محاكمة مدبري انقلاب 30 يونيو 1989 .. تفاصيل مثيرة
يبدو أن المفاجآت ستكون هي السمة الأبرز عند انعقاد اي جلسة لمحاكمة مدبري انقلاب 30 يونيو 1989م المتهم فيها الرئيس المعزول عمر البشير و(27) من قيادات الحكومة البائدة ، لاسيما وان جلسة الأمس حملت في طياتها العديد من المفاجآت الصاعقة وغير المتوقعة لان الأجواء بقاعة المحاكمة بدأت هادئة وهيأ طرفا الدعوى انفسهم بتسجيل حضورهم بمحضر المحاكمة ال ان هيئة المحكمة فاجأت الجميع بقرارها بحرمان ذوي المتهمين من حضور جلسات المحاكمة لهتافاتهم المتكررة رغم تحذيرها لهم في جلسات سابقة ، اضافة الى تأكيد ذات المحكمة تلقيها إفادات طبية توضح اصابة المتهم الثاني القيادي الإسلامي د.نافع علي نافع ، بكورونا ، مما جعل المحكمة توقف جلساتها لأسبوعين كتدبير احترازي على ان تعاود جلساتها في التاسع من مارس المقبل .
منع من الحضور
وأصدرت هيئة المحكمة يوم أمس ، قراراً بمنع وحرمان ذوي المتهمين في القضية من حضور جلساتها، ونبهت الى أنها ستقتصر الحضور لجلسات المحاكمة على المتهمين فقط وهم الرئيس المعزول عمر البشير، و(٢٧) من قيادات النظام البائد، الى جانب حضور محامي الدفاع عن المتهمين وهيئة الاتهام في القضية.
وبررت المحكمة منع ذوي المتهمين من الحضور لجلسات المحاكمة المنعقدة بمعهد تدريب ضباط الشرطة بمقر الأدلة الجنائية الخرطوم، لتكرارهم المستمر للهتافات والتكبير والتهليل داخل قاعة المحاكمة رغم تحذير القاضي لهم في الجلسة الماضية منها، الا أنهم لم يلتزموا بتحذيراته مكررين ذات الهتافات بجلسة الأمس.
تدبير احترازي
في ذات السياق قررت ذات المحكمة رفع جلسات المحاكمة لأسبوعين كتدبير وقائي احترازي وصحي بعد إصابة المتهم الثاني القيادي الاسلامي البارز د. نافع علي نافع ، بكورونا وإحالته للاستشفاء بمشفى رويال كير لتلقي العلاج والرعاية الصحية لحين شفائه من الجائحة.
وأكدت هيئة المحكمة استلامها لتقارير طبية من المستشفى توضح إصابة المتهم الثاني نافع، بـ(كورونا).
قرار خاطئ
ووصف عضو هيئة الدفاع عن المتهمين المحامي هاشم ابوبكر الجعلي قرار منع ذوي المتهمين من حضور جلسات المحاكمة قرار لا يؤسس على الواقع لان القاضي لم يتسبب أصلا ولم يجر تحقيقا حول من الذي هتف ومن لم يهتف ، منوها الى ان رئيس هيئة المحكمة جاء بقراره من خارج قاعة المحكمة من غير بينة أو دليل الامر الذي اعتبره الجعلي بالخاطئ ويوضح منهج المحكمة في اتخاذ قراراتها ،مشددا على انه شيء خطير في قراراتها ، مؤكدا بانهم سوف يواصلون الهتافات تكبيرا وتهليلاً ولن يطعنوا في قرار المحكمة بمنع ذوي المتهمين من حضور الجلسات.
تصعيد
من جانبه وصف المحامي كمال عمر ، قرار المحكمة بحرمان ذوي المتهمين من حضور الجلسات بالغريب وليس له علاقة بالقانون ، موضحا بان القاضي لديه سلطات داخل جلسات المحاكمة وفي حال إخلال اي شخص بضوابط جلسات المحكمة فانه يقرر حولها فقط ، مشددا على انهم في الدفاع لن يقبلوا بقرار المحكمة وسوف يقاومون قرارها بمزيد من الحشد والتصعيد السياسي والقانوني ، لافتا الى ان بقاءهم بقاعة المحاكمة مرهون بسير الإجراءات في حضور ذوي المتهمين الذين من حقهم وجودهم بالجلسات باعتبارها من شروط المحاكمة العادلة ، لافتا الى ان المحكمة وبقرارها تعتبر انه تسير في إجراءات تعسفية متعلقة بالمحاكمة .
(شوف العدالة)
من جانبه ندد شقيق المعزول علي حسن احمد البشير ، في تصريحات مقتضبة بقرار المحكمة بمنعهم من حضور جلسات ذويهم ، مشددا على ضرورة حضور ذوي المتهمين لجلسات المحاكمة حتى يروا العدالة تتحقق أمامهم ، وأضاف بقوله : ( الناس لازم تشوف العدالة ويروها قدامهم ويتأكدوا منها بانها إجراءات سليمة وصحيحة ) بحد قوله ، منبهاً الى ان تلك القرارات ستجد المقاومة من ذوي المتهمين وسوف سيحضرون الى المحكمة ويحتجون على قرار حرمانهم من حضور جلسات المحاكمة .
