بالرغم من أن (كورونا) منعت التجمعات إلا أن الأماكن الاجتماعية التي يلتقي فيها الناس تجمعهم بين الحين والآخر ، فقد تذهب إلى أقرب (بقالة) وتجد من يسألك سؤال بات مكرراً (البلد دي ماشا وين؟).
ومهما فسرت الاوضاع وقدمت الحجج والمبررات عن سوئها تجدها غير كافية ، لأن الناشط الثوري أو المقرب من دواوين الحكم في كثير من الأحيان لا يملك إجابات شافية وكاملة عن قرارات تصدرها الحكومة. وعلى سبيل المثال الزيادات المفاجئة في تعرفة الكهرباء قررتها وزارة المالية دون أن تكلف نفسها بتوضيح أسبابها للمواطن.
وقبل أن يفيق منها تفاجأ في زيادات في رسوم استخراج الجواز والبطاقة القومية وترخيص السيارات وغيرها ، في حين أن الحكومة ظلت تمني المواطن بأنها جاءت من أجل رفاهيته وأن السودان بات دولة رعاية لا جباية.
يبدو أن كثير من المسؤولين أدمنوا الاخفاق ومع ذلك يريدون المواصلة في مناصبهم لا يعرفون لأدب الاستقالة (سبيل) ، وحقيقة ما قامت به وزيرة الصحة بولاية النيل الأبيض سارة لافنيا أثلج صدري فعندما وجدت صعوبات وبيئة لا تسمح لها بالأداء الجيد دفعت باستقالتها من المنصب وتحملت المسؤولية بشجاعة ، هذا هو المطلوب وليس البدائل التي تضيف أعباء على المواطن بسبب الفشل والآداء الضعيف.
صحيح أن الشعب السوداني واعي ومدرك لتداعيات ما بعد حكومة الانقاذ (البائدة) التي أوردته موارد الهلاك ، وكذلك موقن تماماً بأن النصر آت ، وعليه (صبر صبُر أيوب)، وما زال مستمسكاً بحكومة الثورة رغم الهموم والآلام والمسغبة ، إلا أنه في المقابل لن يصبر على الغموض وقرارات الإلتفاف التي تباغته وتصعب عليه الحصول على قوت يومه ، وكأنه قطيع يساق بحسب ما تود الحكومة.
وإلا فكيف تتم مثل هذه الزيادات دون أن تقوم الحكومة بابلاغه بالدواعي والأسباب وحتى متى تستمر المعاناة؟. ما يخيف أيضاً أن الحكومة لم تجز الميزانية ونحن في بداية العام الجديد، وكان من المفترض أن تتم الاجازة في ديسمبر ، وهذا في حد ذاته محل تساؤل بل دليل على عدم الجدية ، خاصة وأن الأنباء تشير إلى أن الموازنة ما زالت موازنة حرب في حين أن القوات النظامية تحتفظ بشركاتها دون أن تؤول لوزارة المالية. هذا الغموض كست ظلاله الشارع العريض والذي عندما لا يجد اجابات شافية وتتوالى عليه قرارات الزيادة تباعاً ، سيبحث قطعاً عن حلول وحلول الشوارع لا تخون ، وبالتالي عليكم بالشفافية والوضوح مع الشعب السوداني فهو يريد أن يعرف لماذا إتخذتم هذه القرارات وما هو المستقبل على المدى القريب والبعيد.
صدقوني الخطاب الكلية معممة ولا تجدي والشعب السوداني كله بعد الثورة أصبح واعياً ويعرف حقوقه جيداً لا تدعوه يحس بأنكم تستغفلوه ، لأنه لواقتنع أن بالأمر تضليل أو تغبيش متعمد لن يصمت طويلاً!! .
الجريدة