ما دلالات تحذير حمدوك من مصير مجهول ينتظر السودان؟

كشف رئيس الحكومة الانتقالية في السودان عبد الله حمدوك في خطاب موجه للشعب أمس الثلاثاء عن مخاوف كبيرة تهدد البلاد وتسير بها إلى المجهول على خلفية تدهور الأوضاع الأمنية.

وقال حمدوك مخاطبا السودانيين في خطاب بثه التلفزيون الرسمي: “لقد رأيتم ما آلت إليه الأمور الأيام الماضية من أجواء تنذر بالفوضى وإدخال البلاد في حالة من الهشاشة الأمنية، بلادنا مهددة بالدخول في حالة من التشظي والانقسام بسبب تدهور الأوضاع الأمنية”.

ما هى الرسائل التي أراد حمدوك توصيلها للداخل والخارج في خطابه للشعب؟

يرى وزير الإعلام السوداني الأسبق، بشارة جمعة، أن تحذيرات حمدوك من الفوضى والانقسامات في البلاد ليست جديدة، حيث سبق وحذرت القوى السياسية غير الموجودة في السلطة منذ وقت طويل من توجهات الحكومة والقوى التي حادت بالثورة عن أهدافها وانحرفت بها عن مسارها.

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، القوى السياسية المنخرطة في السلطة الآن أصبحت منشغلة بنفسها و أهدافها السياسية ومصالحها الذاتية والحزبية، نتج عن ذلك صراعات سياسية حتى بين هذه المكونات نفسها، والتي أصبحت الآن منظومة سياسية فرضت واقع سياسي جديد وليس فترة انتقالية.

وتابع جمعة قائلا: “أما بالنسبة للاختلالات في المجتمع نفسه فهى إفرازات لهذا السلوك السياسي الذي كان يحدث في الفترة السابقة بأساليب ومنهجية لم تكن موجودة في السودان من قبل، حيث تمت شيطنة كل القوى السياسية، وحتى المكونات التي تشترك معهم من القوى الأمنية، وبالتالي فإن سلوك الإضعاف والشيطنة أفرز واقعا جديدا”.

خطاب الكراهية

وأشار وزير الإعلام الاسبق إلى أن خطاب الكراهية إزداد خلال الفترة الماضية بصورة كبيرة، وزادت حدة الصراعات والحروب بين المجتمعات السودانية بلا مبررات، كل هذا بسبب عدم اتخاذ موقف حاسم وقوي من الحكومة، التي هى في تقديرنا حكومة ضعيفة لم تظهر هيبة الدولة وسلطتها وتطبيق القانون، وهذا ما أوصل البلاد إلى الحالة التي نعيشها اليوم، وهذا الأمر يحتاج من الحكومة أن تقوم بخطوات عملية، والحل في السودان لا يمكن أن يحدث ما لم تكن هناك مصالحة وطنية شاملة.

وحول تأثير الضغوط الشعبية ودعوات التحشيد في الشارع السوداني ردا على تصريحات رئيس الحكومة قال جمعة، بلا شك أن الموجة الثورية قادمة بعد أن زعموا أن الشارع ملك لهم، رغم أنه لم يكن ملكا لجهة ما، وقد خرجت الجماهير لأمور معروفة ومحددة، فالاحتجاجات التي تمت ثم اندلعت منها انتفاضة ثم إلى ثورة، كل هذا كان احتجاجا على الوضع الاقتصادي المزري في هذا الوقت، والمتمثل في عدم وجود الوقود والقوت، وهي أبرز مطالب المحتجين، بعدها دخلت إلى الثورة الأطراف التي تتصارع اليوم فيما بينها، علاوة على المحاور الإقليمية والدولية.

غليان في الشارع

وأكد وزير الإعلام السابق، أن الشارع السوداني يغلي اليوم، فالحكومة الحالية لم تنقذ البلاد من الحالة التي كانت تعيشها قبل الثورة، بل إنها لم تستطع حتى إيقاف الوضع على ما كان عليه قبل الثورة، بل أن الأمور وصلت إلى مراحل لم يشهدها السودان من قبل، فليس هناك رادع أو قانون.

