بعد نشر فيديو لم يستبعد فيه احتمال تصفيته بكورونا.. هل دفع الصادق المهدي حياته ثمنا لرفضه التطبيع؟

فتح مقطع فيديو للراحل الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي وإمام طائفة الأنصار في السودان بشأن احتمال تصفيته من قبل إسرائيل الباب لمطالب بفتح تحقيق دولي حول إمكانية إصابته بفيروس كورونا عن قصد كما أفاد في المقطع.

وفي تطور لافت، قال حزب الأمة القومي إنه شكل لجنة لتقصي الحقائق حول ما أدلى به المهدي في المقطع الذي سربته أسرته، ومن ثم يمكن أن يحدد الحزب ما إذا كان سيطلب تدخل وعون السلطات الحكومية.

وعلى مستوى الأسرة، قالت رباح ابنة الصادق المهدي الجزيرة نت إن ثمة شخصية سياسية -تحفظت على الكشف عنهاـ اتصلت بالأسرة وتحدثت عن خيوط يمكن تتبعها.

وتشير رباح إلى أن هذه الشخصية إذا تمكنت من الإتيان بمعلومات يمكن للأسرة أن تقيمها، ثم تطالب بفتح تحقيق حول إمكانية تعرض المهدي للاغتيال.

لكن مسؤول العلاقات الخارجية في حزب المؤتمر الشعبي محمد بدر الدين يذهب إلى أن إمكانية تصفية المهدي لمواقفه الرافضة للتطبيع مع إسرائيل واردة، ويدعو مباشرة لتشكيل لجنة تحقيق دولية.

بداية الشكوك

بعد مرور نحو 5 أشهر من وفاة الصادق المهدي متأثرا بكورونا بدأت الشكوك تساور أسرته وحزبه إثر تسريب هذا الأسبوع لمجتزأ مصور من محاضرة قدمها المهدي للفيف من عائلته أثناء إصابته بالمرض.

وقال المهدي في المقطع المصور “أنا مستهدف، الإسرائيليون يستهدفون الناس الذين لديهم فاعلية ضدهم ويقتلونهم، من أساليب الاغتيال الممكنة هذا الوباء”، في إشارة إلى كورونا.

وأضاف المهدي أنه لا يستبعد أن بعض المأجورين قد نقلوا إليه الوباء عمدا بالمصافحة أو السلام بالأحضان.

وتوفي الصادق المهدي -وهو آخر رئيس وزراء سوداني منتخب- في 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن عمر يناهز 85 سنة بالإمارات التي نقل إليها للعلاج، وذلك بعد نحو شهر من إصابته بفيروس كورونا.

توقيت الفيديو

وبحسب رباح -التي كانت أكثر أبنائه مرافقة له في أيام مرضه- فإن والدها أحس بالأعراض بشكل ملحوظ يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول 2020، وفي اليوم الذي يليه تم إجراء فحص كورونا لتتأكد إصابته يوم 29 من الشهر ذاته.

وتشير رباح إلى أن ما أدلى به الصادق المهدي كان جزءا من محاضرة طويلة ألقاها في منزل الأسرة بأم درمان مساء الخميس 29 أكتوبر/تشرين الأول، قبل نقله لمستشفى علياء وقبل سفرة إلى الإمارات للعلاج في 2 نوفمبر/تشرين الثاني.

وكان هناك حضور لافت في المحاضرة حول قضية التطبيع والتي اتسمت بالطول رغم معاناته من الفيروس، شمل أبناءه وبناته وأحفاده وأصهاره بحسب ما أعلنت رباح على فيسبوك، والتي نقلت فيها لأول مرة عن والدها قوله إنه “لا يستبعد أن يكونوا قد أرسلوا له من يحمل إليه الفيروس ليتخلصوا منه”.

وتقول رباح للجزيرة نت إنهن -بنات الصادق المهدي- كن مرابطات مع والدهن أثناء مرضه ولمسن أن همه الأساسي رفض التطبيع بكل أبعاده.

وفي ثاني يوم لتأكد إصابته (الجمعة) تحامل المهدي على نفسه والمرض ودخل مكتبه منذ الساعة العاشرة صباحا وحتى المساء ليدون مقاله الموسوم بـ”الحبل الرابط بين التطبيع والتركيع والتقطيع”.

السفر للإمارات

في ثالث أيام التأكد من الإصابة بكورونا، تقول رباح إن حالة والدها تدهورت وجرى نقله لمستشفى علياء، حيث اتضح تأثر الرئة بالفيروس، وفي اليوم الرابع حدث المزيد من التدهور، وفي ذلك اليوم وصلت طائرة إماراتية مجهزة.

