الفاتح جبرا : خطبة الجمعة

الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد أيها المسلمون (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ ») رواه الإمام أحمد وابن ماجه، وحسنه الألباني إخوة الإسلام : يقول بعض العلماء أن الناس في رمضان ينقسمون إلى ثلاثة أصناف فلينظر كل منا من أي الأصناف هو :

• صنف يحسه عبئاً ثقيلاً لا يرى فيه الا الحرمان والمشقة، وهذا هو المحروم الذي فاته خيراً كثيراً.

• صنف شمّر ساعد الجد، فختم القرآن وأدى الصلوات وتصدق ، لكنه لم يذق طعم العبادة والقرب من الله عز وجل، فكان قلبه قاسيا وعينه جامدة وهذا سرعان ما يفتر بعد رمضان

• صنف أدرك الغاية من صيامه وهي حصول التقوى، فكان همه رضا الله عز وجل وجنته والقرب منه والانس به والطمأنينة بذكره، وهذا هو الذي فاز فوزاًعظيماً. ومواقف الناس في صيام شهر رمضان قد بينها الإمام الغزالي عندما اعتبر أن الناس في صوم رمضان على ثلاث درجات:

• صوم العامة : وهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة فحسب، وليس وراء ذلك شيء، وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم عن هذا الصنف من الناس بقوله: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ ») رواه الإمام أحمد وابن ماجه، وحسنه الألباني

• وصوم الخاصة : وهو كف الجوارح عن الآثام، كغض البصر عما حرم الله، وحفظ اللسان عن الكذب والغيبة والنميمة، وكف السمع عن الإصغاء إلى الحرام، وكف باقي الجوارح عن ارتكاب الآثام، وهذا الصنف ينطبق عليه قوله صلى الله عليه وسلم: (وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ ، أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ )

• وصوم خاصة الخاصة : وهو صوم القلب عن الأفعال الدنيئة، والأفكار الدنيوية، وكفه عما سوى الله سبحانه بالكلية، وقد وصف الغزالي صاحب هذه الرتبة بأنه مقبل بكامل الهمة على الله، منصرف عما سواه، متمثلاً -في كل ذلك- قوله تعالى في سورة الأنعام : { قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ } ، وهذه رتبة الأنبياء والصديقين والمقربين من عباده المخلَصين. وتمام صوم خاصة الخاصة يتحقق بستة أمور: الأول: غض البصر وكفه عن الاتساع في النظر إلى كل ما يذم ويكره وإلى كل ما يشغل القلب ويلهي عن ذكر الله عز وجل الثاني: حفظ اللسان عن الهذيان والكذب والغيبة والنميمة والفحش والجفاء والخصومة والمراء وإلزامه السكوت وشغله بذكر الله سبحانه وتلاوة القرآن فهذا صوم اللسان، الثالث: كف السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه لأن كل ما حرم قوله حرم الإصغاء إليه.

ولذلك سوّى الله عز وجل بين المستمع وآكل السحت، فقال تعالى في سورة المائدة : (( سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ، فالسكوت على الغيبة حرام الرابع: كفُّ بقية الجوارح عن الآثام من اليد والرجل عن المكاره، وكف البطن عن الشبهات وقت الإفطار فلا معنى للصوم وهو الكف عن الطعام الحلال ثم الإفطار على الحرام، الخامس: أن لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار بحيث يمتليء جوفه، فمعلوم أن مقصود الصوم الخواء وكسر الهوى لتقوى النفس على التقوى، السادس: أن يكون قلبه بعد الإفطار معلقاً مضطرباً بين الخوف والرجاء إذ ليس يدرى أيُقبل صومه فهو من المقربين أو يرد عليه فهو من الممقوتين .

أيها الأحباب : كم هو حري بالمسلم أن يربأ بنفسه عن صوم العوام (وهو صوم البطن والفرج) وأن يأخذ بنفسه إلى مراتب صوم الخواص، ليكون من المقربين عند رب العالمين، وَلِيَصْدُقَ عليه قوله تعالى فى صورة الأقحاف: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ } اللَّهُمَّ اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً يا رب العالمين، اللَّهُمَّ بارك لنا في شهر رمضان، اللَّهُمَّ أرزقنا فيه القوة والاحتساب والعمل الصالح، اللَّهُمَّ أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللَّهُمَّ ارزقنا من فضائله ومغانمه ما يسرته لنا، اللَّهُمَّ أعنا على صيامه وقيامه (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

الجريدة

 


انضم لقناة الواتسب

انضم لقروب الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.