كيف طالت قرارات لجنة تفكيك نظام البشير المصالح الفلسطينية؟

تعتزم جمعيات خيرية سودانية مراجعة قرارات لجنة تفكيك نظام 30 يونيو/حزيران 1989، مؤكدة أن قرارات حلها طالت أنشطة حقيقية لم تكن واجهات لتمويل الإرهاب أو المعارضة.

وأعلنت لجنة التفكيك هذا الأسبوع حل 131 جمعية خيرية في ولاية جنوب دارفور، واسترداد مشاريع زراعية في ولاية القضارف بمساحة 20 ألف فدان من أفراد ومنظمات، متهمة إياهم بتمويل الإرهاب وأنشطة مناهضة للحكومة الانتقالية.

وتعمل لجان إزالة التمكين في هاتين الولايتين وبقية الولايات على دراسة المزيد من الملفات، لإصدار قرارات مماثلة يتوقع أن توسع رقعة المتضررين.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2019، أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان قرارا بتشكيل لجنة إزالة التمكين، بعد أن صادق مجلس الوزراء على مشروع قانونها الذي يجيز مصادرة ممتلكات وحظر نشاط قيادات نظام الرئيس المعزول عمر البشير.

ويعتبر أنصار النظام السابق أن اللجنة تتبع في عملها نهج التشفي وتصفية الحسابات مع رموزهم، وهو ما تنفيه اللجنة التي تؤكد أنها تعمل وفقا للقانون.

دعم فلسطين

ومن ضمن المشاريع الزراعية التي استردتها لجنة التفكيك وإزالة التمكين في ولاية القضارف، مشروع زراعي على مساحة ألف فدان باسم “أنصار الأقصى” في منطقة سمسم بالرقم “42”.

وشملت قرارات اللجنة -بحسب مقرر لجنة التفكيك الفرعية بالقضارف وجدي خليفة- مشاريع على مساحة 5 آلاف فدان، باسم “مشاريع دولة جيبوتي” بمنطقة سمسم، بالأرقام “5 و12 و18 و116″، قائلا إن هذه المشاريع يذهب ريعها لجيوب أشخاص.

ويدافع الأمين العام لجمعية أنصار الخيرية بولاية القضارف محمد عبد الفضيل السني، عن أنشطة المشروع الذي خصص للجمعية قبل 4 سنوات، قائلا إن أنشطته خيرية ولا علاقة لها بالإرهاب من قريب أو بعيد.

ويؤكد السني للجزيرة نت أن المشروع الزراعي بالقضارف مسجل وقفا خيريا لصالح فلسطين، بالتعاون مع الهلال الأحمر الفلسطيني، معتبرا أن قرار لجنة التفكيك “يضيق واسعا على الطلاب والأيتام الفلسطينيين”.

ويشير السني إلى أن “أنصار الخيرية” جمعية اتحادية ولديها فرع بالقضارف، وتعمل على دعم القضية الفلسطينية عبر تقديم الرعاية والمساندة للطلاب والأيتام الفلسطينيين في السودان وفي غزة والضفة الغربية.

مناهضة القرار

ويقول السني إن جمعية أنصار تقوم بعمل خيري مدني لصالح العائلات الفلسطينية التي وفدت إلى السودان عبر استنفار الخيّرين السودانيين والتنسيق بينهم وبين الأسر الفلسطينية الرقيقة الحال، فضلا عن المساهمة في كسوة الشتاء ورعاية المسجد الأقصى وإنارته ودعم الكتاتيب.

ويشير إلى أن الجمعية ستراجع قرار لجنة إزالة التمكين حتى لا يتوقف دعم السودانيين للقضية الفلسطينية.

ويؤكد أن المشروع الزراعي البالغة مساحته ألف فدان ليس في موقع مميز، إذ تعاني منطقة المشروع من انخفاض القيمة، موضحا أن المنطقة وعرة وتعاني من تردي التربة، مما يجعلها عرضة للغمر بمياه الأمطار فضلا عن تفشي نبتة “التباز”، وهي آفة إزالتها مكلفة.

ويضيف أن بعض المشاريع الزراعية في المناطق المميزة تبلغ قيمتها الإيجارية السنوية نحو مليوني جنيه، أي ما يعادل حوالي 6600 دولار، بينما تؤجر الجمعية المشروع بحوالي 300 إلى 500 ألف جنيه “نحو 1000 إلى 1600 دولار”، مع إرسال المبلغ للمكتب الاتحادي في الخرطوم عبر عمل محاسبي يراعي الشفافية.

مصادرة دور

ومنذ صدور قرارات لجنة التفكيك، نشط اتحاد حفظة القرآن الكريم بولاية القضارف في حملة للتراجع عن قرار مصادرة مقر الاتحاد الواقع في حي الدناقلة بالقضارف، والمقيّم بحوالي 15 مليون جنيه (50 ألف دولار).