إجراءات بعيدة عن القانون
في المقابل قال شقيق النائب الأسبق للرئيس المعزول المستشار القانوني بوزارة العدل السابق خالد عثمان محمد طه ، بان جلسة الامس كانت سريعة وقصيرة واتخذ خلالها قاضي المحكمة فيها إجراءات بعيدة عن القانون لاسيما وان القاضي حضر الى قاعة المحكمة وقال ان هناك أشخاصا (هتفوا) ،منبها الى ان الهتاف لهؤلاء الأشخاص كانت قبل دخول قاضي المحكمة للقاعة ، وتساءل بقوله كيف علم بهتاف هؤلاء الأشخاص ؟ وتساءل بقوله ايضاً هل يجوز للقاضي ان يحكم بما يسمع ؟ ، مشددا على ان حضور ذوي المتهمين للجلسات هو حق لهم لان القضية قضية رأي عام وهي جلسة أقرب للجلسات السياسية من انها جلسات قانونية ، موضحا بان القاضي كان غير موفق في قراره بحرمان اسر المتهمين من حضور الجلسات واعتبره مجافيا للعدالة وكل الحقوق التي يتمتع بها دولياً ودستورياً .
نكبر ونهلل للأبطال
من جهته قال عضو هيئة الدفاع عن المتهمين المحامي محمد الحسن الأمين ، بان قرار منع ذوي المتهمين من حضور جلسات المحاكمة هو قرار غير سليم ، موضحاً بان القاضي له الحق وفقا للمادة (138) من قانون الإجراءات الجنائية بضبط جلسة المحكمة وفي حال أخل اي شخص بالنظام يوجه بإخراجه من قاعة المحكمة ، منوهاً الي انه وبعد انقضاء وانتهاء الجلسة تتحول المسألة الى استتباب الأمن العادي الا في حال حدوث فوضا وتخريب ، وإنما الهتافات والتعبير عن الرأي فهو امر عادي وطبيعي يحدث في كل الدنيا لاسيما وان القضية سياسية ويواجه الاتهام فيها رئيس سابق للبلاد ونوابه ،
منوهاً الى ان الهتافات التي أصدر القاضي بموجبها قرارات بمنع ذوي المتهمين من حضور جلسات المحاكمة لم تصدر من الحضور وانما صدرت منهم كمحامين لأنهم يعتقدون ان المتهمين أبطال كانوا يقودون البلاد في ظروف صعبة لمدة (30)عاماً وحققوا الكثير من الإنجازات ،معتبراً أن محاكمتهم جريمة حسب وجهة نظرهم ، مشيرا الى انهم كإسلاميين يكبرون ويهللون لرفع الروح المعنوية للمتهمين فهو امر طبيعي وعلى المحكمة أن يتسع صدرها لما لا يعينها لا سيما وانهم وفور وجود قضاة المحكمة داخل قاعة المحكمة ينضبطون بعدم التحدث ويلتزمون بعدم التحرك بحد تعبيره ،
مشيراً الى انه وفور إعلان حاجب المحكمة بانتهاء الجلسة ومغادرة قضاة المحكمة لقاعة المحاكمة فانه لا يحق للقاضي ان يسيطر على ما بعد انتهاء الجلسة وتساءل قائلاً : هل سيكون حد القاضي لضبط المحاكمة حتى في الشارع ؟ لافتا الى ان هذه الهتافات أزاحت حكومة بحالها وأتت بأخرى ، لافتاً الى انه لا ضير من التعبير بالهتافات عسى ولعل أن يأتي بتغيير آخر ، لافتاً الى أن الرئيس الأسبق للبلاد الراحل عبود كان له شعاران اولهما (أحكموا علينا بأعمالنا) وأن شعاره الثاني وكان يكتب كبيراً على الكباري (الحرية لنا ولسوانا) ،
وأشار الحسن ، الى ان شعار الحرية تطبقه الحكومة الحالية لنفسها فقط وترفضها لسواهم ، مشدداً على انهم سوف يواصلون التكبير ولكن ليس اثناء انعقاد الجلسات بقاعة المحاكمة – لاسيما وأنهم محامون يحترمون القضاء ، اضافة الى ان القانون جاء واضحاً بان مسئولية ضبط قاعة المحكمة تكون للقاضي فور انطلاق جلسات المحكمة وحتى انتهائها ، مبيناً بانه وفور انتهاء الجلسة يتحول حق مسئولية ضبط قاعة المحاكمة للشرطة .
التزام بالتوجيهات
من جهته أفاد احد الحاضرين لجلسات المحاكمة وأفاد بانه يدعي (العمدة احمد ابراهيم ) بانهم لم يكبروا ويهللوا في جلسة الأمس التزاما منهم بقرار المحكمة في الجلسة السابقة بعدم إطلاق الهتافات بالتكبير والتهليل خلال انعقاد المحاكمة ، لافتاً الى ان ذوي المتهمين اتفقوا قبل دخول الجلسة بعدم إصدار أي أصوات أثناء انعقاد الجلسة .
المصدر : الانتباهة