الضرائب الجديدة على المصانع.. من يعيق الإنتاج؟

تفاجأ القطاع الصناعي في البلاد عقب إجازة موازنة عام 2021م في يناير، باستحداث رسم جديد أطلقت عليه وزارة المالية ضريبة رسوم الإنتاج، الأمر الذي رفضه القطاع ممثلاً في اللجنة التسييرية لاتحاد الغرف الصناعية، لجهة أن تنفيذ ضريبة الإنتاج يؤدي لارتفاع حاد في أسعار السلع وفي مقدمتها المواد الغذائية والصابون، وفي مؤتمر صحفي أمس بمقر اللجنة بشأن الرسوم الضريبية التي فرضت على القطاع الصناعي وتوقف المصانع والإنتاج، قالت انها تتعرض لضغوط كبيرة من قواعدها للدخول في إضراب بسبب فرض ضريبة رسم الإنتاج على المصانع قبل شهرين، في وقت اعلنت فيه اللجنة رفضها التام للرسوم، وناشدت رئاسة مجلس الوزراء ووزارة المالية تجميدها.

ووصف الأمين العام للجنة أشرف صلاح الدين قرار فرض الضريبة بالمجحف بحق الاقتصاد والصناعة، لافتاً في مؤتمر صحفي امس الى أنهم فوجئوا في مطلع فبراير الماضي باستحداث ضريبة رسوم الإنتاج في موازنة العام الحالي للعديد من السلع المهمة والحيوية وذات الأثر الكبير، مشيراً الى دخولهم في مساعٍ مع الحكومة لإلغاء الضريبة، مؤكداً أن الأبواب كانت مفتوحه لهم لمقابلة المسؤولين بما فيهم رئيس مجلس الوزراء طوال الشهرين الماضيين، الا أن الناتج من تلك المساعي على أرض الواقع صفر كبير، وعزا رفضهم للضربية لعدة أسباب تم تقديمها في مذكرات للجهات المختصة في المالية والجمارك وستة وزراء، الا أنهم لم يولوا الأمر الاهتمام الكافي، وأوضح ان هنالك أسباباً عديدة لرفض الضريبة، منها أنها ترفع تكلفة الإنتاج بنسبة 20%، بجانب زيادة أسعار السلع مما يعرض المصنع والمنتج للضرر نتيجة للركود في الأسواق، فضلاً عن تضرر المواطن من ارتفاع سلعة مهمة تعتمد بشكل أساسي على البلاستيك الذي تشمله الضريبة، وشكا من الآلية التي تم بها تنفيذ القرار، وقال إن المصانع تحولت لحظيرة جمركية تقع فيها جميع مدخلات الإنتاج تحت الرقابة والإشراف من قبل السلطات الجمركية، وكذلك السلع التي تخرج من المصنع، إضافة الى تعرض صاحب المصنع لمضايقات مما يؤثر في انسياب السلع للأسواق, واعتبر رسوم الإنتاج غير قانونية لجهة وجود ضريبة القيمة المضافة في الاصل، مما يعني أن ضريبة رسوم الإنتاج تعود الى نفس المسمى، وتساءل قائلاً: (من الذي يأتي للاستثمار في ظل هذه الظروف؟) وأضاف قائلاً: (رسم مجحف وطريقة تحصيله مجحفة)، جازماً بأن عدم استفادة الدولة منه لارتفاع تكاليف تحصيله، مبيناً ان الضريبة تزامنت مع زيادة ضخمة في الكهرباء وصلت الى 400%، وزيادة في الرسوم والجبايات والولائية ثلاثة أضعاف معدلات التضخم خلال العامين الماضيين بواقع 1000%.

وقال صلاح الدين إنهم استنفذوا جميع السبل لإزالة العبء على الصناعة المحلية التي تتعرض لضغوط كبيرة، وأضاف قائلاً: (نحاول كبح جماح طلب المنادين بالإعلان عن الإضراب أو التوقف عن العمل)، مؤكداً أنهم وصلوا للمرحلة الحرجة حالياً، الا انه عاد وأشار الى عدم لجوئهم للتوقف والإضراب، لجهة أن هنالك مصانع توقفت عن العمل بسبب الضريبة طواعياً او إجباراً، ومصانع أخرى في الطريق تلوح بالتوقف، واستعجل الجهات المختصة في مجلس الوزراء والمالية اتخاذ قرارات واضحة تفادياً لتعقيدات توقف المصانع التي لا تكون في صالح أحد، لافتاً الى انهم عندما اجتمعوا بوزير الصناعة السابق مدني عباس اكد لهم عدم علمه بمبررات الضريبة، ونادى بضرورة استبدال الرسوم والضرائب على القطاع بصيغة أخرى، معلناً عن وجود دولة عميقة تقف ضد توجه الدولة في دعم المواطن والإصلاح الاقتصادي وإزالة التشوهات، وكشف ان تبرير وزارة المالية لفرض الضريبة بغرض سد العجز في موازنة 2021م بجانب إضافة (47) رسماً على القطاع، وقال: (الغاية لا تبرر الوسيلة)، وأقر بأن العملية الصناعية تواجه معيقات كثيرة مربوطة بالاقتصاد الكلي، وشكا من عدم حماية الصناعة المحلية، معلناً عن شروعهم في مساعٍ لتخفيف الرسوم على القطاع، وقال: (هنالك ضغط كبير من القواعد على الإضراب الذي لم يحدث في تاريج البلاد، ولا نريد هزيمة البلاد)، وتوقع ندرةً وشحاً وارتفاعاً في أسعار السلع بالأسواق بمعدلات عالية.