وتضيف أن والدها رفض السفر للخارج بحجة أن العناية التي يجدها جيدة رغم أن مصر عرضت استقباله، كما أن الحكومة عرضت نقله إلى ألمانيا، لكن وبعد نصائح الأطباء وقرار مؤسسات الحزب سفره رضخ المهدي ليتم نقله إلى الإمارات في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

ويستغرب محمد بدر الدين سفر الصادق المهدي للإمارات للعلاج، في حين أنه معلوم حجم الوجود الإسرائيلي في هذه الدولة.

ويؤكد أن المهدي من الممكن أن يكون مستهدفا من إسرائيل، لأن الراحل قبيل إصابته بكورونا قدم محاضرة في جامعة الأحفاد للبنات ضد التطبيع وكانت ذات قيمة فكرية وسياسية عالية.

ويقول “حينها دعا لتكوين جبهة عريضة ضد التطبيع بالاعتماد على قانون مقاطعة إسرائيل، وهو موقف قوي تبناه حزب الأمة ثم حزب المؤتمر الشعبي وكل القوى الإسلامية”.

ويقول بدر الدين إن حديث الأسرة عن احتمال تعرض المهدي للتصفية مقبول، لأن الراحل تنبأ بذلك، وأي شخصية بتأثيره في مجتمعها ستكون مستهدفة كما حصل لشخصيات عربية وصلت لها يد إسرائيل الطويلة.

ويؤكد للجزيرة نت أنه بوصفه طبيبا فإن إصابة كل بيت الصادق المهدي -بمن فيهم الأطفال- تعد غريبة لأنه لم تحدث إصابة أسرة كاملة في السودان بكورونا، وهو ما يدعو للتفكير “هل هو أمر طبيعي أم لا، أنا أقول غير طبيعي”، وهو ما يطرح سؤالا: هل فيروس كورونا أم سارس الأعنف؟ وهل أخذت عينات في الإمارات لمعرفة نوع الفيروس؟

وتؤكد رباح المهدي أن الاغتيال من أساليب إسرائيل لتنفيذ مشروعها الخاص بإخضاع المنطقة، كما أن تصفية شخصية مثل والدها جزء من هذا المشروع.

محاولة اغتيال

وتقول رباح -وهي مساعدة رئيس حزب الأمة القومي وعضوة المكتب السياسي ومسؤولة الدراسات والمكتبة والنشر في الحزب- إن والدها سبق أن تعرض لمحاولة اغتيال.

وتضيف أنه في أغسطس/آب 2014 “تلقت الأسرة اتصالا ورسالة بريدية من الأمينة العامة لنادي مدريد جاء فيهما أنه يجب توخي الحيطة والحذر، لأن جهة ما لم ترغب في الاتصال بالأسرة مباشرة أفادت نادي مدريد بأن ثمة مخططا لاغتيال المهدي خلال اجتماعات لتحالف نداء السودان وقتها بأديس أبابا”.

وأشارت إلى أن الأسرة وقتها قررت إيفاد البشرى نجل المهدي -وهو ضابط في الجيش- إلى العاصمة الإثيوبية لحماية عميد الأسرة، وتضيف “لاحقا عرفت أن الجهة التي استهدفته هي إسرائيل”.

احتمال التحقيق

وتقول رباح المهدي “إنهم كأسرة لم يتخذوا قرارا بالتحقيق في الأمر، ولم يتم تداوله رغم أن بعض أفراد الأسرة يشكّون في شخصيات بعينها، لكن ذلك لا يرقى حتى الآن للذكر”.

وتتابع “لكن إذا توفرت من الشخصية التي تحدثت إلينا معلومات بعدها يمكن أن نتخذ قرارا”.

بدوره، كشف الأمين العام لحزب الأمة القومي الواثق البرير للجزيرة نت أن الحزب كون لجنة للبحث في هذا الأمر وإتاحة المعلومات لمؤسسات الحزب والرأي العام.

ويقول “شكلنا لجنة تقص للحقائق لتملكها للرأي العام وقواعد الحزب، نحتاج لمعرفة الملابسات والإطار الذي قال فيه الراحل هذا الحديث، وبعدها يمكن أن نحدد تدخل السلطات العليا”.

وفي السياق ذاته، يطالب مسؤول العلاقات الخارجية في حزب المؤتمر الشعبي بتشكيل لجنة تحقيق دولية لا تغيّب الحقائق كما حدث في وفاة ياسر عرفات.

ويؤكد “ندعم إجراء تحقيق على مستوى طبي عالٍ في المقام الأول وأمني”.

المصدر : الجزيرة

Exit mobile version