وتابع: ” الحكومة اليوم تحكم من برج عالي بعيدا عن الواقع الذي يعيشه الناس، لذا فإن الوضع الراهن سوف يقودنا بلا شك إلى انفجار، ما لم يحدث تدارك من جانب الحكومة ووضع حلول توافقية تجمع كل الأطراف سواء كانوا في السلطة أو خارجها، سواء كانوا من حركات أو أحزاب سياسية ومجتمع مدني، حيث تحتاج الفترة الانتقالية إلى برنامج وطني متفق عليه، ليقودنا بدوره إلى ميثاق وطني جامع”.
نحو المجهول

ويتفق المحلل السياسي السوداني، النور أحمد النور، مع وزير الإعلام السابق بشارة جمعة، في أن تأزم الأوضاع السياسية والاقتصادية سوف يدفع البلاد نحو المجهول، لذلك يريد رئيس الحكومة بتحذيراته من الانقسام والفوضى أن يرسل رسالة إلى الداخل وإلى الخارج، بأنه إن لم يتم دعم السودان في هذه المرحلة، فإن البلاد يمكن أن تنزلق إلى الفوضى وهو ما يعد مهددا للسلم والأمن الدوليين.

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، تحذيرات حمدوك تهدف إلى تحريك المجتمع الدولي الذي تباطأ في دعم الحكم المدني والتحول الديمقراطي في البلاد، وبالتالي وضع البلاد على حافة الهاوية.

قوى سياسية سودانية تصف الحكومة بـ”الفاشلة” وتدعو إلى حراك جماهيري ضدها
واعتبر النور أن الرسالة الداخلية لتحذيرات حمدوك من الفوضى تشير إلى نوع من القلق والانزعاج من الانقسامات داخل قوى الحرية والتغيير والتي تمثل الحاضنة السياسية للحكومة، حيث صارت الحكومة اليوم “ظهرها مكشوف” بلا دعم سياسي، نظرا لأن التحالف الحاكم أصبح مفككا ومنقسما على نفسه، وبالتالي صارت الحكومة ضعيفة وبلا دعم سياسي، وهذا قد يؤدي إلى تشجيع المعارضة للتحرك في تلك المرحلة.

تشظي وانقسام

وأكد المحلل السياسي، أن الوضع الراهن تسوده حالة من التشظي والانقسامات داخل الحاضنة السياسية للحكومة، علاوة على الخلافات بين بعض الوزراء ولجنة التمكين، هذا بجانب الغضب المكتوم لدى بعض القوى السياسية التي شاركت في الثورة، والتي ترى أن بعض القوى اختطفت الثورة، وفي كل الأحوال فإن حالة التململ الشعبي والغضب تدفع البلاد نحو خيارات مجهولة، لذا كان رئيس الوزراء قلق جدا في خطابه الأخير وعبر عن هذا القلق بأكثر من صورة.

وكان حمدوك قد اعتبر في خطابه، أن الحل الحقيقي للمشكلات الاقتصادية التي تواجه بلاده تمكن في الإنتاج.

وقال رئيس الوزراء السوداني: “نحن نعلم أن الحل الحقيقي يكمن في الإنتاج، وتحريك قدرات الريف السوداني وتطوير موارده”، بحسب وكالة الأنباء السودانية (سونا).

وشدد على أن: “الحل الناجع لبلادنا في الزراعة والثروة الحيوانية، والصناعة التحويلية الناتجة عن ذلك”.

وأضاف حمدوك قائلا: “نعمل على جذب الاستثمار على ضوء رؤية واضحة وفق الأحزمة الخمسة للتنمية في بلادنا، واستخدام التقنيات الحديثة التي توفر الوقت والجهد والموارد. لكن هذا الأمر يحتاج إلى تمويل، وتمويل كبير جدا”.

وشدد رئيس مجلس الوزراء على أن البرنامج الاقتصادي الراهن للبلاد جاء تنفيذا لسياسات تم طرحها منذ أن تم اختياره لهذا المنصب.

ودعا حمدوك إلى الحفاظ على الأمن وعلى وحدة السودان من الانقسام، مؤكدا أن ما يحدث في بعض الأحيان من تخريب وتعدي على المواطنين وممتلكاتهم لا يشبه الثوار.

سبوتنيك

تعليقات الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.