صك عبودية
فيما اعتبر نائب الأمين العام للجنة التسييرية مرتضى الإمام قانون ضريبة الإنتاج صك عبودية، لجهة أنه منح الحق كاملاً لضابط الجمارك، لافتاً الى وجود مواد عديدة بالقانون مكبلة للإنتاج والصناعة، في ظل التغيير الذي تشهده البلاد والانفتاح على الاستثمار العالمي وجذبه، وكشف عن أنه يجوز للضابط كل شيء ما عدا القتل لتحقيق الضريبة، ونوه بأن القانون لم يترك شيئاً الا وذكره في الإحكام على المصانع، إضافة الى منح الضابط الحق في تفتيش صاحب المصنع عند خروجه، بجانب الحق للضابط في الحصول على الأجر الإضافي من صاحب المصنع الذي يصل أحياناً الى (100) مليون في الشهر، وذكر ان القانون حدد مسارات عبور للعربات، ويمكن للضابط مقاضاة صاحب المصنع في حال خرجت عنها، بجانب حق المصادرة والاعتقال والسجن والمصالحة، وأشار الى أن القانون أخلى مسؤولية الضابط في حال حدوث تلف في البضاعة في حال تم القبض عليها بسبب مخالفة، بجانب إعطائه ثمانية اشتباهات ظنية، وشدد على أهمية إلغائه لجهة انه لا يتناسب مع المرحلة التي تقبل عليها البلاد في ظل التغيير، وقطع بعدم وجود بلاد تنهض بدون صناعة، مشيراً الى أنهم مجبرون على التوقف لتآكل رأس المال، وقال إن الضرائب تفرض بنظرة إيرادية وبطريقة مذلة ومحجفة، وشكا من عدم العدالة في فرض الرسوم علي الإنتاج المحلي على حساب المستورد، وقال: (نعاني من ازدواجية التشريعات والرسوم في مسميات مختلفة وتقديرات غير منطقية), واوضح ان رسوم الإنتاج فرضت على (12) سلعة منها (البلاط، السراميك، الرخام، البوهيات، الأجهزة الإلكترونية، أجهزة تصفية الذهب، الأثاثات، زيوت السيارات، البلاستيك)، وكشف عن اتجاه لتطبيقها علي الأحذية والزيوت.

موروث
وفي ذات السياق وصف رئيس الغرفة الصناعية بالخرطوم قانون رسوم الإنتاج بأنه استعبادي وموروث من النظام البائد، معلناً رفضه له جملة وتفصيلاً، وقال إن المصانع ستتوقف (غصباً عننا)، لافتاً الى أن العقلية الجباية غير مبتكرة وهي منذ زمن (الكيزان)، وزاد قائلاً: (مازالت الدولة العميقة تهزم الصناعة والصناعيين) ،وكشف عن وجود 370 مصنعاً للبلاستيك بها 15 الف عامل معظمهم من الفاقد التربوي، وأكد أن البلاستيك عصب الصناعات.

ومن جانبه ابان رئيس غرفة البلاستيك والمواد الكيميائية علي عثمان كمبال أن رسوم الإنتاج خلقت مشكلات داخلية بالمصنع متمثلة في تقييد الحريات، حيث منح الضابط بان تكون بحوزته مفاتيح مخزن الإنتاج والمواد الخام، مما ادى بدوره الى تأخر الإنتاج، فضلاً عن أنه غير ملتزم بالحضور ويقع على عاتقه الإشراف على 6 مصانع، مما ساهم في عدم انسياب السلعة للمستهلك، مؤكداً عدم وجود مانع لدعم الدولة والتنمية، الا ان ضريبة رسوم الإنتاج مرفوضة رفضاً تاماً.

المصدر: الانتباهة أون لاين

Exit mobile version