وطبقا لأمين اتحاد حفظة القرآن الشيخ محمد أحمد، فإن الاتحاد تحرك على الفور والتقى قادة الأحزاب والكيانات الدينية بالقضارف، ليطلعهم على “خطأ القرار”، إلى جانب طلبهم لقاء والي الولاية.

ويرتب الاتحاد الذي تأسس عام 2000، لمسيرة تندد بقرار مصادرة دار الحفظة وصيرورتها لوزارة المالية.

ويشدد الشيخ محمد أحمد على أن الاتحاد ليست له علاقة بحزب المؤتمر الوطني المحلول، بل يضم جميع التيارات الدينية بما فيها الصوفية والسلفية.

ويقول إن الحزب طلب منهم سابقا الانضمام إليه مقابل أمانة لحفظة القرآن في حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، وتخصيص ميزانية وسيارة للاتحاد، وهو ما رفضه الاتحاد مراعاة لتعدد الفئات التي يضمها.

ويقر بأن المؤتمر الوطني آثر أن يحتفظ بعلاقة جيدة مع اتحاد حفظة القرآن الكريم، عبر دعمه بآليات أخرى مثل ديوان الزكاة.

خدمات الحفظة

ويقول أمين اتحاد الحفظة إن لجنة التفكيك الفرعية بالقضارف نفذت قرار مصادرة مقرهم قبل إعلانه بمعية اللجنة الاتحادية في الخرطوم، حيث وصلت فرق وعمدت إلى كسر أقفال المقر وأخذت الكثير من الموجودات.

ويشير محمد أحمد إلى أن الاتحاد تمكن خلال عمله من تنظيم مسابقات في الخلاوي (الكتاتيب) ودورات علمية للحفظة بالتنسيق مع المنظمات الدعوية وجامعة القرآن الكريم للعلوم الإسلامية.

ويتابع “جراء ذلك أمكن منح الحفظة إجازة شهادة حفظ القرآن التي أصدر الرئيس المعزول قرارا قيّمها بالدرجة التاسعة وعيّن بها مشايخ، وهو ما يأخذه البعض على الاتحاد، رغم أن ذلك كان نشاطا دعويا وقدم خدمات الدراسات العليا للحفظة”.

ويقول سعيد الحاج -وهو إمام مسجد بالقضارف- إنه قبل بضعة أعوام تمكن عبر اتحاد الحفظة من نيل تمويل بنكي بـ50 ألف جنيه، استعان بها على وضعه المعيشي.

وهاجم أهالٍ غاضبون اليوم الأربعاء مقر لجنة التفكيك الفرعية بالقضارف، وكتبوا على جدرانه شعارات تندد بها، احتجاجا على مصادرة 27 ألف فدان من الأراضي الزراعية تدّعي قبيلة الشكرية تملكها في سهل البطانة.

وشملت المصادرات أراضي زراعية خصصت لرموز من النظام السابق، مثل الوالي الأسبق بولايتي القضارف والخرطوم عبد الرحمن الخضر، والقيادي بالمؤتمر الوطني إبراهيم محمود حامد، والوالي السابق بأكثر من ولاية عبد الحميد كاشا.

جمعيات صورية

وفي ولاية جنوب دارفور، كان لافتا العدد الكبير للجمعيات والمنظمات الخيرية التي تم حلها وتحويل أصولها لوزارة المالية.

لكن مسؤولين في اللجنة الفرعية للتفكيك قالوا للجزيرة نت إن غالب هذه الجمعيات لا يوجد لديها مقار أو لافتات على الأرض، وإن هذه الجمعيات كانت تتلقى تمويلا في حسابات بنكية غالبا ما تستغل في أنشطة مناهضة ومعارضة للحكومة الانتقالية.

وأبدى المسؤولون الذين فضلوا حجب أسمائهم، استغرابهم من العدد الكبير لهذه الجمعيات، وهي في الغالب غير نشطة في الواقع وفي المجال الخيري الذي سجلت فيه.

وقال والي ولاية جنوب دارفور موسى مهدي -رئيس اللجنة الفرعية- إن اللجنة أخذت وقتها في التدقيق والتمحيص انتهاجا للعدل وتحاشيا للظلم.

وأفاد في مؤتمر صحفي للجنة التفكيك الفرعية بجنوب دارفور -مساء الثلاثاء- إن اللجنة ابتعدت عن التشفي وتصفية الحسابات، مشيرا إلى أن بعضا من الذين طالتهم قرارات المصادرة والحل زملاء دراسة وأبناء عمومة، لكن العمل يتطلب البعد عن المجاملة، بحسب قوله.

المصدر : الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.