تعويم الجنيه السوداني تم فعلياً ولن يجدي في معالجة الخلل الاقتصادي!!!

أدمنت هذه الحكومة “المعزولة” عن الجماهير والبعيدة عن نبض الشارع اُسلوب الخداع والتضليل حتي اصبح السلوك السائد لها في التعامل مع ابسط الأشياء وهذا السلوك في الخداع والمراوغة يعكس تماما ابتعاد هذه الحكومة عن نبض الشارع وابتعادها عن الثورة وعدم ارتباطها بأهدافها٠وأثبت الأيام والشهور الماضية من عمر الثورة حقيقة الفشل الذريع في معظم الملفات لاسيما ملف الاقتصاد ومعاش الناس.
وبرز هذا الفشل في وضع وتنفيذ ميزانية العام الاول للثورة 2020 والتي كانت ميزانية كارثية بكل المقاييس ويتكررهذا الفشل الان في ميزانية هذا العام والتي لاتبشر بخير ابدا ومضت في نفس خط ميزانية العام الماضي والتي تستند تماما علي التطبيق الكامل لروشتة صندوق النقد الدولي وستكون ميزانية العام 2021 مجرد إكمال لما تبقي من بنود روشتة صندوق النقد الدولي خاصة التطبيق الكامل لتحرير سعر صرف الجنيه او تعويم الجنيه السوداني وبالتالي استمرار معاناة الشعب السوداني الذي عاني الكثير من اخفاقات الحكومة وفشلها المتكرر.
الكل يعلم الان ابتعاد هذه الحكومة عن تحقيق أهداف الثورة في جميع المجالات والتزامها بتنفيذ اجندة خفية لخدمة مصالح الطفيلية المتأسلمة وفلول النظام الكيزاني وفق صفقة يعلمها القاصي والداني الا وهي صفقة “الهبوط الناعم” وكذلك تعمل هذه الحكومة لخدمة مصالح محاور دولية واقليمية بشكل واضح للجميع.
الكل يعلم الان ان الحكومة تتعامل وبشكل غير معلن مع السوق الأسود اسم الدلع ” السوق الموازي” وظهر ذلك جليا في الاتي:

اولا/ محاولة الحكومة تجميع المبالغ المطلوبة للتعويضات الامريكية وهي عبارة عن مبلغ 335 مليون دولار وقامت الحكومة بشراء كميات كبيرة من الذهب وتصديره مما ادي لأرتفاع سعر الدولار وصرح بذلك “حميدتي” متهما الحكومة برفع سعر الدولار بسبب هذه العملية.
ثانيا/ سمحت الحكومة للقطاع الخاص الطفيلي أستيراد وتصديرالسلع الاستراتيجية عن طريق السعر الحر للدولار مما يعد تقنين واعتراف رسمي بسعر السوق الأسود في تعاملات الحكومة وهذا يعني بالضرورة تعويم الجنيه او التحرير الكامل لسعر الصرف بصورة خفيه.
ثالثا/ تتعامل محفظة السلع الاستراتجية والتي تتكون من مجموعة من الشركات والبنوك التجارية والإسلامية الطفيلية والتي سمح لها بأستراد السلع الاستراتجية خاصة الوقود وتصدير الذهب والمحاصيل الهامة علي ان يتم التعامل في كل هذه العمليات بسعر الدولار في السوق الموازي اَي تقنين رسمي لعملية تعويم سعر الصرف.
رابعا/ أعلنت الحكومة التحرير الكامل لأسعار الوقود وتسعير المحروقات حسب السعر العالمي اَي التعامل بسعر السوق الموازي للدولار حتي البترول المنتج محليا وهو مايعادل نسبة ال 75% من الاستهلاك المحلي وتقوم الحكومة ببيع المحروقات للمواطن بسعر الدولار في السوق الموازي وحققت الحكومة من هذه العملية أرباح خرافية علي حساب المواطن المغلوب علي امره٠
خامسا/ الآن تعلن الحكومة عن إجراءات لتشجيع جذب تحويلات المغتربين وشراء الدولار منهم عن طريق البنوك التجارية بسعر المستوردين والمصدرين اَي بسعر السوق الموازي وهذا يعني التعويم بعينه٠

بدأ التحايل والاستهبال علي المواطن منذ استلام هذه الحكومة مقاليد الحكم واتضح تماما ان هناك ضبابية وعدم وضوح في الرؤية خاصة في البرنامج الاقتصادي وكان ذلك اكثر وضوحا في تناقض التصريحات بين المسؤولين٠
ففي قضية رفع الدعم مثلا صرح رئيس الوزراء عبدالله حمدوك أنه “لن يتم رفع الدعم عن السلع الاساسية دون موافقة الشعب” وفِي نفس الوقت تجد تصريحات وزير المالية والذي أعلنها داويه قبل أدائه القسم “أن دعم السلع الاساسية يعد اكبر التشوهات في الاقتصاد السوداني” رغم انه لاحقا حاول ان يتحايل ويعلن ان رفع الدعم او “ترشيد الدعم” كما يحلو له ان يسميه سيتم تدريجيا وسيكون مطبقا علي البنزين فقط ولن يشمل الجازولين والخبز والكهرباء ثم تراجع عن ذلك لاحقاً.

