافه في 17 ديسمبر الجاري على خلفية سرقت سيارة، وذلك قبل أن تُفرج عنه بالضمانة العادية في 25 ديسمبر، وكشفت قوات الشرطة عن وضع جميع عناصر شرطة المباحث الفيدرالية في مركز أمبدة، التابعة لأم درمان، قيد الحجز المشدد، بعد أن أكد التقرير الطبي تعرض عز الدين علي حامد للتعذيب، كان الراحل متحجزاً بهذا المركز وأكدت الشرطة على أنه جرى تقييد إجراءات قانونية بحق عناصر شرطة المباحث تحت المادة 130 الخاصة بالقتل العمد، مشيراً إلى أن النيابة العامة تولت التحقيق معهم .

وقالت أسرة عز الدين إنه (بعد تدهور حالته الصحية أطلق سراحه بالضمانة يوم الجمعة الماضية، ووصل إلى المنزل وآثار الضرب تبدو ظاهرة على جسده، مما استدعى نقله إلى مستشفى شفاء العليل الطبي الحديث بأمبدة الحارة 20، لكنه توفي فيها صباح يوم يوم السبت الماضي
اتهام تسعة نظاميين).

وفي  الثاني والعشرين من مايو 2013  شرعت أسرة مواطن توفي داخل حراسة قسم شرطة الدروشاب، في تحريك بلاغ مدون ضد (9) نظاميين، وقامت بتكليف المحامي “معاوية خضر الأمين” بتولي إجراءات البلاغ. وكانت أسرة المتوفى قد رفضت تسلم الجثمان من المشرحة إلا بعد إلقاء القبض على المتهمين، وذلك في العام 2010م، ثم تسلمته فيما بعد،   وبحسب صحيفة (المجهر) آنذاك قامت الشرطة بمخاطبة نيابة بحري للإسراع في سير الإجراءات في مواجهة المتهمين. ومن جهتها أكدت والدة المتوفى  أنها طرقت أبواب الجهات القانونيّة من أجل تقديم المتهمين إلى المحاكمة عاجلاً بعد اكتمال التحقيق .

قتيل في بورتسودان
ولم يقتصر تلك الحوادث على الخرطوم فقط، ففي التاسع عشر من نوفبر 2019  أقامت أسرة المتوفي   أبو طالب داخل حراسة قسم الثورة ببورتسودان بالتقدم بطلب بإحالة التحقيق من قسم الشرطة إلى النيابة لتقوم النيابة بتسلم التحريات والشروع في التحري حول وفاته بعد مكوثه أربعة أيام داخل الحراسة.   وتعود تفاصيل هذه الحادثة بحسب صحيفة الدار، تعرض الشاب إلى إصابة بعكاز من قبل أحد المتهمين ليقوم المواطن أبو طالب أحمد طاهر بالتحرك إلى القسم بصحبة طفله الصغير وأثناء تواجده بالقسم حضر المتهم مع شخص آخر ادعى المتهم بأن المواطن أبو طالب اعتدى عليه في وقت سابق، ليتم اعطاؤهم أرانيك جنائية للعلاج وبعد حضوره من المستشفى تم إدخاله الحراسة دون الاتصال بأسرته وحجز طفله الصغير، وبعد أربعة أيام توفي المواطن أبو طالب داخل الحراسة لتتفاجأ أسرته بالخبر الأليم، لتقوم بمتابعة الإجراءات لتبدأ بعدها النيابة في تسلم البلاغ وإجراء تحرياتها، كما تقدمت أسرته ببلاغ ضد حجز طفل المرحوم لمدة أربعة أيام دون مسوغ قانوني قامت على إثره النيابة بتدوين بلاغات تحت المادة 75 الامتناع عن المساعدة والمادة 76 الإخلال بالالتزام القانوني تجاه شخص عاجز (طفل القتيل).

قتيل في الدوحة
أعلنت الشرطة في العشرين من اكتوبر 2019   عن مقتل مواطن، عمره 40 عامًا، بسبب التعذيب الذي تعرض له داخل حراسة قسم شرطة الدوحة، بمنطقة أم درمان. وأعلنت الشرطة في تعميم صحفي أنها دونت بلاغات ضد خمسة من عناصرها بتهمة القتل العمد.
وأفادت بأن المواطن المقتول قُبض عليه قبل يومين ضمن ستة متهمين في بلاغ سرقة مجوهرات ومبلغ مالي بالعملة الصعبة. وقالت إن المواطن المقتول تعرض للضرب، مما استدعى نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج، وبعد أن ساءت حالته الصحية نُقل إلى مستشفى الشرطة قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.

وكشفت عن قيامها بفتح جنائي تحت المادة (130) من القانون الجنائي الخاصة بالقتل العمد، في مواجهة خمسة من عناصرها، يتبعون للمباحث، قالت إنهم وضعوا بالحبس الإداري بشرطة محلية أم درمان.

أخيراً:
قصدنا من عرض تلك الأحداث أن نسلط الضوء على تلك الظواهر السلبية التي تتقاطع مع البعد الديني والإنساني والمهني ولا تتواءم مع عهد جديد تعاهد فيه مفجروه أن يكون مثالاً  لتحقيق العدالة وصيانة حقوق الأفراد  وعدم انتهاك كرامتهم مع التأكيد أنها مازالت حوادث معزولة ولا تشكل ظاهرة بمعناها العلمي المعروف .

المصدر: الانتباهة أون لاين


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.