زهير السراج : غباء أم ماذا ؟!

  • خبر صغير لم يلفت إلا نظر قلة، يدل على عدم المسؤولية الوطنية وإهدار الموارد السودانية وإجهاض فكرة إضافة قيمة نوعية للصادرات السودانية بالتصنيع والاستفادة من المخلفات، ومن المؤسف أن تساهم في هذا الاهدار والإجهاض شركة ضخمة تتبع لمنظومة الدفاعات الصناعية، أنشئت في الاساس لتعزيز القيمة الاضافية للمنتجات السودانية خاصة الزراعية والحيوانية .. دعونا أولا نقرأ الخبر:

  • قالت وزارة قطاع الأعمال العام المصرية إنه تم خلال العام 2020 الانتهاء من تركيب وتشغيل مجزر آلي في منطقة (توشكي) تابع لشركة جنوب الوادي للتنمية التابعة للشركة القابضة للتشييد والتعمير، إحدى شركات وزارة قطاع الأعمال العام.

  • وأوضحت ان مجزر (توشكي) يعد من أكبر المجازر المتطورة في مصر بتكنولوجيا حديثة، حيث يذبح الماشية آليا بشكل نظيف وصحي وآمن، بطاقة تبلغ 45 رأسا في الساعة، وبتكلفة إجمالية 100 مليون جنيه (6 مليون دولار أمريكي).

  • وذكرت الوزارة أن (المجزر يُستغل في ذبح الماشية الواردة من السودان)، بموجب اتفاق وقعته شركة جنوب الوادي مع شركة (الاتجاهات السودانية)، بما يسهم في توفير اللحوم للسوق المحلية والتصدير للخارج، ويتضمن المشروع محجراً يستوعب نحو 25 ألف رأسا ماشية، وثلاجات ضخمة، ومزارع أعلاف على مساحة ألف فدان.

  • ولفتت إلى أن المجزر يسهم في تنمية المنطقة المحيطة وإقامة مشروعات إنتاج زراعي وحيواني، حيث توجد دراسة لإقامة العديد من المشروعات استنادا لوجود أراض زراعية وتربية ماشية (انتهى الخبر).

 

  • لا يهمنا من الخبر إلا الجزء المتعلق بأن المجزر المصري (مخصص لذبح الماشية السودانية، واتفاق شركة جنوب الوادي المصرية مع شركة الاتجاهات المتعددة المحدودة التابعة بتوريد الماشية السودانية لِتذبح في مصر بغرض توفير اللحوم للسوق المحلية المصرية وتصدير الفائض الى الخارج) ــ باعتبارها لحوما مصرية بالطبع ــ وهو ما يعني استفادة مصر من مخلفات الذبح كالجلود والعظام والدم وغيرها ذات القيمة النقدية الكبيرة، وحرمان السودان من القيمة الاضافية للماشية السودانية بذبحها ها داخل البلاد والانتفاع بمخلفاتها، وهو الغرض الرئيسي الذي أنشئت من أجله شركة الاتجاهات المتعددة المحدودة في عام 2008 تحت الرقم 32950 لتطوير وتسويق الصادرات السودانية في مجالي الزراعة والثروة الحيوانية، فكيف تعقد الشركة اتفاقا مع شركة جنوب الوادي المصرية لتوريد اللحوم الحية (الماشية) بدلاً من تصنيعها، خاصة أن تملك مسلخاً كبيراً في منطقة الكدرو (شمال الخرطوم) بطاقة استيعابية كبيرة!

 

  • يضم مسلخ الكدرو مجزرين كبيرين تبلغ طاقتهما الاستيعابية 9000 رأس من الضأن والماعز و1500 رأس من عجول التسمين في الوردية الواحدة، ويعمل بنظام الوردتين، ويمكنه أن يعمل بثلاث ورديات، وهو حاصل على شهادة آيزو لإدارة الجودة (2015 )، وشهادة آيزو لسلامة البيئة (2015 )، وشهادة آيزو لسلامة الغذاء ـ هاسيب (2018 )، كما انه معتمد من عدة دول منها السعودية والامارات والاردن ومصر التي عقدت معها شركة الاتجاهات المتعددة المالكة للمسلخ اتفاقاً لتصدير الماشية السودانية إليها، بدلاً من تصدير اللحوم المذبوحة، لِتذبح بـ(مجزر توشكي) المخصص لذبح الماشية السودانية، وتتولى مصر تسويقها وتصديرها على انها لحوم مصرية، بالإضافة ــ كما أسلفت ــ الى الاستفادة من المخلفات ذات القيمة الإضافية العالية!

  • تعقد الشركة هذا الاتفاق الغريب رغم أن مسلخ الكدرو يقوم بتصدير اللحوم لدول عديدة منها السعودية والامارات والاردن ومصر نفسها، وهو في الطريق للحصول على المواصفة الأوروبية (BRC) التي تتيح له تصدير اللحوم الى اوروبا!

  • نتساءل .. لماذا تقوم الشركة بتصدير الماشية حية الى مصر بدلاً عن اللحوم، رغم أن لديها مسلخ حديث بإمكانيات ضخمة، حاصل على شهادات الجودة الدولية ومعتمد من عدة دول من بينها مصر نفسها، فلماذا ولمصلحة من يفقد السودان حقه في الاستفادة من القيمة الاضافية لماشيته، وإعطاء مصر حق تصدير اللحوم السودانية على أنها لحوم مصرية .. هل هو الغباء أم المصلحة أم ماذا؟!

الجريدة


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.