وكذلك قام وزير المالية السابق بنقص الاتفاق الذي تم بينه وبين اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير القاضي بتأجيل قضية رفع الدعم علي ان تناقش في المؤتمر الاقتصادي واتضح لاحقا اُسلوب الخداع والتضليل من رئيس الوزراء نفسه والذي علي مايبدو انه كان علي اتفاق تام مع وزير المالية ولكنه كان يتظاهر وكأنه ضد رفع الدعم ومع جماهير الثورة وعلى مايبدو انه كان يتحدث بلسانين لسان حاله للاستهلاك المحلي ومخاطبة جماهير الثورة ولسان وزير ماليته البدوي لمخاطبة منظمات التمويل الدولية خاصة صندوق النقد الدولي.

ولَم تكن وزيرة المالية المكلفة هبة محمد علي أحسن حالا في التنكر لمطالب الجماهير والالتزام بالتطبيق الحرفي لروشتة الصندوق فأكملت ما بدأه البدوي وتنكرت لأتفاقها مع اللجنة الاقتصادية أن لا تتضمن الميزانية المعدلة رفع الدعم عن السلع الاساسية ورغم توصيات المؤتمر الاقتصادي الذي أكد على عدم رفع الدعم دون ان يسبق ذلك إجراءات اقتصادية شاملة تهدف إلى إصلاحات في الهيكل الاقتصادي والتحكم في التضخم وإجراء إصلاحات أساسية في سعر الصرف ولكنها لم تضع أدنى اعتبار لكل ذلك وكان جل همها التجهيز لمؤتمر المانحين وتأكيد التزامهم بتنفيذ خطة صندوق النقد الدولي٠

ما هو التعويم وماالهدف منه؟؟

تعويم العملة يعني ببساطة أن يحدد السوق وقوى العرض والطلب
سعر صرف العملة الحرة بدلا من البنك المركزي.

هناك نوعان من انواع التعويم

التعويم الحر او المطلق: تحديد سعر الصرف يتم بصورة تامة وفق آلية العرض والطلب وقوى السوق مع عدم تدخل البنك المركزي الا في حالات خاصة وتحت ظروف معينة استثنائية. يوجد هذا النوع من التعويم في بعض البلدان المتقدمة كالولايات المتحدة وأوروبا وكندا واليابان٠

التعويم المُدار: الأكثر شيوعا في العالم وهنا نجد ان سعر الصرف يتحدد وفق آلية العرض والطلب وقوى السوق ولكن يتدخل البنك المركزي لتوجيه سعر الصرف في اتجاهات مستهدفة عند الحاجة كاستجابة لبعض المؤشرات الاقتصادية لتحقيق أهداف السياسة النقدية المعلنة٠
نظام سعر الصّرف العائم لا يعني بالضرورة عدم تدخّل الدولة مطلقا في سياسة سعر الصرف في الواقع نجد ان معظم البنوك المركزيّة تتدخل في تحديد سعر الصرف الذي يمكنها تحسين أداء الميزان التجاري.
والغرض من تعويم العملة بصفة عامة هو التخلص من تعدد أسعار الصرف والتخلص من السوق الموازي وكذلك جذب تحويلات المغتربين وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر.

أسباب تعويم العملة!!!

الأساس النظري لسياسة التعويم يستند على المدرسة النقدية لميلتون فريدمان والمدرسة الكلاسيكية وجوهر هذه المدرسة ان حرية جميع الأسواق كفيلة باعادة التوازن وفق الأسعار الحقيقية ويشمل ذلك تحرير جميع الأسعار -أسعار السلع والخدمات، أسعار الفائدة، أسعار العمل (الأجور)، أسعار النقد الأجنبي (أسعار الصرف).
والافتراض الأساسي للنظرية النيوالكلاسيكية مبدأ كفاءة الأسواق وحرية الحركة الكاملة لرأس المال والعمالة والسلع ووفق هذا الافتراض أن التعويم سيؤدي إلى انخفاض قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأخرى وبالتالي إلى تعزيز القوة التنافسية وهذا سيؤدي الي زيادة الصادرات والحد من الواردات ويقلل من عجز الميزان التجاري ويعود إلى حالة التوازن. والمنطق نفسه يعمل في اتجاه عكسي في حال وجود فائض تجاري إضافة لأسباب أخرى تبرر التعويم كجذب الاستثمارات الاجنبية وجذب تحويلات المغتربين.

الراكوبة

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.