كيف يمكننا تهيئة البيئة التعليمية للطلبة؟

يُعد التعليم مفهوماً واسعاً يفوق الجدران الأربعة للفصول الدراسية، فالهدف الأساسي للتعليم هو تعزيز التنمية الشاملة للطالب، هذا يقودنا إلى تفعيل الأنشطة الصفية واللاصفية في تهيئة الطلاب، فالأنشطة الصفية هي التي تتم داخل الصفوف الدراسية، بينما اللاصفية هي التي تكون خارج حجرة الدراسة ما إن كانت بفناء المدرسة وممراتها أو تنافس خارج المدرسة في شكل أنشطة إجتماعية تنافسية ومناظرات مع مدارس أخرى.

تُعتبر الأنشطة اللاصفية حيوية لأنها على الرغم من أنها ليست جزءاً من المناهج الدراسية الأساسية، إلا أنها تلعب دوراً بالغ الأهمية في منح الطلاب والطالبات القدرة على تشكيل حياتهم ليصبحوا أشخاصاً مستقلين، فالهدف من الأنشطة اللاصفية هو غرس روح رياضية وروح تنافسية وقيادة ودقة وتعاون وروح الفريق. فالدافع الخفي وراء كل هذا هو تطوير الثقة بالنفس وتعلم الثقة في الفريق، أظهرت الدراسات أن الطلاب الذين يمارسون الأنشطة المختلفة ويتابعون هواياتهم يحققون نتائجاً أفضل في دراستهم، حيث يتعلمون كيفية موازنة أنشطتهم مع المناهج الدراسية، وبعد البحث عن تأثير الأنشطة الطلابية في المدارس على الطلاب.

وُجِد أن الطلاب الذين يشاركون في هذه الأنشطة يظهرون نتائج دراسية أعلى وعلاقات أقوى في المدارس، كما يشعر الطلاب أيضاً بالانتماء إلى المدرسة ولديهم تقدير أعلى من خلال المشاركة في أنشطة منظمة مثل الرسم والرياضة والفنون الأدائية وغيرها، وعبرها يتم تحفيز الطلاب، فأصبحت البيئة التعليمية جلَ اهتمام التربويين.

وكيفية تهيئتها لتحقيق الأهداف التعليمية في عدة مجالات تخدم المجتمع المدرسي كاملاً، ولابد أن يقوم المجتمع المدرسي بتوفير بيئة تعليمية تربوية ذات قيم ومباديء وممارسات إيجابية تُشكِل ثقافة مدرسية جديدة، ونقصد بالبيئة التعليمية الإيجابية هي التي تحتوي على منظومة من القيم والعادات والتقاليد والممارسات الإيجابية من قبل أعضاء المجتمع المدرسي.

حيث لا تقتصر البيئة التعليمية على عملية التعليم فقط، بل إنها تراعي العملية التربوية وتخدم بيئة الطالب وبيئة التعليم والتعلم والبيئة الصحية والآمنة.

أشارت الدراسات الحديثة بأن البيئة التعليمية توفر فرصاً قيادية للطالب من خلال الأنشطة الصفية واللاصفية التي تنبع من رؤية مشتركة وأهداف تربوية حديثة توضع من قبل المجتمع المدرسي.

كما تشير الدراسات بأن البيئة التعليمية لاتقتصر على الغرفة الصفية فقط، وإنما تمتدّ خارج أسوار المدرسة وتخدم المجتمع المحلي، لذلك فقد أصبح التركيز على المتعلم والتعرف على مستوى قدراته وحاجاته ومتطلباته وأساليب تعلمه أساساً لتخطيط تلك البيئة والعمل على تهيئة أنماط متعددة من الخبرات والمواد التعليمية التي تدفعه وتسانده في تعلمه، إذن الأنشطة تكسب الطالب مهارات التعلم الذاتي والبحث والحصول على المعرفة والتعامل معها واستخدامها، بالإضافة إلى أنماط التفكير الإبداعي العلمي، والتفكير الموضوعي، وتحقيق ودعم المشاركة والمسؤولية المجتمعية في تخطيط التعليم وإدارته، بما يضمن مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية.

فماذا لو تولت المناهج الدراسية الإهتمام الكبير بالأنشطة اللاصفية مثل زيارات الأندية العلمية والمتاحف ومؤسسات البحث العلمي والمراكز الإنتاجية، وتطبيق العلم العملي الميداني، فبدلاً من تعليم النباتات وأنواعها وموسم زراعتها وطريقة نموها نظرياً، يتم زيارة مواقع زراعة هذه النباتات بواسطة المعلم والطلبة على أرض الواقع بزيارة الطبيعة والوقوف على أرض الواقع وتدوين الملاحظات ومناقشتها عند الرجوع للصف الدراسي بالمدرسة؟ وهنا يمكن للمعلم مساعدة الطالب على إتقان أكثر من طريقة للتعلم، كالتعليم التعاوني والابتكاري والاستشكافي والاهتمام باللغات الأجنبية باعتبارها أداة للتواصل مع الآخرين.

وقال سيترو منذ ألف عام في ذات السياق: إن أعظم هبة يمكن أن نقدمها للمجتمع هي تعليم أبنائه، إذن للمعلم دور في الأخذ بيد الطالب لأن ينخرط مشاركاً ومؤدياً للأنشطة بشقيها الصفي واللاصفي، حيث صار دور المعلم ميسراً ومنسقاً للتعليم داخل المدرسة، فوظيفة المعلم تهيئة البيئة المناسبة لتعليم الطلاب، وإيجاد تفاعل صفي يساعد على توسيع مدى هذا التعلم. أما طريقته فلم تعد اتباع خطوات محددة من خبراء أعلى منه، بل صار التدريس عملية تأملية نقدية، يفكر فيها المعلم في ضوء قناعاته التربوية وأساليب وطرائق تدريسه ويتفحصها في ضوء خبراته ليرى هل هي فعلاً ما يجب أن يعمله، وهل هي فعلاً تتناسب مع ما يريد أن يحققه من أهداف، وما هي السبل لتطويع تلك الطرائق وتغييرها لتتناسب مع واقع المواقف التعليمية التي يعيشها الصف الدراسي.
أخيراً، يكمن دور المعلم في استخدام الأساليب والإستراتيجيات التربوية الحديثة داخل حجرة الدراسة، وتفعيل الدور القيادي والأنشطة الصفية واللاصفية للطلبة، وتفعيل دور المدرسة في المجتمع، وتفعيل دور المجتمع المحلي وأولياء الأمور في البيئة التعليمية، ورفع روح الإنجاز والتحفيز وتفويض المهام والأدوار لأعضاء المجتمع المدرسي.

خبير المناهج وطرق تدريس اللغة الإنجليزية الدوحة – قطر

 

السوداني


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.